قال تقرير بصحيفة
واشنطن بوست، إن الهدوء الذي كانت تتسم به مدينة أريحا، تبدد، بعد أن أصبحت هدفا
لقوات الاحتلال
الإسرائيلي، على إثر الحصار الذي فرضته وقتلت خلاله خمسة من المقاومين
في المدينة.
وقال صحفيون في تقرير
مشترك، ترجمته "عربي21" إن إراقة الدماء في بلدة سياحية، تشتهر بآثارها
وفيلاتها الشتوية، وسط أسوأ مواجهات تعيشها الضفة منذ قرابة العقدين، تعطي صورة عن الوضع في
أريحا، في الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال تقوم بملاحقة اثنين من المقاومين، بزعم
توجههما إلى مطعم يهودي لتنفيذ عملية، على الطريق خارج أريحا.
ودارت مواجهات عنيفة مع
قوات الاحتلال، التي حاصرت مخيم عقبة جبر، وأشعل الأهالي الإطارات لإعاقتها، بعد
ساعات من الاشتباكات مع المقاومين، انتهت باستشهادهم جميعا.
وقال التقرير إن إسرائيل شنت في الأشهر الأخيرة سلسلة من
الغارات الدموية على المدن والقرى
الفلسطينية في إطار عملية "كاسر الأمواج".
ويسعى جيش الاحتلال، إلى قمع العمليات ضد المستوطنين، من قبل الجماعات المسلحة
الناشئة حديثا والتي تتمركز إلى حد كبير في مدينتي جنين ونابلس الشماليتين.
هذه المجموعات صغيرة
ولامركزية، يقودها شباب وغالبا ما تكون منظمة على مستوى محلي للغاية خارج الفصائل
الفلسطينية الرئيسية، ما يجعل من الصعب اختراقها أو السيطرة عليها.
إنه من غير المعتاد أن
يكون المسلحون من أريحا بدلا من نابلس أو جنين. وأريحا هي بلدة زراعية هادئة وموقع
سياحي في وادي الأردن تشتهر بمتنزه "أرض الموز"، وهي معقل للسلطة
الفلسطينية التي لا تحظى بشعبية متزايدة.
وتحظى أريحا أيضا
بشعبية بين الحجاج المسيحيين، الذين يستقلون التلفريك إلى أعلى جبل قريب لرؤية
المكان الذي يقول التقليد إن السيد المسيح صام فيه وأغراه الشيطان.
وأدان السكان العمليات
الإسرائيلية الأخيرة ووصفوها بأنها عقاب جماعي، وقالوا إن العمليات لن تنتهي حتى
ينتهي احتلال الأراضي الفلسطينية.
وقال جمال عمر رئيس
اللجنة المكلفة بإدارة مخيم عقبة جبر، إن "الاحتلال هو المشكلة.. كل الفلسطينيين
يخافون الآن على أبنائهم".
اظهار أخبار متعلقة
وحذر محللون من أن
انتشار العنف هو نتاج مزيج قابل للاشتعال من الفراغ السياسي العميق بين
الفلسطينيين وعودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يقود حكومة
يمينية هي الأكثر تطرفا في إسرائيل حتى
الآن. ومن بين أعضاء ائتلاف نتنياهو نشطاء من المستوطنين وقوميون يهود يطالبون بضم
الضفة الغربية وسياسات أكثر صرامة ضد الفلسطينيين.
وقال أيمن ضراغمة،
العضو السابق في المجلس التشريعي الفلسطيني في حركة حماس، إن المجموعة في أريحا
"قريبة" لكنها ليست منظمة أو تقودها حماس.
وقال المتحدث باسم
حماس، حازم قاسم، إن مزيدا من العنف سيتبع ردا عليه، وقال: "شعبنا ومقاومته لن
يتأخرا في الرد على هذه الجريمة".
نشر الجيش الإسرائيلي
صورة تظهر الأسلحة التي تمت مصادرتها أثناء الاقتحام، وهي خمس بنادق هجومية ومسدس
وبندقية محلية الصنع وذخيرة.
وتقع أريحا في جزء من
الضفة الغربية تسيطر عليه السلطة الفلسطينية، وقد أقيمت في اتفاقات أوسلو عام 1993
كخطوة نحو إقامة دولة فلسطينية. لكن بعد عقدين من الزمان، لم يعد هناك إيمان لدى
أي من الجانبين بحل الدولتين، حيث انتشرت المستوطنات الإسرائيلية، غير القانونية
بموجب القانون الدولي، في جميع أنحاء الضفة الغربية.
ووقف عوني لافي، والد
مالك لافي، 22 عاما، أحد الشهداء، في خيمة عزاء باردة لاستقبال المعزين يوم
الاثنين. وكان ينتظر أن يعيد جيش الاحتلال جثة ابنه. وقال لافي إنه لا يعرف أن ابنه
اشترى مسدسا. أطلق عليه لقب "الصبي المبتسم الذي كان بارا بوالدته".
حتى قبل مداهمة يوم
الاثنين، كان سكان المخيم يتعافون من توغل إسرائيلي كبير صباح يوم السبت استهدف
جزئيا عائلة عواد، والتي خسرت أربعة من أفرادها في مداهمة يوم الاثنين.
وقال عادل عوضات (61
عاما) إنه أثناء توغل السبت، أصاب صاروخان محمولان على الكتف منزله دون سابق إنذار
حوالي الساعة السابعة صباحا، بينما كان بداخله وأربعة أفراد آخرين من عائلته، بينهم ابن
شقيق يبلغ من العمر 16 عاما. ثم اتصل جندي إسرائيلي وطلب من العائلة الخروج بينما
كانت جرافة تحاصر المخرج الأمامي.
اظهار أخبار متعلقة
وقال إن الجنود جعلوا
الذكور من عائلة عوضات، الذين يعيشون في منازل مجاورة، يخلعون ملابسهم والوقوف في
البرد والمطر، بينما تم وضعت النساء والأطفال في سيارات جيب قريبة.
وقال حسن عوضات، 27
عاما، إن نحو 12 من أفراد عائلة عوضات اعتقلوا في تلك الليلة، وما زال ستة في
السجن.
بعد يوم واحد من تلك
المداهمة، بدأت عائلة عوضات بالفعل بإعادة بناء منزلها الذي دمرته أعيرة نارية.
وقالت ميس عوضات، 28
عاما، الجالسة في منزل أقاربها، الذي كانت فيه آثار الإصابة بالقنابل: "لقد كانت أريحا آمنة دائما. سمعنا عن هذه
الأشياء التي تحدث في مكان آخر ولكننا لم نتخيلها هنا". وقالت: "الآن
يبدو الوضع أسوأ من الانتفاضة الثانية".
ثم يوم الاثنين،
احتشدت النساء في منزل مزين بعلم حماس حدادا على أربعة أقارب استشهدوا في اقتحام
يوم الاثنين الأخوان إبراهيم (27 عاما) ورفعت عوضات (21 عاما)، وابنا عمومتهما أدهم (22 عاما)،
وثائر عوضات (28 عاما).
وقالت جدتهم سعدية
عوضات، إن أحفادها تابعوا عن كثب خلال العامين الماضيين حالات استشهاد فلسطينيين
وهدم منازل على أيدي القوات الإسرائيلية، وقالت إن غضبهم دفعهم إلى المقاومة
والاستشهاد.