كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الولايات المتحدة أرسلت مساعدات عسكرية لأوكرانيا من أسلحة خزنتها في دولة الاحتلال، مشيرة إلى أن التحرك الأمريكي يثير قلق المسؤولين
الإسرائيليين الذين يخشون من تأثير ذلك على العلاقات مع روسيا.
وقالت الصحيفة في
تقرير ترجمته "عربي21"، إن البنتاغون يعتمد على ترسانة ضخمة غير معروفة قام ببنائها في "إسرائيل" من أجل مساعدة القوات الأوكرانية التي تحتاج للقذائف المدفعية في حربها ضد روسيا، وذلك نقلا عنمسؤولين إسرائيليين وأمريكيين.
وتوفر الترسانة أسلحة وذخيرة للبنتاغون للاستخدام في نزاعات الشرق الأوسط. وسمحت الولايات المتحدة لإسرائيل لاستخدامها في حالة الطورئ.
وتعاني أوكرانيا من نقص في الذخيرة المدفعية الصالحة لدباباتها التي تعود للحقبة السوفييتية وتحولت لاستخدام القنابل المدفعية والمدافع التي قدمتها الدول الغربية لها.
وتمثل المدفعية عصب الحرب البرية لكل من أوكرانيا وروسيا، وتعتمد نتيجة الحرب على الطرف الذي تنفذ ذخيرته المدفعية أولا، حسبما يقول المحللون العسكريون.
اظهار أخبار متعلقة
ونظرا لانخفاض مستويات المخزون الأمريكي وعدم قدرة الشركات المصنعة للسلاح على ملاحقة التطورات المتسارعة في ساحة المعارك، فقد قرر البنتاغون البحث عن بديلين لإمداد القوات الأوكرانية، الأول في كوريا الجنوبية والثاني في "إسرائيل" التي لم يكشف في السابق عن استخدام الاسلحة الموجودة فيها بأوكرانيا.
وترى الصحيفة أن شحن القنابل المدفعية من المخزون الأمريكي في البلدين هي قصة عن محدودية القاعدة الصناعية الأمريكية والحساسيات الدبلوماسية لبلدين يعتبران مهمان للولايات المتحدة والتزما بعدم إرسال أسلحة قتالية فتاكة لأوكرانيا.
فقد رفضت تل أبيب، وبشكل مستمر إرسال أسلحة لأوكرانيا خشية من تدهور علاقاتها مع موسكو، وخافت من الظهور كمتواطئة في تسليح أوكرانيا إذا استخدم البنتاغون الأسلحة المخزونة لديها.
وتشير الصحيفة إلى أن حوالي نصف القذائف والتي عددها 300 ألف شحنت لأوكرانيا وصلت إلى أوروبا ومن المفترض أنها ستصل إلى أوكرانيا عبر بولندا، حسب المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين.
ويحضر عدد من المسؤولين العسكريين والدفاعيين من عدة دول للقاء في قاعدة رمستين العسكرية في ألمانيا يوم الجمعة لمناقشة إرسال دبابات وأسلحة أخرى لأوكرانيا، فيما يعمل المسؤولون الأمريكيون من خلف الستار لتوفير مقذوفات مدفعية كافية لكي يكون لدى كييف ما يكفي من الأسلحة لمواصلة هجماتها ضد الروس، بما في ذلك حملة الربيع العسكرية المتوقعة.
وقال الإستراتيجي العسكري السابق في البيت الأبيض مارك أف كانسيان: "مع جمود جبهة القتال، تحولت المدافع إلى أهم سلاح قتالي".
وفي تحليل نشر في الشهر الماضي عن معهد أبحاث السياسة الخارجية جاء فيه، أن استمرار تزويد أوكرانيا بالذخائر وبخاصة المدفعية منها وقطع الغيار، يمنحها الفرصة لكي تستعيد مناطق كبيرة سيطر عليها الروس و"السؤال هو إن كانت هذه الميزة كافية لاستعادة القوات الأوكرانية مناطق تحصنت فيها القوات الروسية" حسبما كتب روب لي ومايكل كوفمان في التحليل.
وتقول الصحيفة إن توفير
الذخائر المدفعية هي جزء من استراتيجية أمريكية أوسع لتحسين القدرات العسكرية الأوكرانية من خلال توفير الأسلحة الدقيقة والتدريب والدبابات الغربية والعربات العسكرية.
وتعهدت الولايات المتحدة بإرسال مليون قذيفة مدفعية من عيار 155 مليمتر جاء جزء كبير منه من الترسانة الأمريكية الموجودة في "إسرائيل" وجنوب كوريا، كما أرسلت دول أوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا واستونيا وكندا مقذوفات مدفعية من عيار 155 ميليميتر.
ويطلق الجيش الأوكراني 90.000 جولة من الضربات المدفعية كل شهر، أي ضعف ما تنتجه المصانع الأمريكية والدول الأوروبية معا، ويتم تعويض النقص من مصادر أخرى مثل المخزون في "إسرائيل" وشرائها من السوق.
وقال كوفمان إنه بدون تعديل الوضع لاحتياجات القوات الأوكرانية فإن هناك حاجة لزيادة الدعم لها حتى تكون قادرة على مواجهة القوات الروسية المتحصنة، مشيرا إلى أن تعويض الولايات المتحدة النقص من الترسانة ليس حلا دائما.
وتجري الولايات المتحدة مراجعات وهي تسلح أوكرانيا بشأن عدم هبوط مستوى الذخيرة لها إلى درجة خطيرة، كما ووعدت "إسرائيل" بتجديد الترسانة وإرسال الذخيرة حالة الطوارئ.
وقال البريغادير باتريك رايدر، المتحدث باسم البنتاغون: "نحن واثقون من استمرار دعمنا لأوكرانيا مهما اقتضى الوضع".
وفي العام الماضي عندما طرح الأمريكيون فكرة استخدام الترسانة العسكرية على نظرائهم الإسرائيليين عبر هؤلاء عن قلقهم من تأثر علاقتهم مع موسكو.
اظهار أخبار متعلقة
وفرض الإسرائيليون حظرا شبه كامل على تصدير السلاح لأوكرانيا خشية من رد انتقامي روسي عليها من خلال إيران أو حزب الله في لبنان.
وتعرضت العلاقات الروسية الإسرائيلية للتمحيص منذ الحرب، وانتقد المسؤولون الأوكرانيون تل أبيب لتقديمها مساعدة محدودة.
ومع استمرار الحرب توصل الأمريكيون والإسرائيليون لشحن 300 ألف قذيفة مدفعية لأوكرانيا. وتم بحث عملية النقل في مهاتفة مشفرة بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ووزير الجيش الإسرائيلي في حينه بيني غانتس.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم لم يغيروا من موقفهم بإرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا وأنهم نفذوا مطلبا أمريكيا في استخدام أسلحتهم.
وتعود الترسانة العسكرية الأمريكية هناك إلى حرب عام 1973، حيث بدأت الولايات المتحدة بنقلها عبر جسر جوي بناء على طلب من الجيش الإسرائيلي. وبعد الحرب أنشأت الولايات المتحدة مخازن يمكنها الإعتماد عليها حالة الضرورة، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين في الثمانينات من القرن الماضي.
ونقلت الدبابات الأمريكية وعربات نقل الجنود إلى الصحراء في جنوب فلسطين المحتلة لاستخدامها بالمنطقة حالة اقتضت الحاجة. وفي بداية العقد الأول من القرن الحالي تم توسيع البرنامج لكي يشكل ذخيرة لاستخدام البحرية الأمريكية وسلاح الجو، وكلها خزنت في أماكن لا يصل إليها سوى الأمريكيين، حسب مفتش عسكري أمريكي سابق.
وسمح لـ"إسرائيل" بسحب أسلحة من الترسانة في أثناء حربها مع حزب الله عام 2006 ومرة ثانية في حربها مع حماس بغزة عام 2014، وذلك حسب تقرير أبحاث الكونغرس.