نصح خبير اقتصادي الحكومة السورية الجديدة، بعدم الالتزام بسداد الديون الباهظة التي تركها نظام الرئيس المخلوع بشار
الأسد.
وترك الأسد
سوريا في وضع مزر سياسيا واقتصاديا، واجتماعيا، وخسرت الليرة في آخر سنوات عهده 140 بالمئة من قيمتها.
ورغم أن مؤسسات الدولة السورية أُنهكت بفعل الفساد وسنوات طويلة من الحرب، خصوصا بعد تسخيرها إلى فئة قليلة مقربة من
النظام السابق، إلا أن المعارضة تتجه إلى الحفاظ عليها وضمان استمراريتها في المرحلة الجديدة.
ويقول الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام، إن "أسباب هذا التردي الاقتصادي تعود إلى فساد نظام الأسد البائد وفشله في إدارة الشأن الاقتصادي، وعدم الاستقرار السياسي وحالة عدم اليقين خلال الحرب الأهلية التي دامت سنوات طويلة، إضافة إلى بيع أصول الدولة ورهن مقدراتها للحلفاء الخارجيين ومن بينهم إيران وروسيا، والنتيجة تهاوي كل المؤشرات الاقتصادية".
اظهار أخبار متعلقة
مؤشرات مفزعة
ومن المؤشرات الدالة على فداحة الوضع الاقتصادي الذي ترك فيه بشار الأسد سوريا، "خسارة الليرة السورية نحو 140% من قيمتها خلال 10 سنوات، وانهيار الاحتياطي الأجنبي لدى مصرف سوريا المركزي ليصل إلى الصفر مقابل أكثر من 20 مليار دولار قبل عام 2010"، وفقا لمصطفى عبد السلام، الذي نبه كذلك في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أن "الأحوال المعيشية لغالبية السوريين سيئة، وانهارت الطبقة الوسطى".
فهناك 84 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، ونحو 13 مليون سوري يعانون من نقص حاد في الغذاء. أما معدلات البطالة فهي تزيد على الـ 60 بالمئة في أكثر المؤشرات تفاؤلاً.
ومن المنتظر أن ينصب التركيز بعد أن يستتب الأمن ويتم تكريس الفترة الانتقالية على إعادة الإعمار التي ستكون مشروعا هائلا ستعول فيه
دمشق الجديدة على جذب تمويلات دولية، خصوصا من الخليج العربي.. ذلك أن بشار الأسد دمر البنية التحتية بالقصف طيلة 13 عاما، كما أنها نسفت مناطق أخرى شهدت معارك طاحنة بين مختلف الجماعات العسكرية التي تنشط في سوريا.
ورغم أنه لا توجد أرقام رسمية عن تكلفة إعادة الإعمار، فإن بشار الأسد نفسه قدرها في مارس 2023 بنحو 400 مليار دولار. وكان لافتا وقتها أن هذا الرقم يعادل نصف تقديرات رسمية روسية تبلغ 800 مليار دولار.
وبصرف النظر عن مصدر هذه الأرقام وتقادمها، فإن "الكلفة الاقتصادية للحرب منذ عام 2011 بلغت 1.2 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي المفقود"، وفقا لمصطفى عبد السلام.
باع مقدرات الدولة
وإضافة إلى هذه التكلفة الباهظة، فإن سوريا الجديدة ستجد نفسها محرومة من السيطرة على قطاعات حيوية فوّتها بشار الأسد لحلفائه، حتى إنه "سارع إلى بيع أصول الدولة للوفاء بتلك الديون والأعباء المستحقة عليها عندما عجز عن سداد ديونه"، بحسب مصطفى عبد السلام.
عبد السلام قال إنه تابع عن كثب مسيرة بشار الأسد إلى الإفلاس الاقتصادي منذ "تنازل عن مناجم الفوسفات في تدمر، الأهم على مستوى الموارد الطبيعية، وعن رخصة تشغيل الهاتف الجوال ومحطات كهرباء ومستودعات ومحطات للنفط والغاز في مناطق سيطرته لإيران التي حمته من السقوط".
و"تكرر المشهد مع روسيا"، إلى أن "باتت غالبية موارد البلاد الطبيعية خارج مناطق سيطرته قبل سقوطه".
اظهار أخبار متعلقة
الاستقرار أهم
ومع ذلك، ينصح مصطفى عبد السلام، السلطات الجديدة بعدم سداد ديون النظام السابق وعدم الالتزام بالاتفاقيات التي أبرمها لتمويل حربه على السوريين.
وفي المقابل، يحث مصطفى عبد السلام على العمل على تأمين الاستقرار السياسي ليكون هناك "تحرك لدعم سوريا على مستويين اثنين".
ويتمثل المستوى الأول في "عودة الأموال السورية الضخمة المستثمرة في الخارج سواء في شكل سيولة نقدية وودائع أو استثمارات مباشرة"، بينما يتجسد الثاني في "الحصول على دعم عربي ودولي واسع خاصة من بعض دول الخليج الداعمة للثورة السورية منذ العام 2011".
وفي انتظار توفر شرط الاستقرار السياسي لجذب الدعم المالي الدولي، يتعين حاليا التركيز على ملفات عدة أبرزها "العمل على تحسين الأحوال المعيشية المتردية لمعظم السوريين، وخفض كلفة المعيشة ومعدل التضخم، ووقف قفزات الأسعار وتهاوي الليرة السورية وتفشي الفساد والرشى، ولاحقا تحسين البنية التحتية وقطاع الخدمات من شبكات مياه وطرق وصرف صحي وكهرباء واتصالات، والعمل على استعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، ويكفي القول إن تقديرات الخارجية الأمريكية تشير إلى أن ثروة بشار تبلغ نحو ملياري دولار"، وفقا لمصطفى عبد السلام.