بعد أكثر من خمسين يوما من تنصيب الرئيس دونالد ترامب، لا تزال معظم المناصب الرئيسية في الوزارات شاغرة، لأكثر من سبب من أبرزها رغبة البيت الأبيض في احتكار حق تعيين من يتولاها، بدل إعطاء الوزراء هذه الصلاحية، إضافة إلى أن العديد من الشخصيات الجمهورية التي تشغل عادة وظائف الدرجات الثانية والثالثة كانوا قد عارضوا ترشيح ترامب، ووقع العديد منهم عرائض نددت بترشيحه.
ولا يخفي بعض المسؤولين في البيت الأبيض شكوكهم في الأجهزة البيروقراطية، ومنها أجهزة الاستخبارات، وتحديدا وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية، وادعاءهم أن موظفين مؤيدين للرئيس أوباما والحزب الديموقراطي يقومون بدور "الدولة العميقة" التي تريد عرقلة أو تقويض سياسات الرئيس الجديد وطموحاته، وهذا ما يفسر دعواتهم إلى "تطهير" البيروقراطية من أي عناصر لا تدين بالولاء للرئيس ترامب.
رغبة البيت الأبيض في تعيين المسؤولين في المناصب البارزة في الوزارات المهمة، تعكس رغبة الرئيس ترامب وكبار مساعديه مثل ستيفن بانون مستشاره للشؤون الاستراتيجية وصهره جاريد كوشنر في احتكار صنع القرار على حساب الوزارات الأساسية. وعلى سبيل المثال، زار وزير خارجية المكسيك البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وعقد لقاءات مع مسؤولين مثل جاريد كوشنر. واعترف الناطق باسم الخارجية بأنه لم يكن على علم بوجود الوزير المكسيكي في واشنطن.
وكان البيت الأبيض قد فرض الفيتو على قرار وزير الخارجية ريكس تيليرسون قبل أسابيع من تعيين المسؤول السابق في البيت الأبيض أليوت أبرامز نائبا له؛ لأن أبرامز كان من موقّعي بيان ضد ترشيح ترامب.
وحتى الآن لم يعين تيليرسون نائبا له، أو وكيلا للوزارة للشؤون السياسية (المنصب الثالث في الوزارة) أو أيا من مساعديه المسؤولين عن مناطق جغرافية معينة، مثل مساعده لشؤون الشرق الأوسط.
ووفقا لتسريبات من وزارة الدفاع، هناك توتر متنام بين الوزير جيمس ماتيس والمسؤولين في البيت الأبيض، الذين رفضوا رغبته في تعيين ميشيل فلورنوي نائبة له؛ لأنها خدمت في الوزارة خلال ولاية أوباما. وازداد استياء ماتيس لأن البيت الأبيض مرة أخرى فرض الفيتو على قراره تعيين السفيرة السابقة في مصر آن باترسون وكيلة للشؤون السياسية؛ لأنها على حد قولهم لم تتخذ مواقف أقوى من الإخوان المسلمين. وكشف حديثا أن مستشار الأمن القومي أيتش. آر. ماكماستر أخفق في التخلص من مسؤول في مجلس الأمن القومي لأن بانون وكوشنر أقنعا ترامب بإبقائه في منصبه. هذه الممارسات تثير الأسئلة عن صحة التوقعات الأولية أن يتمتّع الجنرالات بصلاحيات قوية، وأن يساهموا جديا في صنع القرارات.