منذ أن ألمح وزير الدفاع عبد الفتاح
السيسي الأسبوع الماضي إلى احتمال ترشحه للرئاسة في الانتخابات المقبلة وبعيد عن حملات "النفاق" والدعم التي حظي بها، خرجت أصوات من معسكر المؤيدين للانقلاب ترفض ترشحه لهذا المنصب.
وقال السيسي إنه سيترشح للرئاسة إذا "طلب" الشعب ذلك و"فوضه" الجيش، مؤكدا أنه لا يطلب "إمارة" لكنه لا يمكن أن يتخلى عن
مصر وشعبها.
تراجع الدعم الخليجي للسيسي
وكانت تصريحات في الأوساط السياسة والصحفية الخليجية معارضة لترشح السيسي للرئاسة قد ظهرت مؤخرا، ما أثار تساؤلات حول تغيير في مواقف تلك الدول المعروف تأييدها للانقلاب وعلى رأسها الإمارات والسعودية.
وكا أن أبرز تلك التصريحات ما قاله محمد بن راشد المكتوم نائب رئيس الإمارات حاكم دبي الذي أكد أنه يفضل عدم ترشح السيسي وأن يظل في منصبه وزيرا للدفاع.
وبعده، قال الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد، مدير قناة العربية، إن "السيسي بموقعه الحالي أهم من أن يكون رئيسا للجمهورية، حيث يعد حارس الدستور وحامي النظام، وعندما يتولى
الرئاسة سيصبح جزءا من المشكلة".
وتابع الراشد في مقال بجريدة الشرق الأوسط: "تحول السيسي من "رعاية الرئاسة" إلى الرئاسة نفسها ستضعه في مرمى المشكلات المتوقعة للسنوات الصعبة المقبلة، وقد يضطر إلى الاستقالة قبل نهاية فترة الرئاسة الأولى عند وصول الاحتجاجات لدرجة الغليان".
ولاحقا أكدت الإمارات - الداعم المالي الرئيسي لمصر بعد الانقلاب - أن تصريحات بن راشد كانت "نصيحة أخوية" بأن لا يترشح السيسي للرئاسة كعسكري، وأن ترشحه كمدني استجابة لمطالب شعبية هو أمر شخصي يخصه وحده.
وكانت صحيفة "المصريون" قد نشرت تقريرا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أكدت فيه وجود "توتر" بين الإمارات والمجلس العسكري المصري، وأن قيادات الجيش أرسلت الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل لأبوظبي لترطيب الأجواء إلا أن محاولته باءت بالفشل.
وأكد الكاتب السعودي البارز تركي السديري وجود تحفظ كويتي على ترشح السيسي للرئاسة.
أمريكا ترفض ترشحه
وقالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية إن معظم دول الخليج التي تقدم مساعدات لمصر تفضل أن يحتفظ "السيسي" بدوره العسكري الذي يبقي على قدرته في التحكم بمستقبل البلاد من خلال رئيس صوري لمصر يحركه السيسي.
وأوضح الكاتب محمد حسنين هيكل أن الولايات المتحدة الأمريكية ترفض أن يكون السيسي رئيسا لمصر.
كما نصح الخبير الأمريكي بمجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك الفريق السيسي بعدم الترشح للرئاسة، محذرا من أن ذلك "سيثبت الفكرة بأن انقلابا عسكريا حدث في مصر، وسوف يدفع الجيش مباشرة إلى قلب السياسة بما قد يكرر هزيمة 1967".
وتابع في تحليل نشره موقع المجلس أن الإحباط السياسي والتحديات الاقتصادية الهائلة سوف تستهلك السيسي وتثير غضب الملايين عليه.
ونشر موقع راديو إسرائيل "عربيل" الاثنين الماضي تقريرا حول محاولة أمريكا منع السيسى من خوض الانتخابات، وكشف أن وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيجل" طلب من شخصيات مصرية إقناع السيسي بعدم الترشح.
وأكد "عربيل" أن واشنطن أعربت عن عدم ارتياحها لتدخل الجيش في الحياة السياسية، موضحا أن وفدا أمريكيا رفيعا زار السعودية والامارات وحث كبار المسؤولين في الدولتين على الضغط على المؤسسة العسكرية في مصر لمنع السيسي من الترشح.
رفض من شركاء الانقلاب
وداخليا، قال الدكتور شعبان عبد العليم، عضو الهيئة العليا لحزب النور، و هو الحزب الإسلامي الوحيد الداعم للانقلاب، إن الحزب يتمنى ألا يترشح السيسي للرئاسة وأن يظل وزيرا للدفاع في تلك المرحلة.
وللمرة الأولى منذ الانقلاب، وجهت صفحة "أنا آسف يا ريس" على "فيس بوك"، المؤيدة للرئيس المخلوع حسني مبارك والداعمة للانقلاب أيضا، انتقادات حادة للسيسي، بسبب تصريحاته الأخيرة عن عدم السماح بعودة رموز نظام مبارك مرة أخرى للساحة السياسية، وقالت إن هذا التوجه يتناقض مع ما جاء في الدستور الجديد من عدم الإقصاء.
ويقول مراقبون إن فلول النظام السابق يشعرون أنهم أصحاب المجهود الأوفر في الانقلاب، وأنهم أبرز الداعمين للدستور الجديد، حيث تولوا بأنفسهم عملية الترويج والحشد للاستفتاء يومي التصويت الأسبوع الماضي.
كما نشر أبو العز الحريري، المرشح الرئاسي السابق، رسالة انتقد فيها السيسي بشدة، مؤكدا أنه لا يعرف له برنامج ولا رؤية لواقع مصر وكيف يمكنه النهوض بها.
وحذر الحريري، وهو أحد السياسيين المؤيدين للانقلاب، السيسي من الاغترار بالسلطة التي يستند إليها الآن، مضيفا: "لا تعرف المسؤولية التحجج بعدم الدراية السابقة، وأن تولى شخص ما المسؤولية دون خبرة سابقة يعد جريمة".
وفي تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" السبت قالت إن نسبة المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد البالغة 37%، لا تعد نجاحا باهرا، ومثلت إحباطا للسيسي.
وأضافت: عندما يحين وقت ترشح السيسي، سيجد نفسه أمام مهمة صعبة في حشد الناخبين للتصويت تحريك "حزب الكنبة"، ونقلت عن مسؤول بلجنة الانتخابات قوله إن قادة الجيش كانوا قد يرغبون في نسبة مشاركة أكبر، وهو ما لم يحدث.
وأكد المتحدث باسم التيار الشعبي المصري حسام مؤنس؛ رفض التيار لترشح السيسي، متسائلا: "عندما يطلب السيسي تفويضا من الشعب والجيش للترشح، فهل نحن أمام مرشح مدني أم عسكري".
وأضاف: "إذا جاء السيسي رئيسا للجمهورية وثار الشعب ضده فهذا يعني معاداة الشعب للجيش؟"، مضيفا: "لم يعلن السيسي حتى الآن ملامح برنامج سياسي له، فهل من المنطقي أن يطلب تفويضا من الشعب لترشحه دون برنامج؟".