ذكرت مجلة "جون أفريك" في سياق حديثها عن
اليمن أن "هذه الدولة بدون رئيس أو حكومة، وأن المحافظات لم تعد تستجيب لقرارات العاصمة، وأن الجيش عاجز ومنقسم، وأن مخازن الأسلحة تعرضت للنهب".
وقالت المجلة: "إن اليمن بعد أن شهد ثورة 2011 ضد الرئيس علي عبد الله صالح الذي كان يتولى السلطة منذ عام 1978، عانت من فشل العملية السياسية التي تم الدخول فيها لتحقيق الاستقرار، بعد أن تحولت عملية الانتقال إلى فوضى".
وذكرت "جون أفريك" أن "استيلاء الحوثيين على المباني الرئاسية والحكومية في صنعاء في 20 كانون الثاني/ يناير أدى إلى سيطرة هذه الميليشيا القادمة من الشمال على مقاليد الحكم في البلاد، وهو ما دفع بكل من الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء نحو الاستقالة".
وقالت المجلة : "إن الحوثيين الذين ظهروا منذ عام 2004 للدفاع عن مصالح الزيدية، وهي فرع من الأقلية الشيعية في البلاد، كانوا دائمًا يدعون بأن لديهم أجندة وطنية ورغبة في التوافق، حيث قال زعيمهم عبد الملك الحوثي في 27 من كانون الثاني/ يناير الماضي "إننا نبحث عن انتقال سلمي للسلطة على أساس التعاون، دعونا نذهب معا نحو التعاون بدلا من أن نتواجه ونتنازع وتخاصم".
ولكن التطورات الأخيرة وسياسة الأمر الواقع التي اعتمدوها في الشارع اليمني كانت مغايرة تمامًا للشعارات التي يرفعونها، حيث أعلن
الحوثيون عن حل البرلمان وتشكيل لجنة ثورية برئاسة ابن عم عبد الملك، محمد علي الحوثي، الذي أصبح رئيسا فعليًا للبلاد.
وشجبت كل من الأمم المتحدة وواشنطن ومجلس التعاون الخليجي هذا الانقلاب كما شجبه المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس السابق صالح، الذي كان الداعم الوحيد للحوثيين في السيطرة على العاصمة.
و أفادت المجلة أن الرئيس السابق صالح والحوثيين اتحدوا ضد من يعتبرونه العدو المشترك، وهم حزب الإصلاح التابع لجماعة
الإخوان مسلمين، والفائز بعد ثورة عام 2011، ولكنِ اليوم هناك لاعبان اثنان فقط في العاصمة هما صالح والحوثيون. رغم أن كلاهما لا يحظيان بثقة اليمنيين.
وأوضح تقرير "جون أفريك" أن الحوثيين قمعوا المظاهرات المناهضة لهم في صنعاء وغيرها من المدن الخاضعة لسيطرتهم، كما قاموا بتكميم وسائل الإعلام.
ونقلت المجلة تساؤل أحلام محسن، نائبة رئيس تحرير صحيفة "اليمن تايم" التي قالت "إن الحوثيين يقولون إنهم جاؤوا لإنقاذنا من التحول السياسي الذي أفلس وتحقيق أهداف انتفاضة عام 2011. ولكن من سينقذنا منهم؟" وفي 9 شباط/ فبراير الجاري وافقت هذه الميليشيا الزيدية على المشاركة في حوار تحت رعاية الأمم المتحدة، للتخفيف من قلقهم إزاء عزلتهم المتزايدة.
وأشار التقرير إلى أن "وسائل الإعلام الدولية تتساءل حول وضع مراكز صنع القرار في صنعاء وأن القلق تزايد في العاصمة بعد أن أعاد إطلاق النار في 20 كانون الثاني/ يناير في صنعاء للأذهان مفاجأة سيطرة الدولة الإسلامية على الموصل في العراق، مما يبين أن جيشا كان يتم تجهيزه منذ فترة طويلة في الخفاء".
وأوضح التقرير أن "هذا التمرد الذي تشكل في عام 2004 تحت رعاية القائد السياسي والروحي حسين بدر الدين الحوثي يقوم على الحنين إلى الإمامة الزيدية التي حكمت شمال البلاد منذ القرن التاسع إلى عام 1962، إذ كانوا يعرضون في خطاباتهم مواقفهم المعادية للولايات المتحدة والصهيونية، ويطالون بتمثيل أفضل في السلطة وبالسعي لإفشال تصدير الفكر الوهابي من السعودية، وكان اسمهم حركة أنصار الله ولكنهم الآن يحملون اسم مؤسس الحركة الذي توفي في عام 2004 بعد أن قتل في مواجهات مع الجيش اليمني الذي سعى لإضعاف هذا التمرد، ولكن هذا القائد خلف إخوته الثلاثة، بدءا بأخيه عبد الملك، الذي واصل على خطاه حتى وقف إطلاق النار عام 2010 بعد أن أسفرت الحرب في صعدة عن سقوط 30 ألف قتيل.
وتساءلت المجلة حول إمكانية أن يوحد التهديد الشيعي الحوثي القوى السنية في شبه الجزيرة العربية وأشارت إلى أنه في عام 2011 شارك الحوثيون في الإطاحة بعدوهم اللدود، الرئيس صالح ولكن الاتفاق الانتقالي الذي تم التفاوض حوله برعاية مجلس التعاون الخليجي اعتبره الحوثيون لصالح حزب الإصلاح.
وذكر التقرير كيف استفاد الحوثيون من الفوضى داخل الجيش بعد أحداث عام 2011 وهزيمة الميليشيات السلفية في الشمال، وكيف نجحوا في توسيع نطاق سيطرتهم على محافظة صعدة الواقعة على الحدود مع المملكة العربية السعودية وخارجها، ثم كيف استغلوا السخط الشعبي مع الإعلان عن الزيادة في أسعار البنزين في 21 أيلول/ سبتمبر عام 2014 للتسلل إلى العاصمة.
وأوضحت المجلة الفرنسية أن الاتفاق الذي تم توقيعه بحضور مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر المغربي كان يهدف إلى إعادة التوازن إلى الحكومة الانتقالية، ولكن مشروع الدستور المقدم في كانون الثاني/يناير الماضي حرم الحوثيين من أحد أهدافهم الأساسية وهي الوصول إلى البحر وهذا هو السبب الحقيقي وراء الاعتداء على المباني الرئاسية والحكومية في 20 كانون الثاني/ يناير.
وأفاد تقرير "جون أفريك أن الحوثيين يواجهون مأزقا آخر حيث أن الزيديين موجودون في الشمال ولذلك قد تجد هذه الميليشيات الشيعية دعما أقل في الجنوب من قبل
السنة، ويمكن أن يفرضوا سيطرتهم فقط من خلال إراقة الدماء".
واعتبرت المجلة أن الحديث حول المعركة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو مجرد ذريعة للتوسع العسكري الحوثي، ولكن في المقابل يبقى السؤال هل سيوحد التهديد الشيعي القوى السنية في الجانب الآخر.
كما تساءل التقرير عما إذا كان بإمكان السكان في صنعاء العودة إلى الاستقرار ونقل تساؤلات العديد من الثوار -الذين كانوا قد طالبوا في عام 2011 بإسقاط علي عبد الله صالح- حول فرص عودة الرئيس المخلوع أو ابنه.
وأشارت المجلة إلى أن مذهب الزيدية، الذي لم يعد موجودا إلا في شمال اليمن، هو مذهب أتباع الإمام علي بن زيد، السليل الخامس للنبي محمد من ابنته فاطمة، الذي قتل في الكوفة في 739. وهؤلاء
الشيعة يختلفون عن الشيعة الإسماعيلية الذين يؤمنون باثنين من الأئمة، في حين أن أغلبية الإيرانيين والعراقيين يعتقدون بوجود اثني عشر إماما.
رابط التقرير في مجلة "جون أفريك"
https://www.jeuneafrique.com/Article/JA2823p042.xml0/