مع تصاعد المخاوف
الإسرائيلية من تنامي القدرات
العسكرية لقوى المقاومة في قطاع
غزة، وعقب فشل كل العدوانات في القضاء عليها، بدأت
الأوساط السياسية والعسكرية في دولة الاحتلال منذ فترة تتحدث عن ما أسمته البحث عن
دافع سياسي، يتمثل في حشد
مصر لهذا الحل، وتحويل القطاع إلى كيان سياحي واقتصادي
متطور، ربما قد يجلب الأمل في حل سياسي مع
الفلسطينيين، دون أن يضمن توقف المقاومة
نهائيا.
الجنرال إيتان بن إلياهو، القائد الأسبق لسلاح
الجو الإسرائيلي، زعم أنه "مع مرور خمسة وسبعين عاما على إقامة دولة الاحتلال،
يتعزز جيشها، ويزداد وضعها الاقتصادي قوة، ويتحسن موقفها السياسي، ولكن في الوقت
ذاته، لم يتم العثور على حلّ للصراع مع الفلسطينيين، وأدى استمرار الوضع إلى شعور
باللا حلّ، كنوع من العجز السياسي الذي تشعر به دولة الاحتلال، لأنه في غياب حلّ
متفق عليه، فإن السبيل الوحيد المتبقي هو تشجيع وتعزيز ظهور واقع يقود إلى حالة من التعقيد الشديد الذي تواجهه إسرائيل في غزة".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت،
وترجمته "عربي21"، أن "هذا الواقع القائم في غزة منذ سنوات طويلة
أوجد إسرائيل في طريق يحتوي في داخلها واقع دولة غزة، ولعل الدرس المستفاد من
العمليات العسكرية التي شنّها الاحتلال على الفلسطينيين مرارا وتكرارا ضد قطاع غزة
يؤكد أنه من وقت لآخر تصبح حماس أكثر حذرا، وفي النهاية يتم قبولها كحاكم للقطاع،
ومع مرور الوقت، فإن سكان غزة وقيادة حماس وجميع الفاعلين السياسيين في المنطقة لا
أحد منهم يقترح عودة إسرائيل للسيطرة على غزة".
وأشار إلى أن "التاريخ والدروس يظهران أن
خطوة واحدة فقط هي التي تفصل الوضع الحالي في قطاع غزة عن التحول إلى دولة، حيث
تبلغ مساحة القطاع 362 كم2، يقطنها حوالي مليوني نسمة، ومعدل مواليده مرتفع
للغاية، وصحيح أنه في ظل هذه الظروف الكثيفة سيكون صعبا وغير واقعي إقامة دولة
مزدهرة، لكن من ناحية أخرى فإن هناك بعض البيانات التي تعزز من إمكانية قيام دولة
في غزة، فالقطاع مفتوح على البحر، وبتجفيف المناطق البحرية أمام الساحل في المناطق
البرية سيكون ممكنا إنشاء مطار".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أنه "لن تتداخل حركة المرور من وإلى
غزة وإسرائيل مع الطرق الجوية، وسيخدم ميناء تجاري سيتم إنشاؤه على شواطئ قطاع غزة
حركة البضائع إلى سيناء، وما وراء البحر الأحمر، ومن أجل تسريع العملية للدولة في
قطاع غزة، فلا تكفي الظروف الجغرافية، رغم أن الدافع السياسي ضروري، ومن هذا
المنظور فإن مصر تبدو لاعبا رئيسيا، لأن الحروب المستمرة بين إسرائيل وحماس
تحرجها، لذلك من المعقول الافتراض أن مصر تحت الضغط، والأمل في الهدوء، سترغب حتى
بزيادة مساحة قطاع غزة على حساب أراضي سيناء".
وأشار إلى أن "توسيع مصر لحدود قطاع غزة
جنوبا قد يصل لأطراف مدينة العريش، ومن الممكن أن نذهب لأبعد من ذلك مع رؤية دولة
غزة، حيث يوجد بين العريش وبورسعيد امتداد للساحل، قد تكون بنية تحتية مثالية
لإنشاء مشروع عالمي لمركز مالي، وتجارة حرة وترفيه، وغير ذلك، مثل إمارة دبي، ومثل
هذا المركز، سيكون له ميزة كونه يقع على ساحل البحر المتوسط وأقرب إلى العالم
الغربي، وسيخلق مئات آلاف الوظائف، لتكون مصادر رزق للمصريين والغزيين، ومصدر دخل
للحكومة المصرية".
اظهار أخبار متعلقة
وختم بالقول إنه "لن يتم بناء مشروع ضخم
بهذا الحجم إلا بمساعدة الحكومات التي ستنشأ فيها الرغبة والرؤية من أجل اقتصاد
أفضل، والمستقبل السياسي في الشرق الأوسط، وبمساعدة أموال الدول المانحة التي
سيكون دافعها الأعمال التجارية، صحيح أن هذه رؤية بعيدة، وتحقيقها مشكوك فيه، لكن
ميزتها أنها تخلق واقعًا دون الحاجة إلى اتفاق، وتتضمن في داخلها أفقا قد يوقظ
المنطقة على أفكار جديدة".
تكشف هذه الرؤية السياسية الإسرائيلية تجاه
غزة، وهي ليست الأولى من نوعها، عن رغبة بالوصول إلى عدة أهداف بخطوة واحدة، أولها
تعزيز دور مصر في غزة، وثانيها تجاوز الحل السياسي مع الفلسطينيين، والاحتلال لديه
أسباب وجيهة للترحيب بدور مصر، وزيادة دورها القائم فعليا في غزة، وتعزيزه بما
يتجاوز العلاقات الأمنية، والوساطات بين حماس وإسرائيل، من خلال الصفقات
الاقتصادية، والشراكة بإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، دون أن تضمن للاحتلال هدوءا أمنياً على الحدود الشرقية لقطاع غزة.