كتب
هشام ملحم: ما الذي يجمع معركة كوباني - عين العرب، والانتقادات الارتجالية التي وجهها نائب الرئيس جوزف
بايدن إلى حلفاء أميركا في
الخليج وتركيا، والانتقادات التي تضمنتها مذكرات وزير الدفاع السابق ليون بانيتا لأداء الرئيس
أوباما؟ كل هذه التطورات تتمحور على إشكالية الأسلوب القيادي للرئيس أوباما: الحذر المفرط والتردد في اتخاذ القرار، واعتماد استراتيجية الحد الأدنى وتفادي الحسم، والريبة في التعامل مع الحلفاء، وتحميل الآخرين مسؤولية الإخفاقات.
معركة كوباني تبين بوضوح ان استراتيجية الحد الأدنى في مواجهة خطر ما يسمى "الدولة الإسلامية" (داعش) تقضي بالتركيز أولا على العراق لوقف تقدم التنظيم في اتجاه بغداد وكردستان، والقيام بالحد الأدنى من الهجمات في سوريا لعرقلة امدادات "داعش" وقطع مصادره المالية (وقف إنتاج النفط) وضرب مراكزه القيادية. لذا فإن انقاذ كوباني ليس أولوية، وكذلك رفع حصار المعارضة السورية في حلب بكماشة النظام و"داعش". الحملة الجوية على "داعش" لا تزال محدودة، وهي مصممة لوقف توسع التنظيم أكثر مما هي مصممة لدحره وحتما ليس لهزيمته، لان ذلك يقتضي مشاركة قوات برية. واشنطن المتأخرة جدا في تدريب المعارضة السورية وتسليحها تخطط لتدريب خمسة آلاف مقاتل في عملية تبدأ في 2015 وتنتهي بعد سنة.
الانتقادات الارتجالية والمتهورة لبايدن، على رغم انها تتضمن حقائق لا يمكن نكرانها، تعكس شكوك البيت الابيض في الحلفاء العرب والاتراك، وهذه المشاعر تعكس مواقف أوباما ومساعديه في البيت الابيض واتصالاتهم مع الحلفاء، الذين يشككون بدورهم بثبات أوباما على مواقفه. ما قاله بايدن عن
تركيا صحيح الى حد كبير، فهي فتحت حدودها للجهاديين وسلحت بعض الفصائل الاسلامية المتطرفة، قبل ان تدرك حديثاً خطر "داعش". صحيح أيضاً أن أثرياء خليجيين تبرعوا بمبالغ كبيرة لتنظيمات إسلامية متطرفة بينها "جبهة النصرة" وغيرها ووفروا السلاح لها، قبل ان توقف دول الخليج وتحديدا الكويت المساعدات المالية وقطر مساعداتها العسكرية.
اللافت والنافر في كلام بايدن هو عدم تحميله النظام السوري مسؤولية تحويل الانتفاضة السلمية إلى صراع مذهبي، أو "تعايش" النظام مع "داعش" طويلاً والتقاء مصالح الطرفين في ضرب قوى المعارضة الأخرى التي كانت تحارب النظام. طبعاً لا يمكن أن نتوقع ان ينتقد بايدن تردد وتلكؤ رئيسه في التصدي لنظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيميائي أو تدريب المعارضة وتسليحها. أوباما وبايدن يحوّران التاريخ عندما يدّعيان أن المعارضة كانت دائما ضعيفة (أوباما) أو أنه لم تكن ثمة معارضة معتدلة (بايدن).
ولكن ما لم يقله بايدن، قاله ليون بانيتا: تردد أوباما في مساعدة المعارضة و"تذبذبه" في ضرب سوريا، بعث إلى العالم برسالة خاطئة.
(النهار اللبنانية)