قال جمال الشيباني، مدير الصندوق الليبي لموازنة الأسعار، إن بلاده ستواجه أزمة دقيق في نهاية يناير الجاري، مع قيامها بالتصرف في كامل المخزون الاستراتيجي البالغ 136 ألف طن من القمح، ووضعه رهن إشارة المخابز، وأضاف أن معظم مصانع
الدقيق على وشك التوقف عن العمل بعد تزايد مستحقاتها لدى الصندوق، ما يجعلها غير قادرة على استيراد قمح من الخارج، وأعلن "الشيباني في وقت سابق عن موافقة مصرف
ليبيا المركزي على صرف 200 مليون دينار ليبي (153.84 مليون دولار) لفائدة الصندوق، الذي يخضع لوزارة
الاقتصاد، لتسديد مستحقات مصانع الدقيق للعام 2013
احتياطي صندوق موازنة الأسعار
وعادة ما يحتفظ صندوق موازنة الأسعار بـنحو 136 ألف طن احتياطي من الإنتاج، إلا أن النزيف المتواصل له جعل المخزون الحالي يكفي حتى منتصف شهر يناير الجاري فقط، ما يزيد أزمة الخبز، حسب الشيباني، وقال إن الديون المتراكمة على الصندوق تقدَّر بحوالي 3.233 مليارات دينار، منها 2.233 مليار دينار خلال العام 2013، ومليار دينار في النصف الأول من العام 2014، وأضاف "الشيباني" : إن موازنة العام الجاري لم يتبق منها درهم واحد، وإن تعاقدات الصندوق في الوقت الجاري ليست عبر شراء السلعة من المصدر مباشرة، ولكن عبر وسيط من الشركات الخاصة، وبسعر مرتفع نظرًا لعدم ضخ أموال بالصندوق.
وأكد مدير صندوق موازنة الأسعار، أن مخصصات الصندوق في موازنة 2014 غير المُسيّلة تقدّر بحوالي 1.8 مليار دينار ليبي، بينما ليبيا تستهلك 1.5 مليار دينار عن سلعة الدقيق فقط، و300 مليون دينار لا تغطي توريدات سلع الزيت والطماطم والسكر، وأشار إلى أن الحكومة المؤقتة منحت الصندوق سلفة مالية نهاية العام الماضي، قيمتها 800 مليون دينار لتغطية الالتزامات المالية لمصانع الدقيق، حتى لا تحدث أزمة، لكنها بحسب الشيباني،"لم تغط سوى جزء بسيط".
التعاقد مع شركات خاصة وسيطة
وردًا على سؤال عن كيفية قيام صندوق موازنة الأسعار بالتعاقد مع شركات خاصة وسيطة لكي تستورد السلع، بينما الصندوق كان يورّد سلعًا بالتعاقد المباشر مع المصدر خلال السنوات الماضية، قال "الشيباني" إنه استلم إدارة الصندوق نهاية العام الماضي، وعدم الاستقرار في البلاد كان السبب في اللجوء للشركات الخاصة ذات الأسعار المرتفعة جدًّا، وأضاف أن حدوث اشتباكات في مناطق معيّنة أدى إلى إغلاق الجمعيات الاستهلاكية، وأشار "الشيباني" إلى أن استهلاك الدقيق في ليبيا مرتفع جدًّا، إذ يقدّر بنحو 280 ألف طن شهريًّا، منها 160 ألف طن تستهلكها المخابز، و120 ألف طن تُوزَّع على المواطنين عبر الجمعيات الاستهلاكية. وفي السياق ذاته، أكد أن هناك ثلاث بواخر مُحمّلة بالسكر وصلت، السبت، الأولى حمولتها 22 ألف طن تفرغ في ميناء الخمس، والثانية 14 ألف طن، والثالثة 28 ألف طن، تفرغان في ميناء مصراتة البحري لتوزيعها على مختلف أنحاء البلاد.
الدعم من 12 سلعة الى 7 فقط
فيما أكدت الحكومة الليبية المؤقتة أنها قررت رفع
الدعم الحكومي عن ثلاث سلع أساسية في نهاية العام الجاري، وأنها سترفع الدعم عن جميع السلع بشكل نهائي في الربع الأول من العام المقبل، وكان الدعم السلعي في ليبيا يشمل 12 سلعة في عام 2011، قبل أن يبدأ رفع تدريجي للدعم عن السلع، ليقتصر في الوقت الحالي على سبع سلع أساسية فقط.
وقال الشيباني: إن السلع التي تقرر رفع الدعم عنها في نهاية العام الجاري، هي الزيت والسكر والطماطم، وأنه سيتم رفع الدعم عن بقية السلع في العام المقبل، لكنه قال إن رفع الدعم عن “الدقيق” بشكل نهائي مازال محل مشاورات في الحكومة الليبية.
ويعتبر صندوق موازنة الأسعار، وهو صندوق حكومي، تأسس من أجل تحقيق استقرار في أسعار السلع والخدمات، وتوفيرها بتكلفة مناسبة لجميع المواطنين، وتحدد السلع والخدمات التي يوفرها الصندوق أو يلتزم بموازنة أسعارها بقرار من الوزارات المختصة، وتنفق ليبيا ما يصل الى 1.6 مليار دولار سنوياً، لتوفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين، ويصل دعم الوقود والسلع الأساسية، في الموازنة العامة الليبية للعام الجاري، إلى 11.3 مليار دولار بارتفاع نسبته 7.6 بالمائة عن فاتورتها في موازنة العام الماضي.
رفع أسعار 5 سلع
وأقر المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان المؤقت)، في 22 يونيو الماضي الموازنة العامة الليبية لعام 2014، بقيمة 45.5 مليار دولار، وبعجز قدره 13مليار دولار، ورفعت الحكومة الليبية أسعار خمس سلع مدعومة منذ شهر مايو الماضي، ما سبب ارتفاع أسعارها في السوق السوداء أيضا، وشهدت الجمعيات الاستهلاكية، التي تقوم ببيع السلع المدعومة للمواطنين، ارتفاعا في أسعار بيع عدد من السلع، من بينها الأرز ومعجون الطماطم والسكر والزيت والشاي بنسب تصل الى الضعف، ويحصل المواطن الليبي على دعم للمواد الغذائية، يقدر بنحو 163 دولارا في الوقت الحالي، تشكل نحو 10 بالمائة من الإنفاق السنوي للمواطن.
وأوصت دراسة صادرة عن البنك الدولي، في مايو الماضي، بضرورة خفض الدعم عن السلع في ليبيا في خطوات متتابعة، وعلى مدى زمني واسع، ما يؤدي لتحقيق وفورات مالية في الميزانية، مع الحرص على عدم حدوث اضطرابات اجتماعية، وأكدت الدراسة أن إلغاء الدعم الكامل على المواد الغذائية والوقود، سيرفع معدل الفقر بنحو أربعة بالمائة ليصل إلى 21.7 بالمائة، وأن تقديم دعم نقدي مباشر للمواطنين سيكون كافيا لتثبيت معدلات الفقر.