نشرت صحيفة "24 ساعة" السويسرية الناطقة بالفرنسية تقريرا حول بوادر انطلاق السباق لخلافة
المرشد الأعلى للثورة
الإيرانية، علي
خامنئي، بعد تسريبات حول تدهور حالته الصحية.
وقالت الصحيفة إن معركة الوصول للمنصب الأكثر تأثيرا في الجمهورية الإيرانية بدأت مبكرا، بعد رواج معلومات متواترة مصدرها أجهزة استخبارات غربية حول إصابة علي خامنئي بسرطان البروستات في مرحلته الرابعة، وهو ما يعني أن المرض انتقل لأعضاء أخرى في الجسم، وبلغ مرحلة خطيرة. ونظرا لعمره البالغ 76 سنة، يقدر الأطباء أنه لم يعد أمامه أكثر من سنتين.
وأشار التقرير إلى أن خطورة حالة خامنئي باتت واضحة، بعد أن أجرى مرشد الثورة في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي عملية استئصال جزئي للبروستات، وهو ما روجت له الصحافة الإيرانية في ذلك الوقت على أنه نجاح باهر للعملية التي استغرقت نصف ساعة واستوجبت فقط تخديرا موضعيا. ونشرت وسائل الإعلام وقتها صورة للرئيس حسن روحاني في زيارة لعلي خامنئي.
وبعد أن أصبحت المتاعب الصحية التي يعاني منها خامنئي منذ حوالي عشر سنوات غير خافية على الرأي العام، رغم الرقابة المسلطة على تناول الإعلام للمسألة، وبعد أن قال الأطباء إن المرض لا يشكل خطورة كبيرة، يبدو أنهم تفاجأوا بانتقال الورم لأعضاء أخرى، وهو ما يعني دخوله في المرحلة الرابعة والأخيرة.
وأشار التقرير إلى التعتيم الكبير حول الحالة الحقيقية للمرشد التي لا يعلمها غير قلة من المقربين منه، من بينهم ابنه مجتبى خامنئي (45 سنة) الذي يتمتع بنفوذ كبير في الأوساط الدينية والسياسية، خاصة وأن والده يستشيره في أمور عديدة. كما رجح التقرير أن يكون أعضاء مكتبه الذي يديره محمد غولبيغاني والرئيس روحاني على علم بخطورة وضع المرشد.
ولاحظ التقرير أن حربا باردة تدور الآن في إيران بسبب الانقسامات حول المفاوضات النووية مع الغرب، بين المساندين لها مثل حسن روحاني وهاشمي رفسنجاني من جهة ومعسكر المحافظين المعارض للمفاوضات بقيادة علي خامنئي، حتى أن روحاني لوّح بإجراء استفتاء لأخذ رأي الشعب في الاتفاق الذي يمكن أن تسفر عنه المحادثات. وفي المقابل، نشرت صحيفة كيهان في السابع من شباط/ فبراير الماضي قبيل عيد الثورة الإيرانية مقالا اتهمت فيه روحاني ورفسنجاني بالعمالة لأمريكا وإسرائيل.
وقال التقرير إن مرض المرشد يمكن أن يؤثر على نتائج المفاوضات النووية في ظل هذا المناخ المتوتر، بما أن قبول إيران بأي اتفاق نهائي مرهون بموافقته، ولكن يبقى من الصعب تقدير حجم هذا التأثير الذي سيكون رهين تأثير مراحل العلاج على الحالة الجسدية والنفسية للمرشد.
ونقل التقرير في هذا السياق تساؤلات لأحد المتابعين للشأن الإيراني قال فيها: "هل سيفضل علي خامنئي الظهور على أنه من أوصل البلاد لاتفاق مع الغرب ورفع العقوبات وانتعاش اقتصادي، أم سيفضل التمسك بقيم الثورة الإيرانية المعادية للغرب؟".
وعلى كل حال، يقول التقرير، فإن بوادر ضعف المرشد لم تظهر حتى الآن، حيث ظهر بشكل جيد في الحادي العشر من شباط/ فبراير الماضي، وألقى خطابا لمدة نصف ساعة، ولكن تبقى إمكانية تدهور مفاجئ لصحته أمرا واردا ومؤثرا على اختيار من سيخلفه في قيادة البلاد.
وأشار التقرير إلى أن إيران شهدت يوم 21 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وفاة رئيس مجلس الخبراء آية الله رضا مهدوي (83 عاما). وتم على إثر ذلك اختيار آية الله هاشمي شهرودي البالغ من العمر 66 سنة ليخلفه بشكل مؤقت في رئاسة المجلس. وشهرودي رجل يعتبر من الشق المعتدل، رغم أنه مقرب من الخامنئي، وكان مسؤولا عن الجهاز القضائي لمدة عشر سنوات (1999 - 2009)، ويحتل مرتبة دينية رفيعة هي "مرجع تقليد" تخوّل له إصدار فتاوى. ولكن بعد ذلك قام مجلس الخبراء بانتخاب آية الله محمد يازدي (84 عاما) ليشغل المنصب بصفة دائمة، وهو يعد من المحافظين المتشددين، ويعني انتخابه أنه بات يتمتع بحظوظ وافرة لخلافة مرشد الثورة الإيرانية.
والمجلس هو مجلس ديني مكون من 86 رجل دين يتم انتخابهم في انتخابات عامة كل ثماني سنوات، ويختارون بدورهم المرشد الأعلى للثورة الإيرانية.
كما أشار التقرير إلى أشخاص آخرين يملكون حظوظا وافرة للوصول للمنصب، من بينهم آية الله صادق أمولي لاريجاني (54 عاما)، الرئيس الحالي للجهاز القضائي، وهو شقيق على لاريجاني رئيس البرلمان.
وهناك أيضا آية الله أحمد خاتمي (55 عاما) الذي يوصف بالمتشدد، ويلقي خطبة الجمعة في الجامع الأكبر بطهران، وآية الله أحمد جنتي (88 عاما)، وهو يوصف بالمتشدد جدا، ويرأس مجلس صيانة الدستور المكلف بالتصديق على كل القوانين التي يصوت عليها البرلمان والمصادقة على تقديم الترشيحات في الانتخابات. وقدّر التقرير أن سنة 2016 التي ستشهد انتخابات تجديد أعضاء مجلس الخبراء ستكون سنة فاصلة، وذات دلالة فيما يخص الصراع على خلافة خامنئي.
وأضاف التقرير أن هاشمي رفسنجاني وحسن روحاني سيكونان أيضا معنيين بهذا السباق، رغم أن توجهاتهما المعتدلة لن تساعدهم كثيرا على كسب التأييد. ولكن لم تستبعد الصحيفة السويسرية حدوث مفاجأة على غرار ما حدث سنة 1989 عندما نجح علي خامنئي، الذي كان يُعد وقتها معتدلا، في الصعود بفضل دعم الحرس الثوري، الذراع الحديدي للنظام الإيراني، وبفضل التنقيح الذي تم إدخاله على الدستور. كما لم تستبعد الصحيفة صعود مجتبى خامنئي الذي يقود وحدات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وخلص التقرير إلى أن الحالة الصحية للمرشد الأعلى تبقى بمثابة قنبلة موقوتة، لا يمكن التنبؤ بموعد انفجارها ولا بما ستسفر عنه من تغييرات في المشهد السياسي الداخلي والسياسة الإيرانية، فيما يخص الطموحات النووية والعلاقة مع إسرائيل والغرب والدول العربية.