وصف قضاة،
الحركة القضائية الأخيرة في
تونس، بـ"الخطيرة جدا" لما تضمنته من خروقات وعقوبات جماعية سلطتها السلطة ووزارة العدل على
القضاة الذين رفضوا العمل تحت الضغط وتنفيذ الأوامر.
وتحدثت جمعية القضاة التونسيين عن عقوبات طالت القضاة الذين دافعوا وما زالوا عن "استقلالية القضاء" عبر تنقلات تعسفية، وإبعادهم عن جميع المناصب القضائية الحساسة، مقابل تعيين قضاة موالين للسلطة "تحوم حولهم شبهات وعقوبات تأدبية سابقة في المناصب العليا، وهو ما ينذر بمخاطر كبرى لضرب الحريات والسياسيين المعارضين للنظام".
ومنذ نهاية أب/ أغسطس الماضي، شهدت الحركة القضائية التي تعطلت منذ قرارات 25 تموز/ يوليو، تغييرات كبيرة في التسميات ما أثار انتقادات واسعة من الهياكل القضائية وحتى من قبل سياسيين وشملت 1088 قاضيا.
هذا ودعا رئيس جمعية القضاة التونسيين، كل قاض تضرر من هذه الحركة إلى التوجه للمحكمة الإدارية للطعن.
حركة العقاب والتصفيات
وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي، إن "الحركة القضائية الأخيرة كارثية وخطيرة جدا لما تضمنته من خروقات وعقوبات بالتصفية الجماعية للقضاة الشرفاء".
وأفاد الحمايدي في تصريح لـ"
عربي21": "ندين بشدة وبصوت عال العقوبات التي طالت عديد القضاة عبر نقلهم تعسفيا وإرسالهم لجهات داخلية".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف، أن "هناك قضاة تعلقت بهم عقوبات تأديبية وإيقاف عن العمل بسبب خروقات فادحة، ولكن تمت ترقيتهم فقط لأنهم في ولاء تام للسلطة وهذا خطير جدا وضرب تام لاستقلالية القضاء".
وشدد الحمايدي، أن ما جرى "حركة ولاءات بكل ما للكلمة من معنى، وتصفية لكل قاض نزيه رفض الخضوع لتعليمات السلطة، وليست حركة لتطهير القضاء وهو مجرد شعار للسلطة الحاكمة".
وحذر الحمايدي من تسمية قضاة في دوائر القرار لضرب الحريات والناشطين والخصوم السياسيين، مشيرا إلى أن "هذه الحركة نالت بشكل جوهري من المجلس الأعلى للقضاء من خلال تغيير تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي على خلفية النزول بالرتبة لعضوين من هذا المجلس، وإحالة آخرين على التقاعد وكأنها عملية حل للمجلس المؤقت".
ولفت القاضي إلى أن المحكمة الدستورية ووفق الدستور الجديد تتركب من 9 أعضاء هم من قدماء رؤساء الدوائر، ولكن ما حصل أنه تم تبديل 7 رؤساء وإدخال 11 جدد، وبالتالي في صورة إرساء المحكمة الدستورية فإن السلطة تعلم مسبقا من سيكون فيها.
وعن الإجراءات القانونية المتاحة للاعتراض أو الطعن في الحركة أجاب الحمايدي، أن "الجمعية ستطالب السلطة بأن تبين للرأي العام كيف تم إنجاز هذه الحركة التي هي من صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء" .
وواصل القاضي: "سنطالب أيضا المجلس الأعلى المؤقت للقضاء عبر آلية حق النفاذ للمعلومة أن يطلعنا على التقرير الذي أرسله لرئيس الجمهورية، والتقرير المرسل من
وزارة العدل إلى الرئيس وذلك للكشف بشكل واضح وشفاف كيف تمت هذه الحركة".
وأكد الحمايدي، أن "الطعن يتم بشكل فردي وهو متاح لكل القضاة في أجل لا يتجاوز 7 أيام"، مضيفا أن "هناك قضاة طعنوا لدى وزارة العدل، ونحن ندعوا من تضرروا من هذه الحركة للتوجه للمحكمة الإدارية للطعن في القرارات".
اظهار أخبار متعلقة
القضاء الوظيفة
وتشير الأرقام إلى أن الحركة القضائية مست 40 بالمئة من القضاة المباشرين ليتم وصفها بالحركة الأبرز في تاريخ القضاة بتونس، وشملت 13 رئيس محكمة ابتدائية من أصل 29، وتغيير 16 وكيل جمهورية، كما تم تغيير 10 رؤساء محاكم استئناف من مجموع 16، و10 وكلاء عامين لدى محاكم الاستئناف.
ولم تتضمن الحركة أسماء القضاة المعزولين على الرغم من صدور قرار بات يقضي بإيقاف تنفيذ عزل 49 قاضيا من أصل 57 عزلهم الرئيس قيس سعيد بمقتضى مرسوم رئاسي في يونيو/ حزيران الماضي.
وقال القاضي عفيف الجعيدي في تصريح خاص لـ"
عربي21" (تم نقله إلى محافظة سليانة شمال غرب)، إن هذه الحركة "تظهر إعادة إنتاج القضاء الوظيفة الذي هو في خدمة السلطة السياسية ما يجعلنا نقول إنها خطيرة على البلاد وحق المواطن في قضاء مستقل".
وأكد أن "الحركة عصفت بمكتسبات القضاء المستقل والانتقال الديمقراطي، كل قاض يحكم بما لا يتماشى مع هوى السلطة تتم معاقبته ومن يخضع تتم مكافأته"، على حد قوله.
فيما قال القاضي رضا بوليمة، إن "الحركة لم تتضمن إنصافا للقضاة المعزولين على الرغم من حكم المحكمة الإدارية لصالحهم، وطغى عليها النقل التعسفي ".
وشدد القاضي في تصريح خاص لـ"
عربي21"، على أن "كل من تحرك وناضل في تحركات القضاة خلال الإضراب والاحتجاجات على قرار عزل 57 قاضيا وعند حل المجلس الأعلى للقضاء، تمت معاقبته وخاصة من أعضاء جمعية القضاة".
وشهد المرفق القضاىي خلال العام الماضي، تحركات احتجاجية من بينها تعطل العمل بالمحاكم طيلة شهرين، وإضراب قضاة عن الطعام ورفع شكاوى احتجاجا على ما اعتبروه "مذبحة ومظلمة" في حق السلطة القضائية التي تم في دستور 2022 انتزاع هذه الصفة عنها واعتبارها "مجرد وظيفة".