انطلق يوم الأحد، الأول من أيلول/ سبتمبر 2024، الإحصاء العام للسكنى
والسكان في
المغرب، وهو السابع على التوالي منذ العام 1960، وتمتد العملية إلى نهاية
هذا الشهر، أي الثلاثين منه. والمغرب، كالدول الأعضاء في الأمم المتحدة، يجري على
رأس كل عشر سنوات عملية إحصاء يروم من خلالها جمع معطيات دقيقة وشاملة عن تطور الوضعية
الديمغرافية (
السكان) والأحوال السسيو اقتصادية للسكان، ويهدف في الآن معا إلى إجراء
مقارنات مع الإحصاءات السابقة لقياس درجة التطور الواقع والمنجز، وطبيعة التأثيرات
الحاصلة في النسيج العام المغربي، وأبعادها على السكان والسكنى.
ليس الإحصاء عملية تقنية، تروم تجميع المعطيات، وقراءتها، والإعلان عنها
وحسب، بل تعتبر في عمقها بحثا ميدانيا شاملا، ومسحا كاملا ومتكاملا للسكان في كل
مواقع عيشهم وتواجدهم، لذلك، تستلزم إمكانيات بشرية مؤهلة وذات خبرة للإشراف على
تنفيذها، وموارد مادية ولوجستية قادرة على تيسير تنفيذ العملية بعقلانية ودقة
وسلاسة.
وبالعودة للمندوبية السامية للتخطيط، وهي الهيئة الحكومية المغربية المشرفة
على إجراء عملية الإحصاء، نقرأ في أدبياتها المعلنة عن الإحصاء السابع والمواكبة
لمراحل إنجازه، أن المغرب رصد مبلغ مليار و146 مليون درهم، أي ما يعادل 150 مليون
دولار أمريكي، توجه 67 في المئة منه لسداد تعويضات المشاركين، من خبراء وباحثين
وطلبة، وتُخصص 20 في المئة للوسائل اللوجستية، و13 في المئة للوسائل التكنولوجية، مع
الإشارة إلى أن عدد المشاركين المعتمدين من قبل المندوبية السامية للتخطيط
والإحصاء بلغ 55 ألفا، توزعوا بين 60 في المئة من الخبراء والباحثين والطلبة
وحاملي الشهادات،
يزخر سياق تنظيم الإحصاء العام السابع للسكنى والسكان في المغرب لعام 2024 بالعديد من العناصر، أبرزها أن المغرب قطع أشواطا مهمة في ميدان التأهيل الاقتصادي، والإصلاح القانوني والمؤسساتي، والسعي إلى ردم الفجوات، وترميم الاختلالات بين المدن والحواضر والقرى، والجهات والوحدات الترابية، والأكثر أنه يعمل على إدخال رؤية النموذج التنموي الجديد
و32 في المئة من أسرة التعليم، ذكورا وإناثا، و5 في المئة من
موظفي الإدارات. ويُذكر بالمناسبة، أن الإحصاء الحالي لعام 2024، يتم تنظيمه في وضعية
موسومة بارتفاع منسوب الرقمنة، والاستغلال المتزايد للإمكانيات المتاحة من قبل
الثورة التكنولوجية الجديدة.
يزخر سياق تنظيم الإحصاء العام السابع للسكنى والسكان في المغرب لعام 2024 بالعديد
من العناصر، أبرزها أن المغرب قطع أشواطا مهمة في ميدان التأهيل الاقتصادي، والإصلاح
القانوني والمؤسساتي، والسعي إلى ردم الفجوات، وترميم الاختلالات بين المدن
والحواضر والقرى، والجهات والوحدات الترابية، والأكثر أنه يعمل على إدخال رؤية النموذج
التنموي الجديد، كما تم الإعلان عن إعداده وصياغة وثيقته لحظة تشكيل اللجنة الموكول إليها هذا الأمر في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2010، وهي الرؤية التي حكمت فلسفة
التقرير النهائي للجنة، ووجهت توصياته الكبرى. ثم من عناصر سياق عملية الإحصاء،
الاستحقاقات المهمة التي تنتظر المغرب عامي 2026 و2030، أي تنظيم إقصائيات كرة
القدم الأفريقية، ونهائيات كرة القدم الدولية، والمناسبتان معا تتطلبان من المغرب معرفة
واضحة ودقيقة لإمكانياته، وتستلزمان منه تحديدا عقلانيا وفعالا للوسائل المنتظر
اعتمادها للنجاح في اللحظتين التاريخيتين معا.
ومن عناصر سياق عملية الإحصاء السابع، الأوراش الكبرى التي فتحها المغرب في
أكثر من مجال، خصوصا في تطوير الاقتصاد وبنية الإنتاج، والعناية بالمجالات الاجتماعية
في مجال السكن، والصحة، ودعم القدرة الشرائية للسكان، وأيضا في ميدان الدبلوماسية،
من زوايا تنويع الشراكات، وتعميق العلاقات مع أفريقيا، والتقدم في كسب عدالة قضيته
الترابية.
فمن الناحية الإجرائية، أعدت المندوبية السامية للتخطيط، بوصفها الهيئة
الحكومية المشرفة على تنظيم عملية الإحصاء، استمارتين للأسئلة الموجهة للسكان من
قبل المشرفين المعتمدين، تتضمن الأولى، وهي قصيرة، أسئلة تتعلق بـ"البنيات
الديمغرافية، والظواهر النادرة مثل الهجرة الدولية، وأحداث الوفاة، والمسافة
الفاصلة بين المسكن والمرافق الأساسية في الوسط القروي".
أما الاستمارة الطويلة، فتتضمن أسئلة "تهدف إلى الحصول على معطيات
بشأن الخصوبة، والصعوبات المواجهة عند ممارسة الأنشطة الاعتيادية، والتغطية الصحية،
والهجرة الداخلية، والأمية واللغات المقروءة والمكتوبة، واللغة الأم، واللغات
المحلية المستعملة، والتعليم، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والنشاط
الاقتصادي، وظروف سكن الأسرة والبيئة".
يُشار إلى أن الإحصاء الأخير لعام 2014، أسفر عن عدد سكان المغرب بما
مقداره 33 مليونا و848 ألفا و242 شخصا، في حين لم يتجاوز أول إحصاء لعام 1960، أي
بعد أربع سنوات من استقلال المغرب، 11.6 مليون ساكن وساكنة، وهو ما يعني أن سكان
المغرب تضاعف على مدار أربع وخمسين سنة (1960-2014) ثلاث مرات.
يحمل شعار إحصاء 2024 "الغد بين أيدينا" أكثر من معنى ودلالة،
ويرمز إلى أكثر من بُعد من أبعاد العملية الإحصائية التي انطلقت في المغرب في
الأول من هذا الشهر وحتى الثلاثين منه. فالإحصاء بحث وتجميع وتنقيب في المعطيات
المختزنة في بلاد المغرب، وهو أيضا، وفي ضوء نتائجه، قراءة لهذه المعطيات، وتحليل
لمضامينها، وبناء للمستقبل على قاعدتها وأساسها. لذلك، ستمكن معطيات الإحصاء صنّاع
القرار ومن في دائرتهم، والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين، من تكوين
فهم سليم، مؤسس على معطيات ميدانية حقيقية، لمؤهلات المغرب، البشرية على وجه
الخصوص، وما يمكن استغلاله لإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى، وتنفيذ السياسات
العمومية المرتبطة بها، وهو ما يطمح المغرب من خلال إحصائه السابع إلى الوصول
إليه. وقد تُسفر نتائج الإحصاء عن نتائج تدفع البلد دفعا إلى إعادة تقديراته،
والتفكير في تغيير رؤيته وتحليلاته، واستبدالها بأخرى أكثر واقعية وفاعلية ونجاعة.