لأن واقع الطائفية تغوّل على الحضور المادي والرمزي للدولة، فقد استمر لبنان مجالا جغرافيا وكيانا سياسيا مفتوحا على كل التأثيرات الداخلية والإقليمية والدولية، وقد ساعد الموقع الجيواستراتيجي للبنان على استمرار هذه التأثيرات السلبية ضاغطة على استقراره ونمائه، وكثيرا ما جعله عرضة للأزمات المتتالية والمتعاقبة في الزمن
ولأن واقع الطائفية تغوّل على الحضور المادي والرمزي للدولة، فقد استمر لبنان مجالا جغرافيا وكيانا سياسيا مفتوحا على كل التأثيرات الداخلية والإقليمية والدولية، وقد ساعد الموقع الجيواستراتيجي للبنان على استمرار هذه التأثيرات السلبية ضاغطة على استقراره ونمائه، وكثيرا ما جعله عرضة للأزمات المتتالية والمتعاقبة في الزمن. ولأن الدولة ضعيفة، أو شبه غائبة، فقد توزعت ولاءات نخبها على أكثر من مرجعية ومصدر تأثير، عوض أن يكون ولاؤهم منحصرا في الدولة باعتبارها مؤسسة المؤسسات، وبيتا للجميع، وحاضنا للعيش المشترك.
تساعد الظاهرتان المومى إليهما أعلاه على تفسير واقع الحال في لبنان، الذي جرت انتخاباته الأخيرة في ظل أزمة خانقة على الصعد السياسية والاقتصادية ولاجتماعية والثقافية، والتي ظل أكثر من خُمس سكانه (٢٢ في المائة)، بحسب بعض التقارير الجادة، خارج لعبة الانتخابات، وغير معني بنتائجها، وفاقدا ثقته في النخبة السياسية بشكل عام.
فبقدر ما يراهن بعض اللبنانيين على هذا الاقتراع في إخراج بلادهم من النفق الذي دخلته منذ تفاقم الأزمة المالية عام 2018، وانطلق الحراك الاجتماعي سنة 2019، وانفجار ميناء بيروت صيف 2020، وما ترتب عنهما من آثار خانقة، بالقدر نفسه يؤكد لبنانيون كثر على أن الاقتراع الحالي لن يختلف عن سابقيه من الانتخابات النيابية، لأن مشكلة لبنان من طبيعة بنيوية ومركبة، والانتخابات لا تشكل سوى إحدى حلقاتها. لذلك، يبدو أن اقتراع الأحد (15 أيار/ مايو 2022)، الذي ما زالت نتائجه النهائية لم تصدر بعد، ستكون له تأثيرات جزئية، لكن لن يمس جوهر البنية المركبة للبنان، من حيث التوازنات الطائفية وتفاعلاتها السياسية، ومن زاوية الاستقرار الإقليمي للبنان، ومن جانب تقليص التوترات الاجتماعية وردم فجواتها.
يبدو أن اقتراع الأحد (15 أيار/ مايو 2022)، الذي ما زالت نتائجه النهائية لم تصدر بعد، ستكون له تأثيرات جزئية، لكن لن يمس جوهر البنية المركبة للبنان، من حيث التوازنات الطائفية وتفاعلاتها السياسية، ومن زاوية الاستقرار الإقليمي للبنان، ومن جانب تقليص التوترات الاجتماعية وردم فجواتها
بحسب النتائج الأولية للانتخابات النيابية في لبنان هناك تقدم واضح لحزب القوات اللبنانية، بقيادة جعجع، ما يفوق عشرين مقعدا، وهي نتيجة أفضل مما كانت لديه في اقتراع 2018، ويُنتظر أن يتراجع "التيار الوطني الحر"، الذي أسسه "ميشال عون"، بعدما تصدر نتائج انتخاب 2018.
وفي السياق نفسه، تشير التقارير الأولية عن تراجع كتلة حزب الله، وبقاء حركة الحريري خارج اللعبة بسبب قراره من الانتخابات النيابية. ومن اللافت للانتباه بحسب النتائج الأولية حصول المستقلين على بعض المقاعد، وتقدم الأصوات المنتقدة للطبقة السياسية وأدائها، والتي عبرت على امتداد الحراك الاجتماعي عن رأيها في ما تعيش من أزمات.
في انتظار لإعلان النهائي عن النتائج يُنتظر من اقتراع 15 أيار/ مايو 2022 أن يقدم بصيص أمل للبنانيين الذين ضاقوا ذرعا بأزماتهم المتتالية، لا سيما الأزمة الاقتصادية التي وصفها البنك الدولي بأنها أخطر وأصعب أزمة من العام 1850، وأن 80 في المائة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر. ثم إن مساهمة الاقتراع التشريعي في حلحلة الوضع في لبنان نحو زرع الأمة والثقة سيحفز الدول الإقليمية والدولية على التعاطي الإيجابي مع القضية اللبنانية، والمساهمة في خفض منسوب الألم الذي أصاب اللبنانيين، وأرجع كيانهم المشترك إلى أدنى مستوياته.
لا يوجد تعليقات على الخبر.