يبدو أن خطة وزارة الصحة
المصرية لعلاج نحو ثمانية ملايين مصري مصابين بفيروس التهاب
الكبد الوبائي "سي" بعقار "
سوفالدي"، تسير حثيثا على خطى تحولها إلى فضيحة لا تقل عن فضيحة إعلان الإدارة الهندسية بالقوات المسلحة عن ابتكار جهاز جديد لمقاومة الفيروس نفسه، ومعه الإيدز، ثم تراجعها عنه، بعد أن شبهه إبراهيم عبدالعاطي، مبتكر الجهاز، بإعطاء "
الكفتة" للمرضى!
فقد ذكرت صحيفة "المصري اليوم" الصادرة الأربعاء أن "رئاسة الجمهورية" طلبت ملف اتفاقية وزارة الصحة مع الشركة الأمريكية المنتجة للعقار، للوقوف على سبب إرسالها 50 ألف جرعة فقط، تكفي لعلاج 16 ألف مواطن، بدلا من 225 ألف جرعة، كما تم الاتفاق.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها قولها إن الرئاسة طالبت وزير الصحة، الدكتور عادل عدوي، بكتابة تقرير مفصل عن الصفقة، وأسباب عدم وضع شرط جزائي لضمان حق المرضى المصريين، خاصة أنه تم السماح بتسجيل الدواء في مصر، وبيعه بـنحو 15 ألف جنيه للعلبة الواحدة، وهو مبلغ مبالغ فيه مقارنة بالسوق الهندية، التي يباع العقار فيها بسعر 300 دولار (2200 جنيه) للعلبة.
وأضافت "المصري اليوم" أن "الرئاسة" استفسرت عن عدم إنشاء خط إنتاج للعقار في مصر حتى الآن، مقارنة باقتراب الهند من خط الإنتاج، والسماح لها بتصنيع الدواء وتصديره لـست دول أخرى، بالإضافة إلى اختيار الوزير خمس شركات، هي: إيبيكو، والمهن الطبية، والأندلس للصناعات الدوائية، وفارميد هيلث كير، وجلوبال نابي، لإنشاء خط إنتاج لـ"سوفالدي"، دون إجراء مناقصة أو الإعلان عن معايير لاختيارها.
ومن جهته، قال رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد الدكتور محمد عزالعرب، إن الوزارة تفرض حالة من السرية التامة على اتفاقيتها مع الشركة الأمريكية المنتجة للعقار، ما يثير العديد من الشبهات، بحسب قوله.
وأكد عزالعرب، في تصريحات صحفية، أن الاتفاقية بها إهمال وأخطاء جسيمة، وتهدر حق 8 ملايين مصري مصاب بالمرض، أبرزها عدم الإعلان عنها إعمالا لمبدأ الشفافية، والفروق الكبيرة بين اتفاقية الشركة مع مصر، واتفاقيتها مع الهند، التي حصلت على حق إنتاج "سوفالدي" محليا، وبالتالي ظهر الفارق في التسعير.
ومن جهتهم، نشر عدد من الصيادلة، ما قالوا إنه الموافقة الاستيرادية لنحو 3 كيلوجرامات من العقار الجديد لصالح وزارة الصحة.
وأكدوا أن سعر الكيلو الذي يمكن أن يصنع منه عشرات الجرعات يبلغ 10 دولارات، في حين أن تريد الوزارة بيع الجرعة الواحدة بـ 15 ألف جنيه، "لتتربح على حساب صحة المرضى"، على حد قولهم.
وفي سياق متصل، أعلن عضو مجلس نقابة الصيادلة الدكتور هيثم عبد العزيز بدء النقابة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مخالفات وزارة الصحة، التي شابت التعاقد مع شركة "جلعاد" لاستيراد سوفالدي لعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي الفيروسي سي.
وقال، في تصريحات صحفية له، الثلاثاء، إن المخالفات تضمنت غياب الشفافية والمعلومات التي تتعلق بمفاوضات استيراد العقار، وإن النقابة خاطبت وزارة الصحة لموافاتها بتفاصيل تسجيله وتسعيره وتوزيعه، ومثائله، بالإضافة إلى البروتوكول أو العقد الموقع مع الشركة الأمريكية، متسائلا: أليس من حق المرضى معرفة تفاصيل المفاوضات التي تمت بين الوزارة والشركة مالكة العقار؟
وأشار إلى أن وزارة الصحة رضخت لكل مطالب الشركة المنتجة في حين أنه كان بإمكانها التفاوض على التصنيع الاختياري للعقار محليا في شركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة؛ نظرا لكون المرض متوطنا في مصر ليتم إنتاجه بكميات كافية وبأسعار تناسب اقتصادات المريض المصري البسيط، بما لا يتجاوز ألف جنيه لـ"الكورس" العلاجي كاملا، بما يوفر للمريض وللدولة مليارات الجنيهات، ويسهم في إنعاش الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن وزارة الصحة اشترطت توقيع المريض على إقرار بموافقته على استخدام بياناته في الأبحاث، ما يتعارض مع كون الوزارة جهة خدمية منوطة بتقديم العلاج للمريض، ويتعارض أيضا مع حق أساسي للمريض، وهو حق العلاج.
وعلى الصعيد نفسه، قالت صحيفة "التحرير" إنه في الوقت الذي يضع فيه أكثر من 15 مليون مريض مصري بفيروس c آمالهم فى الشفاء من هذا المرض بالعقار الجديد سوفالدى، ضربت وزارة الصحة بآمالهم عرض الحائط، وفاجأتهم بالبدء فى العلاج بست محافظات فقط، بينما يبدأ نصيب بقية المحافظات في كانون الثاني/ يناير المقبل.
وأضافت أن شركات أدوية عالمية متعددة الجنسيات، ومتخصصة فى إنتاج عقار سوفالدى، لجأت إلى استغلال الوباء، لتحقيق أكبر ربح ممكن، في الوقت الذى يدفع فيه نحو 150 ألف مصري حياتهم سنويا لعدم قدرتهم على شراء العقار الجديد.
وفي المقابل، نفى الدكتور حسام عبد الغفار، مستشار وزير الصحة للشؤون المجتمعية، حصول مصر على عقار سوفالدي، بسعر أعلى من المقرر له في الاتفاقية المشتركة بين مصر والشركة المنتجة للعقار.
وأضاف -في مداخلة هاتفية على فضائية "أون تي في" الثلاثاء- أن "مصر تمكنت من الحصول على العقار بـ1% فقط من سعره المقرر في دول العالم الأول، وأن مذكرة التفاهم بين الوزارة والشركة المنتجة، تمت تحت إشراف قانوني شامل.
وتابع أن المحاكم المصرية، هي التي ستفصل في أي خلافات مع الشركة المنتجة للعقار، وفقا للعقد المشترك بين الجانبين، على حد تعبيره.