فض اعتصامي رابعة
العدوية والنهضة، والذي قامت خلال قوات الشرطة والجيش بمجازر ضد مدنيين سلميين معارضين
لانقلاب الــ3 من يوليو 2013 في
مصر، والذي تفاوتت أعداد من قضوا فيه بين 670 شهيدا
بحسب وزارة الصحة و6000 بحسب المعارضة، والذي اعتقل على إثره الآلاف.. هو نتيجة لتجاذبات سياسية سبقت هذه
الأحداث بعام، وتحديداً بعد انتخاب مرشح
الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي
وتوليه مقاليد البلاد، وإن كانت مقدماتها مرتبطة بثورة يناير، وهي الحقيقة التي فهمها
لاحقاً من أيد المجزرة ومن قام بها، بعد أن تم إقصاؤه.
لقد كانت الفترة
التي "لم يحكم" فيها الإخوان البلاد رغم سيطرتهم على المجالس النيابية
والتنفيذية، فخّاً وقعوا فيه، نصبته لهم قوى يوليو بعسكرها ومدنييها والقوى
الدولية، ونفّذته وموّلته القوى الإقليمية، لكنهم ومع تكرار التاريخ وإعادته لنفسه
لم يتعلموا الدرس، وإن كان الفارق نوعيا بين ما حدث في 1954 وما حدث في 2013، مع
غياب عوامل مؤثرة كثيرة في 1954 بالمقارنة مع 2013 وعلى رأسها الإعلام والقوى
الإقليمية التي موّلت واستقطبت ودفعت أطرافا داخلية لإفشال التجربة، وفي ظل تحمّل
المعارضة "المدنية"، كما تسمّي نفسها، مسئولية التمهيد لإفشال التجربة.
لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الأداء غير الناضج للإخوان في هذه الفترة، وتراخيهم رغم انكشاف نوايا الثورة المضادة متمثلة في قادة القوات المسلحة ودولة يوليو العميقة، في كثير من المواقف، بداية من الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري لتقييد الرئيس المنتخب، وقبلها حل مجلس الشعب، وصولاً إلى البيان الذي أصدره في عصر الأول من يوليو
لكن أيضاً لا
يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الأداء غير الناضج للإخوان في هذه الفترة، وتراخيهم
رغم انكشاف نوايا الثورة المضادة متمثلة في قادة القوات المسلحة ودولة يوليو
العميقة، في كثير من المواقف، بداية من الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس
العسكري لتقييد الرئيس المنتخب، وقبلها حل مجلس الشعب، وصولاً إلى البيان الذي
أصدره في عصر الأول من يوليو، وأمهل فيه القوى السياسية 48 ساعة لحل الأزمة والتهديد
بأنه ما لم تنحل الأزمة فإنه سيعلن خارطة طريق يشرف على تنفيذها بنفسه، ليرد عليه
الرئيس في خطاب مطول تضمن المقولة المشهورة "الجيش فيه رجالة زي الدهب".
تعرف أحمد من
خلال زميله في الكلية، محمد، على الإخوان المسلمين، بعد أن صارحه عن الجماعة
ونشاطاتها، وبعد عدة نشاطات دعاه لها مع الجماعة دون أن يكشف عن هوية من كان معهم
من شباب في تلك الأنشطة. وافق أحمد أن ينضم للجماعة، ويشارك في أول معسكر لشباب
الجماعة ليقيم معهم الليل ويتلقى الدروس الدينية ويمارس الأنشطة الرياضية التي كان
من ضمنها مسابقة البالون، وهي مسابقة شرحها المشرف عن المعسكر، بعد أن وزع على كل
واحد من الشباب بالونا ربطه في ساقه وعليه أن يحافظ عليها دون أن ينفجر، وبعد نزال
مشوق حاول كل شاب أن يفجر بالون زميله ويحافظ على بالونه، وانتهى الأمر بفوز
أحدهم، أعطى المشرف درساً وعبرة من هذه المسابقة، بأن الكل حاول تفجير بالون زميله
لكنه لو لم يدخل في المعمعة ولم يحاول تفجير بالون زميله ما انفجر بالونه.
التاريخ يؤكد أن الحكم لو لم تصاحبه قوة فلا مكان للحاكم، وكم من حاكم تقلد إرثاً أو صدفة، أطيح به لضعفة، وفقدانه مقومات الحكم المختصرة في القوة. فالعدل وإن كان أساس الملك فإن القوة هي مناط إنفاذ هذا العدل، وحتى يتم ذلك فعلى الإخوان أن يعدّلوا منهجهم ويتعلموا من تجاربهم ودروس التاريخ، أو أن تصنع الأمة لها تياراً ثالثاً
لم يكن الإخوان
المسلمون يوماً ثوريين، رغم أن شبابهم كانوا أكثر حماساً في الثورة وأبلوا بلاءً
حسناً في مواقف كثيرة اقتضت التضحية، لكن قياداتهم المتشبعة بفكرة الإصلاح
والتغيير المتأني والبطيء للمجتمع تكبح جماح هذه الفكرة التي راجت في الوطن العربي
بنظرية الأواني المستطرقة، ورغم ذلك استفادت من الثورة وانخرطت فيها بعد تردد على
أمل الاستفادة منها وصولاً للمرحلة الرابعة من المراحل التصاعدية للتكوين، من بناء
الفرد والأسرة والمجتمع ثم الدولة، وصولاً لأستاذية العالم.
والجماعة رغم
وفرة العلماء فيها، لم تنتهج المنهج العلمي في المتابعة والمراقبة والتقييم وقياس
الأداء، ما يعني أن الجماعة لم تعرف إن كانت استطاعت أن تتدرج بالفعل في مراحل
التكوين وبَنَتْ الفرد ثم الأسرة بالفعل، وهل أصبح المجتمع قابلاً للتحول للدعوة ومن
ثم أصبح لديهم حاضنة شعبية تؤهل لبناء الدولة.
إن نظرية الحاكم
المتغلب التي يتكلم بها الجامية، والتي لا نؤيدها، إنما هي أمر واقع في التاريخ، من
لدن حتشبسوت ثم بروتس مروراً بحروب الردة وواقعة التحكيم، وصولاً لآخر انقلاب في أفريقيا
منذ أيام في النيجر. والتاريخ يؤكد أن الحكم لو لم تصاحبه قوة فلا مكان للحاكم،
وكم من حاكم تقلد إرثاً أو صدفة، أطيح به لضعفة، وفقدانه مقومات الحكم المختصرة في
القوة. فالعدل وإن كان أساس الملك فإن القوة هي مناط إنفاذ هذا العدل، وحتى يتم
ذلك فعلى الإخوان أن يعدّلوا منهجهم ويتعلموا من تجاربهم ودروس التاريخ، أو أن تصنع
الأمة لها تياراً ثالثاً يتخذ من العلم سبيلاً ومن القوة مركباً ومن العدل عباءة،
لنخرج من ثنائية العسكر والإخوان بثوبها الحالي.