بالرغم من كونه أحد المطالب الأساسية للقوى السياسية السنية، وشرطهم الأول للدخول في حكومة رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي، إلا أن العديد من البرلمانيين السنّة رفضوا الصيغة الحالية من قانون
الحرس الوطني بسبب وضعه ضمن المقاسات الملائمة للميليشيات الشيعية، داعين إلى إعادة النظر بمجمل القانون وكتابته وفق صيغة وطنية وبعيداً عن الحسابات الطائفية.
وقال مصدر من "لجنة إكمال الصياغات القانونية للحرس الوطني" التي تم تشكيلها من قبل مجلس الوزراء، إن "جميع المؤشرات الحالية تذهب إلى أن القانون لن يخدم تطلعات المكون السني، الذي كان يعقد الأمل على قوات الحرس الوطني من أجل حماية مناطقه، مبيناً ان النسبة الأكبر من التشكيلات العسكرية التي ستؤسس بموجب القانون ستذهب إلى المكون الشيعي.
وأضاف المصدر في تصريح لـ"عربي21" أن العدد الكلي لقوات الحرس الوطني سيكون 120 ألف مقاتل، تم توزيعهم بواقع 70 ألف مقاتل شيعي و50 ألف مقاتل سني، وسيتم توزيعهم على جميع المحافظات والمناطق التي تم تحريرها من سيطرة "الدولة الإسلامية" والمناطق الأخرى التي ينتظر تحريرها في الفترة المقبلة.
وبين المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن التعويل السني على إحداث توازن في المؤسسة الأمنية بعد تطبيق هذا القانون يبدو غير منطقي، لأن نسبتهم فيه ضئيلة قياساً إلى المكون الشيعي الذي يشكل العمود الفقري لقوات الجيش والشرطة الحاليين فضلاً عن الأجهزة الأمنية الأخرى، لافتاً إلى أن تخصيص عشرة آلاف مقاتل من الحرس الوطني لمحافظة مثل الأنبار يعد أمرا غير واقعي.
وتابع أن
الميليشيات الشيعية ستكون هي الرابح الأكبر في هذا القانون الذي ضمن لها إدخال 70 ألف من عناصرها ضمن تشكيلات قانونية، في وقت بقيت آليات وطريقة اختيار العناصر السنية مجهولة وغير معلومة إلى الآن.
من جهته، قال البرلماني عن تحالف القوى العراقية (أكبر كتلة سياسية سنية) طلال الزوبعي، إن ملاحظاتهم التي قدموها بشأن القانون لم يتم الأخذ بها ضمن الصيغة التي طرحها مجلس الوزراء، والتي أكد بأنها تؤسس الأرضية الشرعية والقانونية لعمل الميليشيات.
وأضاف الزوبعي، في تصريح لـ"عربي21"، أن لديهم الكثير من الملاحظات على الصيغة الحالية، وخصوصاً الفقرات التي تمهد لقانونية عمل الميليشيات.
وفي السياق ذاته، دعا وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي إلى إعادة صياغة القانون من البداية وبواسطة لجنة مؤلفة من كافة القوى السياسية التي لم يؤخذ بملاحظاتها ونقاطها في الصيغة الحالية من القانون.
وأوضح الجميلي في بيان تلقت "عربي21" نسخة منه؛ أن قانون الحرس الوطني هو أحد نقاط وثيقة الاتفاق السياسي التي قدمها تحالف القوى العراقية من أجل الدخول في الحكومة الحالية، مضيفاً أنه كان يجب أن يؤخذ رأي الأطراف السياسية فيه قبل أن يتم صياغته من مستشارية الأمن الوطني.
إلى ذلك، أشار المحلل السياسي عدنان الحاج إلى أن بوادر التمييز في تطبيق القانون بدت واضحة من الآن، كاشفاً عن حضور قادة من الميليشيات الشيعية إلى الاجتماعات الخاصة بوضع الصيغة القانونية لقوات الحرس الوطني، التي يرأسها القيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي.
ولفت الحاج في تصريح لـ"عربي21" إلى أن قادة بارزين ضمن ميليشيات الحشد الشيعية تحضر اجتماعات صياغة القانون وتناقش فقراته وتقوم بإلغاء بعضها وتضيف على الأخرى وبالشكل الذي يناسب عملها، في وقت يغيب ممثلون عن المجاميع السنية التي ستشكل قوات الحرس الوطني عن هذه الاجتماعات.
ونوه الحاج إلى أن قانون الحرس الوطني كان محاولة سنية لحماية مناطقهم بالطرق القانونية والدستورية و بعيداً عن التفرد الشيعي في تشكيلات الجيش والشرطة، مبيناً أن استقراء ردود الفعل السياسية والشعبية السنية تشير إلى إحباط كبير إزاء جدواها بعد تحويرها بما يلائم المقاسات الشيعية.