بث ناشطون صورا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خلال الساعات الماضية صورا من أمام مرفأ
اللاذقية بالقرب من المشفى الوطني تظهر المغادرون من المدينة وهم يقفون في طوابير طويلة بانتظار السماح لهم من السلطات السورية بالتوجه لى الباخرة التي ستقلهم باتجاه مدينة "مرسين" التركية، خوفا من أن يتم سحبهم للخدمة في قوات النظام.
يقول ناشطون من المدينة لـ"عربي 21" إن "عشرات الشبان يغادرون يوميا من مرفأ اللاذقية وطرطوس باتجاه مدينة مرسين التركية هربا من الخدمة العسكرية التي يعود معظم الجنود منها جثثا محملة بفعل المعارك الدائرة في البلاد"، حيث أن "النظام لا يهجر شبان اللاذقية قسريا لأنه لا يجبرهم على الرحيل، ولكنه يجبرهم على القتال في صفوف قواته".
بدوره، أكد أحد مقاتلي حركة "أحرار الشام"، ويدعى أبو البراء، في حيث خاص لـ"عربي 21"، على وجود بعض جثث مقاتلي النظام المرمية على خطوط الاشتباك في ريف اللاذقية، وقال إن هؤلاء الشباب يحاولون الفرار بأرواحهم خارج
سوريا لعلهم يشقون طريقا الى الحياة في مكان لا يجبرون فيه على فعل شيء.
وقال ناشط إن "الجميع يدرك مدى استهزاء قيادات النظام السوري بمقاتليه، بل إن معظم الجنود لا يلقون أي اهتمام لدى القيادة السورية، فمن خدم في الجيش النظامي سابقا يدرك ما هي حقيقة المعاملة السيئة التي يلقاها المجندون وصغار الضباط".
وبيّن أن من يريد المغادرة من اللاذقية لا يمكنه ذلك دون أن يخضع اسمه للتدقيق والتفتيش طوال أسبوعين ومن ثم يمكنه المغادرة، حيث على كل من يريد أن يغادر تقديم إذن أو طلب سفر إلى فرع الأمن العسكري ومن ثم ينتظر أسبوعا أو عشرة أيام، وفي هذا الوقت تقوم جهة أمنية تتبع للنظام السوري بزيارة للشخص الذي قدم الطلب، وتسأله عن سبب سفره، وعادة ما تكون الإجابة هي البحث عن عمل ومصدر رزق جديد.
وقال الناشط إن هذه الجهة تجري دراسة أمنية وتقدمها لفرع الأمن العسكري، ثم يتم التدقيق في كون الشخص مطلوبا للخدمة الإلزامية أو لأحد أفرع الأمن الأخرى، ليراجع صاحب الطلب فرع الأمن بعد عشرين يوما على الأقل ليرى إن كان قد حصل على إذن سفر أم لا.
بدوره، اطلع الناشط هشام حج سليمان على وضع العائلات السورية التي تأتي عبر ميناء مرسين التركي، وقال في تصريح خاص لـ"عربي 21" إن "العائلات في اللاذقية لا تجد ما تأكله وتعاني فقرا شديدا، الأمر الذي يضطرهم للهجرة من سوريا. وأوضح أن عدد الشبان على متن كل سفينة يصل إلى 400 شاب سوري. ومع كل رحلة تخرج من اللاذقية يقوم الأمن باعتقال عشرات الشبان من السفينة قبيل مغادرتها، بحسب حج سليمان.
كما لفت الناشط الى أن نسبة 30 في المئة من المغادرين هم نازحون فلسطينيون، بالإضافة الى عشرات العائلات من بقية المحافظات السورية.
وبحسب سليمان، تشير الأنباء الواردة من ناشطين داخل المدينة إلى أنه "إذا استمر الحال على ما هو عليه سيكون وضع المدينة خطيرا جدا، وسيهدد بنزوح مدينة كاملة مستقبلا، لأن ما يتعرض له أبناء المدينة يندرج ضمن الهروب من بطش النظام"، مشيرا إلى أن "الجميع يدرك أن ما يحصل هو بعلم النظام السوري، وربما يكون أكبر المشجعين على
الهجرة من المدينة".
يشار إلى أن الساحل السوري بعمومه لديه خصوصية منذ بداية الثورة في آذار/ مارس 2011 بسبب الاحتكاك المباشر بين مؤيدي النظام ومعارضيه، حيث خرجت مظاهرات مناهضة لبشار الأسد في هذه المدن، وهو أمر لم ينل إعجاب النظام الذي عمل طوال الفترة الماضية على إحكام القبضة الأمنية، ما جعل الحياة في ظل هذه الحالة أمرا صعبا على أبناء المدينة.
ويحاول أبناء المدينة التأقلم مع كل ما تفرضه أجهزة النظام، ما يهدد بمزيد من عمليات النزوح إلى الخارج خوفا من بطش الأسد، ما ينذر بتغيير ديموغرافي في تركيبة السكان.