دعت صحيفة "التايمز" البريطانية الوفود السورية في مونترو السويسرية إلى تحمل مسؤولياتها وإثبات أن الدبلوماسية يمكنها تحسين أوضاع السوريين.
وتحدثت الصحيفة عن الصور المرعبة التي كشف عنها مؤخرا، وتتعلق بمعلومات عن مصير 11 ألف سجين سوري اختفوا في السجون التابعة للنظام.
وقالت الصحيفة أنه إذا لم ينتج عن مؤتمر "جنيف2" أي شيء ملموس، فعلى المجتمع الدولي أن ينتهز الفرصة لإظهار ما هو أكثر من الدعم الحماسي والكلامي للسوريين الذين وجدوا أنفسهم في وسط النيران.
وحتى هذا الوقت لم يركز المؤتمر التي ستبدأ جلساته التفصيلية الجمعة 24/1/2014 إلا على قضية واحدة وهي مصير الرئيس السوري بشار
الأسد. فقد أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن مصير الأسد لا يتوافق مع إنشاء حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات. ولكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم رد قائلا إن مصير الأسد ليس بيد الولايات المتحدة أو أوروبا ولا بيد حلفائهم العرب، ولا بيدها نزع الشرعية عن رئيس منتخب.
وترى الصحيفة أن الطريقة الوحيدة لحل هذه المشاكل الصعبة هي إقناع الأسد بالتخلي عن السلطة بإرادته وبطريقة لا يتم فيها تفكيك البلاد.
فالأسد من الناحية الفنية سيرشح نفسه للرئاسة مرة أخرى في حزيران/ يونيو المقبل، وهي فرصة جيدة لحليفته روسيا كي تقوم بالضغط عليه. فالأسد لا يرى ضرورة للتنحي في الوقت الحالي طالما ظل مسيطرا ومتقدما عسكريا، ويتمتع بدعم قوي من قوات الجيش والأمن، وبدعم متواصل من الوقود والأسلحة القادمة من روسيا وإيران، فالأسد يشعر بالأمان في ظل هذا الوضع.
ومن هنا فحالة الرضا عن النفس هذه تعتبر عقبة أمام السلام. فالإجهاد الذي يعتبر شرطا من شروط البحث عن السلام لا ينطبق على الحالة السورية. فطالما ظل النظام يتمتع بدعم من الخارج وظلت الجماعات المتعارضة تحصل على دعم من السعودية ودول الخليج الأخرى فتستمر الحرب.
ولن يتحقق السلام إلا في حالة "وضعت السعودية وإيران خلافاتهما جانبا واتفقتا على تفاهم تكتيكي" في سورية.
وترى الصحيفة أن حمام الدم اليومي لا يؤدي إلا إلى "تعميق الكارثة الإنسانية، فهناك أكثر من 100 ألف سوري قتلوا منذ عام 2011. وهناك أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري وأكثر من 4 ملايين مشرد داخل بلادهم".
وترى الصحيفة ان هناك ما يمكن عمله في مونترو. فعلى المجتمعين الحصول على موافقة من حكومة الأسد لفك الحصار عن المناطق المحاصرة. ويجب التعامل مع الدول التي تدعم الجماعات المتشددة كي تقوم بتأمين الطرق المؤدية لهذه المناطق وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إليها. ويجب إعطاء المواد الغذائية والطبية أولوية. ويجب على الأمم المتحدة التفاوض مع الجماعات المحلية والتوصل لوقف إطلاق النار في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وتقول الصحيفة إن "تحقيق هذه الأمور سهل وكذا الحصول على تعهد من كافة الأطراف بعدم استخدام متفجرات ثقيلة في المناطق السكنية، فالحكومة تقوم باستخدام القنابل العنقودية وما يطلق عليها بالبراميل المتفجرة، ونسبة 90% من
القتلى جراء هذه التفجيرات هم من المدنيين".
ودعت الصحيفة لإنشاء مجموعة اتصال حكومية تسمح لكل من الولايات المتحدة وروسيا بتنسيق جهودهما، مما يفتح الباب أمام إيران والسعودية للمشاركة فيها.
وتختم الصحيفة بالقول إن "الدبلوماسية ظلت مشلولة بسبب تردد الولايات المتحدة وبريطانيا وحتى التهديد باستخدام القوة. ودفع الأسد على الامتثال للمطالب الدولية ستكون مشكلة كبيرة. ومع ذلك لا خيار أمام المجتمع الدولي، وهذه هي الساعة التي يجد فيها الدبلوماسيون شكلا فعالا من الأداء، والحل البديل هو أن نراقب جميعا بعجز تمزق سورية إربا إربا".