بعد مرور أسبوع على انعقاد المؤتمر الوزاري للدول المجاورة
لأفغانستان الخميس الفائت في مدينة سمرقند في أوزباكستان؛ وصل وزير الكيان المحتل إيلي
كوهين إلى تركمانستان قادما من أذربيجان لافتتاح سفارة للكيان في العاصمة
التركمانية عشق أباد وهي الزيارة الأولى منذ 30 عاما.
توقيت الزيارة يؤكد أن الكيان الإسرائيلي يحاول أن يقدم نفسه كلاعب
مهم ومفيد للولايات المتحدة الأمريكية في وسط آسيا؛ وذلك بعد أن طالب وزراء خارجية
الصين وباكستان وروسيا وإيران في بيان مشترك واشنطن وحلفاءها تحمل مسؤولياتهم تجاه
أفغانستان برفع العقوبات المفروضة عليها، وإعادة أصولها المجمدة؛ وهي دعوات باتت
مصدر إحراج للولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض عقوبات على أفغانستان تفاقم من
حجم المعاناة الإنسانية في البلاد وتعيق التنمية فيها.
البيان المشترك جاء في وقت أعلن فيه رئيس أركان وزارة دفاع طالبان (قارئ
فصيح الدين فطرة)، أنه بالرغم من تمكن بلاده من تجهيز 150 ألف جندي أفغاني للدفاع
عن البلاد وحفظ أمنها؛ إلا أن المجال
الجوي لأفغانستان لا زال غير آمن إذ يخضع لسيطرة طائرات أجنبية بدون طيار، بحسب ما
نقل عنه الخبير الأفغاني في الشؤون الاستخبارية (شفيع الله خان) على حسابه في موقع (لينكد
ان- .linkedin )؛ مضيفا أن الصين وعلى لسان وزير خارجيتها
بعد اجتماعه بنظيره الافغاني في سمرقند، وعدت كابول بتأمين المجال الجوي الأفغاني
لحركة طالبان عبر تزويدها بمنظومة دفاع جوي الأمر الذي يمثل تحديا للولايات
المتحدة في حال تنفيذه.
في المقابل فإن زيارة وزير خارجية الاحتلال (إيلي كوهين) للعاصمة الأذرية
باكو ولعشق أباد عاصمة تركمستان التي تقع على بعد 20 كم من الحدود
الإيرانية
وبرفقة وفد ضم 20 شركة إسرائيلية في مجال السايبر والأمن الداخلي والمياه والزراعة
جاء بمثابة الرد العملي على المؤتمر ومخرجاته في محاولة لخلط الأوراق واختراق أمن
دول آسيا الوسطى عبر أذربيجان بحجة مواجهة إيران وصولا لتقويض النفوذ الروسي
والصيني في الآن ذاته؛ وهي أهداف تتجاوز ما صرح به كوهين قبيل زيارته لباكو التي
قال فيها إن "الموقع الجغرافي لأذربيجان على الحدود الإيرانية يجعل علاقاتنا
مهمة للغاية وذات إمكانات كبيرة.. لبناء جبهة موحدة في مواجهة تحدياتنا المشتركة ".
أدوار مزدوجة يسعى الكيان الإسرائيلي للعبها في وسط آسيا تعلق بعضها
بإيران وأخرى تتعلق بفتح ثغرة تسمح للنفوذ الامريكي بالنفاذ الى دول اسيا الوسطى
عبر مبيعات السلاح والتجارة والدبلوماسية وعبر اللعب على التناقضات والهواجس
المحلية لدول اسيا الوسطى ؛ وهو ما فضحه توقيت زيارة كوهين الذي جاء بعد أسبوع من
اللقاء الوزاري في سمرقند؛ فوزراء خارجية كل من طاجيكستان وتركمانستان لم يوقعا
على البيان الرباعي المشترك في سمرقند الذي طالب الولايات المتحدة برفع العقوبات
عن أفغانستان.
تمدد النفوذ الإسرائيلي في آسيا الوسطى ليس قدرا؛ فمحاصرة الجهود الإسرائيلية التخريبة في آسيا الوسطي متيسر في ظل الممانعة الأفغانية والباكستانية والإيرانية والروسية والتركية للتواجد الإسرائيلي
أفغاستان ودول آسيا الوسطى تعد منطقة مصالح حيوية لروسيا والصين؛ فهي
واعدة بما توفره من نفط وغاز ومواد خام أبرزها
المعادن النادرة و المقدرة بـ 1.4 مليون طن في افغانستان وحدها؛ حيث تمكنت الصين
من اطلاق مشروع تعدين النحاس شمال العاصمة كابول وهي تطمح لاستثمار في المعادن
النادرة التي تلعب دورا مهما في صناعة اشباه الموصلات والبطاريات الكهربائية خصوصا
بعد ان اطلقت بكين حوالي 40 مشروعا رئيسياً لأشباه الموصلات
باستثمارات إجمالية تزيد عن 500 مليار يوان (74 مليار دولار) لمواجهة العقوبات الأمريكية .
الكيان الإسرائيلي يحاول أن يقدم نفسه كلاعب سياسي وأمني خادم
للولايات المتحدة في آسيا الوسطى وبغطاء خادع من الدبلوماسية ومد الجسور مع
الجاليات اليهودية في أذربيجان ودول وسط آسيا؛ وهو دور سيقود لصدام مع روسيا
والصين اللتان تكافحان لوقف تمدد النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى وبتناغم كبير
يتناقض مع المصالح الإسرائيلية وتوجهاتها السياسية؛ وهي ذات السياسة التي ستجد
معارضة باكستانية وإيرانية وأفغانية لأي محاولات للتمدد الإسرائيلي في منطقة وسط آسيا
فالمعوقات أكبر بكثير من المحفزات والصيغ الاحتفالية والاستفزازية للدبلوماسية الإسرائيلية.
أخيرا فإن نجاح الصين في تسريع المصالحة السعودية الإيرانية كفيل بأن
يفتح الباب لبكين للعب دور مماثل لتجسير
الفجوة في
العلاقات الأذرية الإيرانية؛ التي تشهد توترا كبير غذاها نشاط الكيان الإسرائيلي
على الحدود الأذرية الإيرانية بتوظيف التناقضات الجيوسياسية بين الجارتان
المسلمتان والشيعيتان أذربيجان وإيران.
ختاما..
تمدد النفوذ الإسرائيلي في آسيا الوسطى ليس قدرا؛ فمحاصرة الجهود الإسرائيلية
التخريبة في آسيا الوسطي متيسر في ظل الممانعة الأفغانية والباكستانية والإيرانية
والروسية والتركية للتواجد الإسرائيلي؛ وفي ظل الجهود الصينية المتوقعة لخفض التصعيد والمصالحة بين الجارتين
(طهران وباكو) لإجهاض النشاط الإسرائيلي ومحاصرة النفوذ الأمريكي وتصفيته في
المنطقة التي باتت حيوية لروسيا والصين والقوى الإقليمية المؤثرة.
hazem ayyad
@hma36