لا تخفي
دولة
الاحتلال تطلعاتها لاستغلال الموارد الاقتصادية التي تسيطر عليها لزيادة نفوذها
السياسي ومراكمة أرباحها المالية، وهو ما تمثل بالطاقة التي وضعها في العقد الأخير
في شرق البحر المتوسط في موقع استراتيجي متقدم، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالنظر في
خطواتها التالية الخاصة بصادراتها من
الغاز، وفي أعقاب حرب أوكرانيا.
مايكل
هراري السفير السابق، ذكر أن "ما قد يشجع الاحتلال على مزيد من استغلال موارد
الطاقة أن الحملات الانتخابية في
تركيا واليونان وقبرص انتهت، وبات لكل منها حكومة
مستقرة بما يسمح لها بدراسة السياسات المناسبة بطريقة أكثر توازنا وواقعية، لكن إسرائيل
لديها وضع مختلف ومثير للقلق، رغم تشكيل حكومة بأغلبية في الكنيست، وحاليًا تصدّر الغاز
إلى الأردن ومصر، التي تستهلك الغاز للسوق الداخلي المتعطش لمصادر الطاقة، وإعادة التصدير
في ظل أسعار الطاقة الجذابة الآن، وتسعى الآن للسماح بتصدير غاز إضافي من حقل ليفياثان،
وتعلق آمالها على الجولة الرابعة من العطاءات التي أغلقت منذ وقت ليس ببعيد".
وأضاف
في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "تل أبيب ستستمر في تصدير الغاز إلى مصر والأردن، رغم أن لديها فكرة قائلة بأن هناك حاجة لطريق
تصدير إضافي، اقتصاديًا واستراتيجيًا، ولديها اليوم ثلاثة بدائل رئيسية: أولها منشأة
الإسالة في البحر قرب حقل ليفياثان، وهو بديل تم رفضه تمامًا في الماضي نظرًا لارتفاع
تكلفته".
وأكد أن "البديل الثاني يتمثل في خط أنابيب إلى
قبرص، ومن هناك عبر منشأة التسييل على
الساحل القبرصي إلى أسواق التصدير ذات الصلة، وهذا البديل الذي تم طرحه في الماضي تم
وضعه الآن على جدول الأعمال مرة أخرى من قبل الرئيس القبرصي خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل،
وثالثها التصدير إلى تركيا وهي سوق طاقة كبير وقريب جغرافيًا، عبر خط أنابيب من حقل
الغاز".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار
إلى أن "لكل بديل مزايا وعيوبا اقتصادية وسياسية واستراتيجية، لكن الاعتبار الاقتصادي،
فيما يتعلق بتكلفة البديل الذي سيتم اختياره، والتوقعات المستقبلية لأسعار الطاقة في
السنوات القادمة، سيكون له وزن كبير بالتأكيد، لأن الوضع السياسي في المنطقة يعطي تل
أبيب مساحة للمناورة، حتى وإن لم تخل من معضلات معقدة. وفي هذه الحالة يجب على إسرائيل
أن تبحث عن أربعة خيارات رئيسية: أولها العلاقة الوثيقة المتطورة خلال السنوات القليلة
الماضية مع اليونان وقبرص، بسبب مجموعة واسعة وعميقة من المصالح، بما فيها المتعلقة
بالمستوى الأمني".
وأوضح
أن "الخيار الثاني متعلق بالصراع القائم مع تركيا بشأن مشكلة قبرص، لأنه سيكون
من الصعب للغاية الترويج لبديل قبرصي لصادرات الغاز دون إحراز بعض التقدم. وثالثها
العلاقة مع مصر، لأن تحسن علاقتها مع تركيا في الأشهر الأخيرة يخدم مصالحهما، ويتطلب
جهدًا مشتركًا لتوسيعها، رغم عدم انتهاء خلافات الرأي بين تل أبيب وأنقرة، وبوادر التساؤل
والشك بينهما، وستؤثر على اعتباراتهما في الفترة المقبلة. ورابعها الاتفاق البحري بين
إسرائيل ولبنان، رغم الطبيعة الإشكالية والمتفجرة للساحة اللبنانية، لكن الحاجة ملحة
لاستغلال الاتفاق بشكل إيجابي في ظروف إقليمية ودولية مواتية لصالح الطرفين".
تشير
هذه الخيارات والبدائل الإسرائيلية حول الغاز والطاقة إلى أن التحدي الذي يواجه دولة الاحتلال ليس سهلاً،
رغم حاجتها لتحسين موقعها الإقليمي في شرق البحر المتوسط، وأجواء الانفراج السائدة
في المنطقة في الأشهر الأخيرة. لكن الانقسام الداخلي فيها، والتشكيل المتطرف لحكومتها،
لا يؤديان في الوقت الحالي للاستغلال المطلوب للغاز، ما يزيد من حدة التساؤل والقلق
بشأن استقرار الساحة الإسرائيلية اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، وبالتالي فإن تعمق واستمرار
الأزمة الإسرائيلية، أو حتى تصاعدها، سيكون له تأثير سلبي على موقف الاحتلال الإقليمي،
وبالتالي وضع مزيد من العقبات أمام استفادتها من الموارد الغازية والطاقة.