قالت الصحفية في موقع "هافينغتون بوست" الأمريكي، صوفيا جونز، إن
السياحة المصرية تضررت بشكل كبير رغم وعود الحكومة الحالية بتحسين وضعها، والآمال التي يعقدها الكثير من العاملين في السياحة على تحقق الاستقرار، وإيمان بقدرة المشير عبد الفتاح
السيسي -قائد
الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب- على حل مشاكل مصر الاقتصادية ومن أهمها قطاع السياحة.
وسجلت الصحافية بتقرير لها مشاهداتها في خان الخليلي، الذي كان يعتبر قبلة السياح بصناعاته التقليدية من النحاس والمواد الزخرفية، التي كان على كل سائح لمصر أن يمر بها، فيما توقفت الحياة عند أهرام الجيزة، حيث لم يعد لدى المرشدين السياحيين ولا جمالهم مصدر رزق، وبالنسبة للعربات التي تسير نحو شرم الشيخ ومنتجعات البحر الأحمر فهي لا تسير بدون حراسات مسلحة.
ويقول التقرير "عندما انتفض المصريون على الحكومة قبل ثلاثة أعوام لم يؤدي ذلك إلى انهيار الديكتاتور وحسب، بل أدت المظاهرات الجماهيرية وعدم الاستقرار السياحي والهجمات الإرهابية المتكررة إلى تدمير قطاع السياحة المصري الذي كان مزدهرا".
وتضيف جونز أنه "بالنسبة للذين لا يزالون اليوم يعملون في الصناعة، فالجواب الوحيد لمشاكلهم هو السيسي الذي يحضّر نفسه، ومن المتوقع أن يفوز بالرئاسة، وينظر إليه على أنه القائد الذي سيمنح الأمن للسياحة وقطاع التجارة".
وتنقل عن عماد نور، وهو من أبناء الجيل الثالث لعائلة تدير محلا في خان الخليلي قوله إن "السيسي هو الرجل الوحيد القادر على حل مشاكل مصر"، ويضيف أن السيسي هو من "يقوم بحل مشاكلها الأمنية".
ولكن على نور الانتظار طويلا حتى يتحقق الأمن، حيث كان نور يعتاش من صناعة الطاولات المزخرفة والفوانيس التقليدية وغيرها من الصناعات اليدوية التي تجذب انتباه السياح، أما الآن فحاله كبقية تجار خان الخليلي لا يرى أحدا في دكانه.
ويعلق بنوع من الفزع "نعتمد على السياحة (...) و إذا لم يكن هناك سياح حياتنا ليست جيدة".
وتشير الصحافية إلى أن الكثير من أصحاب المحلات حول دكان نور أغلقوا متاجرهم، وبحسب نور فإن الكثير من أصحاب الأعمال ملوا من انتظار تحسن الأحوال وغيروا مهنهم.
والمشهد لا يبشر بالخير عند أهرامات الجيزة "فهذه التي كانت تعج بالزوار، يلاحق الباعة المتجولون والمرشدون السياحيون بطريقة مزعجة أي شخص يبدو على مظهره أنه سائح، ويحتشدون حوله. أما الحافلات التي تحمل السياح من العاصمة إلى منتجعات البحر الأحمر فلا تسافر بدون قوافل عسكرية تحرسها، والفنادق التي كان تصخب بالحياة وأماكن الإقامة للشباب، فهي هادئة اليوم" وفق جونز.
وتعتبر السياحة جزءا مهما من الدخل القومي المصري، ففي الفترة ما بين 2009- 2010 كان دخل مصر من صناعة السياحة 11.6 مليار دولار أمريكي.
وانخفض الرقم في الفترة ما بين 2012-2013 إلى 9.75 مليار، ولكن الصناعة تعرضت لضربة قوية بعد انقلاب الجيش على مرسي في 3 تموز/ يوليو، حيث تراجع قطاع السياحة بنسبة 45%، وهذه أرقام تحدث بها وزير السياحة المصري هشام زازو لوكالة "رويترز".
ففي ظل الحكومة المدعومة من الجيش ارتفعت حدة المظاهرات والعنف.
وفي الأسابيع الماضية قام مسلحون باغتيال مسؤول بارز في الحكومة، فيما تقوم جماعات جهادية باستهداف مقرات الأمن في القاهرة، وقتلت الشرطة العشرات من المتظاهرين المعارضين للحكومة.
وكانت السفارة الأمريكية في القاهرة أصدرت بيانا في 29 كانون الثاني/ يناير حثت فيه رعايا الولايات المتحدة على تحديد حركتهم في المناطق التي يعيشون فيها، وحذرت من سفر الأمريكيين للمدن الأخرى باستخدام السيارات.
وأصدرت حكومات أخرى مثل بريطانيا تعليمات لرعاياها حثت على عدم السفر.
وتقول الكاتبة إن أساليب الحكومة القمعية ضد المعارضين وسجنها لهم وتصنيفها لجماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ليست كافية بنظر العاملين في قطاع السياحة، فهم يريدون أساليب أكثر شدة لإعادة الأمن.
وأضاف علي وهو صاحب شركة سياحة: "أنا ضد رئيس بخلفية عسكرية لكن لا يوجد هناك أحد" غير هذا الخيار.
ولاحظت الصحافية أن المصريين نسوا شعارات الثورة الأصلية "خبز حرية وعدالة اجتماعية"، وأصبحوا يهتفون باسم السيسي الذي تملأ صوره كل مكان في مصر.
وبحسب علي "هذا الرجل هو معبود الجماهير"، وإن "وافق كل واحد فأنا موافق".
ويقول علي أن السبب الذي جعله يواصل عمله في السياحة ولم يغلق شركته هو أنه بدأ ينظم رحلات للمصريين بعد أن مل من انتظار السياح الأجانب، وحتى نجاح هذه الفكرة يظل محل تساؤل في ظل انتشار نقاط التفتيش في كل مكان تحسبا من هجمات إرهابية.
وعلى خلاف علي الواثق من قدرة السيسي على حل مشاكل مصر، هناك البعض ممن يشكون ولا يتوقعون الكثير منه كما يتوقع أتباعه.
وبحسب شادي حامد من معهد بروكينغز فإن "فكرة قدرة السيسي على وقف العمليات الإرهابية غريبة في نظري"، مضيفا أنه "في ظل حكم السيسي خلال الأشهر السبعة الماضية زاد عدد العمليات الإرهابية بشكل كبير، ويبدو أن طريقته في معالجة الأمور تقوم على القوة المفرطة.
وليست هذه هي الطريقة التي يُهزم من خلالها الإرهاب".
ويقول كريم التمامي الذي يملك فندق "ذهب" الذي لا يبعد الكثير عن ميدان التحرير "لو أصبح السيسي رئيسا، فإن الإخوان المسلمين أو غيرهم سيغضبون أكثر".
وقال التمامي إن فندقه ذي الأسعار المعقولة لم يحقق نزلاء كما كان في الماضي.
ويصف الوضع هذه الأيام بأنه مثل "جهنم". وعلى خلاف الكثير من المصريين الذين يرون أن انتخاب السيسي سيوقف العنف. فالاضطرابات لن تتوقف في الوقت القريب.
وبعد ثلاثة أعوام من الاضطرابات، فيقول التمامي إنه "لن يحدث أسوأ مما يحدث الآن". ومع أنه قام بإعادة فرش فندقه وغيّر من ديكوره حتى يجذب إليه مغامرون شباب لكن ذلك لم ينفع، "فلا أحد يريد زيارة بلد ينفجر".