الكتاب: بيت العناكش
المؤلف: سمير ساسي
الناشر: سوتيميديا للنشر
والتوزيع ـ 2019
عدد الصفحات: 139
مازلت متهيّبا الكتابة عن
أدب سمير ساسي
عموما وعن بيت العناكش تحديدا رغم قراءتي لها ..لأنّي أخشى ألاّ أنصف هذا النصّ الذي حاول أن يحكيَ
أوجاع المرأة التي سجنت ظلما وحرمت الحبّ الذي لم ينجح السجن والسجّان في اجتثاثه
من قلب البطلة المكلوم..
تشريح عقلية السجّان في عهد الاستبداد ليس
بالأمر الهيّن المتاح لكلّ صاحب تجربة سجنيّة. ولكنّ سمير ساسي له أناة وهدوء نادران
في تحويل اليومي السجني عملا فنيا جميلا رغم بشاعة الموضوع، أهي جمالية
"القبح" التي تصيّر التّعذيب القبيح نصّا أدبيّا جميلا أم أنّ الكاتب قد
اعتاد تلذّذَ الكتابة عن التّعذيب؟ أهو يكتب ليقبر الألم ويجعل القارئ هو الذي يتألم
بدلا عنه؟
السجن يترك على الجسم كلوما وندوبا وخدوشا ويترك في القلب أوجاعا أبديّة وفي العقل أسئلة حائرة بلا أجوبة: كيف يتجرّأ ابن الفقير على ابن الغفير يفترسه ضربا ولكما لمجرّد أن عيّن سجّانا في أحد سجون الدولة؟ من زرع ثقافة الانتقام في قلوب البسطاء المسحوقين سقاها حتّى أثمرت زقّوما؟ وما الذي جعل ثقافة التشفّي خبز السجّانين اليوميّ، بل خبز الدّهماء العوامّ؟
أظنّ أنّه ذلك وغيره أو هو بين بين، ولكنّ
المؤكّد أنّ الكاتب قد توصّل إلى نتيجة مفادها أنّه لا خلاص له للتخلّص من كلّ تلك
المشاعر المكبوتة والغضب المقموع إلاّ بأن يلقيَ بها جملة واحدة في وجه قارئ
متخيّل..
السجن يترك على الجسم كلوما وندوبا وخدوشا
ويترك في القلب أوجاعا أبديّة وفي العقل أسئلة حائرة بلا أجوبة: كيف يتجرّأ ابن
الفقير على ابن الغفير يفترسه ضربا ولكما لمجرّد أن عيّن سجّانا في أحد
سجون
الدولة؟ من زرع ثقافة الانتقام في قلوب البسطاء المسحوقين سقاها حتّى أثمرت زقّوما؟
وما الذي جعل ثقافة التشفّي خبز السجّانين اليوميّ، بل خبز الدّهماء العوامّ؟
لئن تخلّص سمير ساسي من أثقاله وانتقم لها
ومن سجّانيه وسجّانيها فإنّه قد أتعب قرّاءه وأدخلهم زنازين السجون رغما عنهم..
ولكنّ ظنّنا أنّ انتقام الكاتب بالقلم من العصا الغليظة كان لغاية المراجعة حتّى
لا تعاد تلك التجربة قد بدأ يخيب.. فها قد أصبحنا نخشى أن تعود عصا السجّان
الغليظة لتعبث باللّحم والعظم مجدّدا، ولكنّ هذه الأجساد قد وهن منها العظم، وأصحابها قد صاروا إلى كهولة سائرين إلى مشيب ..
سمير ساسي روائيّ بخلفيّة كاتب صاحب مشروع
فكريّ له رؤية للدولة والمجتمع متشبّع بثقافة نقد الذات دون ترذيل ولا تنزيه...
رام الإصلاح من خلال الكتابة والتدوين في بيئة يدرك سلفا أنّ عقليّة الجاثمين على
صدور السلطة فيها غير مشجّعة.. بيئة تتهارشها التفاهة والتعصّب الأيديولوجي
والأميّة السياسيّة ...
لذلك وغيره لا ندري أنشفق عليه أم نأسى على حالنا؟!!