قالت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية إن المقاتلين السابقين الذين سلموا أسلحتهم قبل تسعة أعوام أعلنوا عن استعدادهم للعودة لخيار الكفاح المسلح، ويطالبون الرئيس
الفلسطيني محمود عباس بالتخلي عن خيار المفاوضات.
جاء ذلك في سياق العملية الدموية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في
مخيم جنين وأنهت حياة ثلاثة مقاومين فلسطينيين: حمزة أبو الهيجاء، نجل محمد أبو الهيجاء، أحد قادة "حماس" الذين حكمت عليهم محاكم إسرائيلية بالمؤبدات.. وقتلت إسرائيل إضافة لذلك يزن جبارين ومحمد أبو زينة.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي وصفت فيه الحكومة الإسرائيلية العملية بأنها مهمة وقضت على "خلية إرهابية"، إلا أنها هزت الهدوء الذي يسود مخيما لا يزال يحمل آثار الدمار الذي تعرض له بعد المعركة الدموية التي قتل فيها 53 من المقاتلين في الانتفاضة الثانية عام 2002 إضافة إلى 23 جنديا إسرائيليا.
وتذهب إلى أن مقتل الثلاثة في 22 آذار/ مارس الماضي يمثل الوجه الدموي لمحادثات السلام المتعثرة التي تقوم برعايتها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث كان من المقرر أن يكشف وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري عن خطة الإطار التي اقترحها نهاية الشهر الحالي.
وتتابع بأنه إلى جانب الضغوط التي يمارسها المقاتلون السابقون على عباس بشأن المفاوضات، فهم يطالبون الرئيس بوقف التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، حيث يرون فيها طريقة لتبادل المعلومات بين قواته الأمنية وأجهزة الأمن الإسرائيلية وتقود لملاحقة وتصيد الناشطين، مثل "أبو الهيجا".
ونقلت عن ثائر جبارين، أحد أعضاء كتائب شهداء الأقصى: "أقول لأبو مازن، أرجوك وقف المفاوضات والتنسيق الأمني لأنها لا تنفعنا، بل بالعكس تقوم بقتل شبابنا".
وتروي عن ثائر جبارين الذي جرح أثناء الانتفاضة الثانية وقضى خمسة أعوام في السجون الإسرائيلية، أن زملاءه من المقاتلين جاهزون لحمل السلاح من جديد مع نهاية الموعد النهائي للمفاوضات في 29 نيسان/ إبريل. وكان أعضاء كتائب شهداء الأقصى، الجناح المسلح في حركة فتح قد وافقوا على دعوة عباس لتسليم أسلحتهم قبل تسعة أعوام. ويضيف جبارين: "كتائب الأقصى والفصائل الأخرى جاهزه للمقاومة لأن أعضاءها لا يريدون استمرار قتل الفلسطينيين، وستقوم كتائب الأقصى بتوجيه الرد في المكان والزمان المناسبين". وقال أيضا: "لا أعتقد أن كل الفلسطينيين سيشاركون في الكفاح المسلح.. فقط من فقدوا كل شيء، مثل الذين يعيشون في مخيم جنين، حيث ستكون الشرارة".
وتروي عن محمد أبو علي، أحد المقاتلين السابقين في الانتفاضة الثانية، وهو يتلقى راتبا من السلطة الوطنية كمكافأة على تسليمه سلاحه، أن الجماعات المسلحة ترفض المقاومة الشعبية السلمية التي يدعو إليها عباس والقادة الفلسطينيون الآخرون، حيث علق قائلا: "نؤمن بالمقاومة المسلحة، أي سلاح يواجه سلاحا". ومضى يقول: "الهدنة التي وقعت عام 2005 (بنهاية الانتفاضة الثانية) ستنتهي في 29 نيسان/ إبريل، لأن إسرائيل تستخدم المفاوضات كغطاء لبناء المستوطنات واعتقال وقتل الفلسطينيين، ولن يكون هناك تمديد للمفاوضات، ولن تتفاوض كتائب الأقصى أكثر من هذا، ولو مددت فلن نحترم التمديد ولن تمثل السلطة الوطنية حينها إلا نفسها".
وتلفت إلى أن بعض المقاتلين ذهبوا باتجاه رفض إدارة عباس وأنها ليست أحسن من إسرائيل في معاملتها لسكان المخيم، حيث ترتفع نسبة البطالة بين سكانه الذين يقدر عددهم بحوالي 16 ألف شخص.
وتقول نقلا عن إياد حمدان، أحد أصدقاء "أبو الهيجا": "تقوم السلطة الوطنية كل يوم بمداهمات واعتقالات"، وقال إن زميله "أبو الهيجا" كان ملاحقا من قبل القوات الأمنية الفلسطينية وكذا الإسرائيلية، وأضاف: "يجعلوننا نعاني مثل ما يفعل الإسرائيليون، ولا يرى سكان المخيم فرقا بين الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الفلسطينية".
وتخلص إلى أنه، بعيدا عن المخيم ومعاناته، وفي مركز مدينة جنين الذي يعيش سكانه حياة مستقرة فلا شهية لديهم للمقاومة ويدعمون مواصلة المفاوضات. وتنقل عن ياسر كساروة، صاحب محل كمبيوتر، أنه "إن انتهت المفاوضات فسيبقى الأمر على ما هو، ولن تكون هناك
انتفاضة ثالثة، لأن الناس متعبون ولا يريدون المشاركة فيها، وإن لم يعملوا فسيجوعون، وما زلت أعاني من آثار الانتفاضة الثانية".