نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لديفيد باتي، حول تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش عن أوضاع
العمالة الأجنبية، التي تعمل في أكبر مشروع ثقافي في
الإمارات، الذي سيحوي متحفي كاغينهام واللوفر، حيث ذكر التقرير أن العمال معرضون للفقر المدقع والاعتقال والترحيل، إن هم اشتكوا من الظروف السيئة التي يعملون فيها.
ويشير الكاتب إلى أن تقرير المنظمة حول مشروع جزيرة
السعديات في أبو ظبي، وجد أن بعض العمال يتعرضون لظروف تصل إلى حد السخرة، حيث تمت مصادرة جوازاتهم، ويتقاضون أجورا قليلة بحيث لا يستطيعون دفع رسوم التوظيف، التي كان من المفروض أنها ألغيت. ولقيت محاولات بعض العمال الذين استاءوا من ظروفهم، سوء التعامل وعدم استلام أجورهم وتعسف الشرطة والإبعاد.
وتجد الصحيفة أنه بينما تشهد أبو ظبي عملية تجميل ثقافية بمليارات الجنيهات الإسترلينية، يشكو العمال الوافدون من بنغلاديش وباكستان من ظروف عمل سيئة.
ويبين الكاتب أنه بالرغم من أن تقرير المنظمة يقر بأن هناك تحسنا ما، إلا أنه يشكك في ادعاءات السلطات الإماراتية والمؤسسات الغربية المشاركة، مثل جامعة نيويورك والمتحف البريطاني، بأن هناك إجراءات فعالة للحفاظ على
حقوق العمال.
وتلفت الصحيفة إلى أن الباحثين وجدوا أن الإصلاحات القانونية التي تسمح للعمال بأن يغيروا رب
العمل دون موافقته، والتي تقضي بإلغاء ترخيص الشركات التي تجعل العمال يدفعون رسوم توظيف، لم يتم تطبيقها، ولم يجد العمال طريقة للشكوى، أو أنهم هددوا ليسكتوا.
ويقول باتي إن المقابلات مع أكثر من 100 عامل عامي 2013 و 2014، بينت أن هناك انتشارا لانتهاك حقوق العمال، بشكل مشابه لما وصفه تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش لعامي 2009 و2012، والتحقيقات التي أجرتها الـ"أوبزيرفر" وكذلك حملة العمالة في الخليج.
ويضيف الكاتب أن المتعهدين أخفقوا في دفع الأجور لشهور طويلة، ولم يجددوا عقود العمل والإقامات، ورفضوا دفع أجور نهاية الخدمة التي يستحقها العمال، تاركينهم في فقر مدقع، وقال كل من تمت مقابلته بأن الشركات الموظفة تحتفظ بجوازات سفرهم، ولم تعوضهم عن رسوم التوظيف، التي اضطروا لدفعها للحصول على العمل.
وتذكر الصحيفة أن هذا التقرير يأتي في الفترة التي تقوم بها الأمم المتحدة بالتحقيق في انتهاك حقوق العمالة الوافدة في الإمارات، وتقوم بالتحقيق منظمة العمل الدولية، بعد شكوى أبرزت ظروفا سيئة في السعديات، رفعها الاتحاد الدولي للنقابات.
وتقول منظمة هيومان رايتس ووتش إن "الإمارات شريكة في استغلال العمال في جزيرة السعديات. حيث تم تسفير 15 عاملا سابقا في مواقع جامعة نيويورك واللوفر عام 2013 و2014، بعد إضرابات احتجاجا على انخفاض الأجور، ويقول هؤلاء العمال إن المتعهدين الذين كانوا يوظفونهم تصرفوا بالتعاون مع السلطات، التي قامت باحتجاز وترحيل عشرات العمال"، بحسب الصحيفة.
وتنقل "الغارديان" عن اثنين من العمال عملا في موقع جامعة نيويورك، قولهما إنهما تعرضا للصفع من الشرطة ليعترفا بأسماء قادة الإضراب. وقال عامل يعيش في قرية السعديات لسكن العمال إن حوالي 500 رجل كانوا يسكنون هناك تم ترحيلهم، أو ألغيت تأشيرات العمل لهم بعد أحد الإضرابات.
ويورد التقرير ما قاله أحد العمال الذين يعملون في موقع اللوفر، بأن له أجورا غير مدفوعة تبلغ 1900 دولار أمريكي، بالإضافة إلى مستحقات نهاية خدمة تعود إلى عام 2005، ولم يقدم هو ولا زميل له في حالة مشابهة شكوى، بعد أن تم تهديدهما من الشركة الموظفة لهما.
وتذكر الصحيفة أن اثني عشر عاملا يعملون في موقع اللوفر قاموا برفع دعوى قضائية ضد المتعهد ذاته في محكمة دبي في شهر شباط/ فبراير، ولكن تم تأجيل القضية مرتين، وبقيت دون حل.
ويوضح الكاتب أن ثلاثة عمال بنغاليين يعملون في موقع جامعة نيويورك، قالوا بأنهم يتقاضون190 دولارا في الشهر، وهذا نصف ما وعدوا به عند توظيفهم، ولا يستطيعون المغادرة؛ لأنهم لا يزالون يدفعون الديون المترتبة عليهم للحصول على الوظيفة، بما في ذلك حوالي 2500 دولار رسوم توظيف.
ويجد التقرير أن كثيرا من العمال يعيشون في مساكن بائسة، ففي مركز مدينة أبو ظبي وجد أحد الباحثين 27 رجلا يعيشون في غرفتين مكتظتين، وكان بينهم 11 عاملا يعملون في الطلاء في موقع جامعة نيويورك، حيث يعيش 15 منهم في غرفة، و12 في الغرفة الأخرى، وتظهر لقطات فيديو للموقع وجود الحشرات في المطبخ، وأسلاك الكهرباء العارية في الحمام، وكان باب هروب الحريق مغلقا.
وطلب تقرير المنظمة من الإمارات العربية المتحدة وضع قوانين تجرم مصادرة جوازات سفر العمال، وتمنع تسفير العمال المضربين، كما طالب المؤسسات الغربية بالمشاركة في المشروع؛ للتأكد من أن ضمانات حماية العمال يتم تطبيقها، وأن يتم تعويض العمال الذين تساء معاملتهم.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في منظمة هيومان رايتس في الخليج نيكولاس ماكغيهان، قوله إن مئات العمال، إن لم يكن الآلاف، تم استدراجهم وتراكمت الديون عليهم، بحيث لا يستطيعون سدادها، ومن يحتج منهم "يتم ترحيله إلى بلده كالماشية، وبعضهم يرحل دون حذائه".
ويضيف ماكغيهان أن من بقي منهم في الإمارات يعملون الآن "تحت تهديد العقوبات، فيعلمون أنه إن انسحبوا من العمل يمكن أن تعتدي عليهم شرطة خاصة تلبس الأقنعة، فلماذا لم تشجب الحكومة الفرنسية أو جامعة نيويورك ذلك؟"
ويشير الكاتب إلى أنه لم يكن هناك رد من الحكومة الإماراتية على التقرير، بينما تم وضع باحثين تابعين لمنظمة هيومان رايتس على القائمة السوداء العام الماضي، وأخبرا أنه لن يسمح لهما بالعودة إلى الإمارات مرة أخرى، وهناك آخر منع من الدخول ثانية.
وتبين الصحيفة أن شركة التطوير والاستثمار السياحي في أبو ظبي، التي تشرف على بناء متحفي كاغينهام واللوفر ومتحف زايد الوطني، بالتعاون مع المتحف البريطاني، قالت إن استنتاجات التقرير لم "تعكس حقيقة الوضع على الأرض".
وبحسب آخر تدقيق لشركة برايسواترهاوس كوبرز، التي عينت من شركة التطوير والاستثمار السياحي في أبو ظبي؛ لرصد ظروف العمل، فإن الأخيرة لم تطبق سياسات العمل بانتظام، وبحسب التدقيق، فإن شركة التطوير والاستثمار فرضت عقوبات مالية على ثلاثة من ستة متعهدين، تبين أنهم خرقوا سياسات التشغيل عام 2014.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن التدقيق أعلن أن شركة التطوير والاستثمار وعدت بإدخال قواعد توظيف أكثر عدلا هذا العام، وقد أدخلت تحسينات على ظروف العمال، بما في ذلك خدمة غسيل للباب ومطابخ جديدة في قرية السعديات للسكن.