هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دخلت التاريخ بوصفها القرية التي هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منازلها المبنية من الخشب والبلاستيك والصفيح والخيام للمرة الـ197 على التوالي.
القرية أصبحت رمزا وطنيا لمعركة التحدي والإرادة التي يخوضها الفلسطينيون من أجل البقاء والصمود والحفاظ على الأرض والهوية الوطنية.
تقع قرية العراقيب التي تسكنها 22 عائلة (تضم حوالي 800 نسمة)، شمالي مدينة بئر السبع في صحراء النقب جنوب فلسطين، وتمتد أراضي القرية على مساحة 1050 دونما، وتبعد عن مدينة القدس نحو 110 كلم إلى الجنوب منها.
العراقيب
قرية لا يعترف الاحتلال بها ويواصل تشريد سكانها
وبحكم حياة البداوة فإن اقتصاد القرية يعتمد على رعي الماشية والزراعة، خاصة أشجار الزيتون التي اقتلعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الآلاف منها في عمليات الهدم المتكررة.
وبدأ مسلسل الهدم مع القرية بشكل كامل من قبل جرافات الاحتلال عام 2010، بحجة البناء دون ترخيص، فعاود سكان القرية بناءها من جديد لعدة مرات، ليتم هدمها مرة بعد أخرى.
ويقول سكان العراقيب إن قريتهم أنشئت منذ مئات السنين، وإنهم يملكون وثائق "طابو" صادرة أيام الحكم العثماني، وأنهم قاموا بشراء الأراضي في تلك الفترة، ويستدلون على ذلك بأن مقبرة القرية يعود وجودها إلى بداية القرن التاسع عشر الميلادي.
وحين احتلت منطقة النقب، التي تمثل نحو نصف مساحة فلسطين التاريخية في عام 1949، أصبحت العراقيب واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف بها سلطات الاحتلال، وتحرمها من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والماء والكهرباء والاتصالات، باعتبارها "قرى غير قانونية".
وفي عام 1951 أمر الحاكم العسكري الإسرائيلي سكان العراقيب بإخلاء القرية بشكل مؤقت لمدة 6 أشهر بادعاء أن الدولة تحتاج إلى مساحات لإقامة تدريبات عسكرية. وبعد 6 أشهر حاول سكان القرية السكن بالقرب من القرية وفي مناطق أخرى في النقب، لكن سلطات الاحتلال طلبت منهم تأجيل العودة إلى قريتهم لبضعة أشهر أخرى، حتى أخبروهم بأنه يمنع عليهم العودة إلى القرية نهائيا.
وارتفعت وتيرة حملات التهجير بعد نكسة عام 1967 بحجة أن المنطقة تابعة "للصندوق القومي اليهودي" وأحيانا بذريعة ضبط عمليات البناء بشكل ممنهج، إضافة إلى الدواعي الأمنية والعسكرية حيث يقع مفاعل ديمونا النووي في منطقة النقب.
آليات
الاحتلال تهدم بيوتا في قرية العراقيب
وظل أهالي العراقيب يتشبثون بقريتهم ويرفضون مشاريع الاحتلال لتجميع البدو في أماكن محددة بعيدا عن بيئتهم، التي يرون فيها خطة للاستيلاء على أراضيهم، ويعيدون تشييد الأبنية المكونة من ألواح الصفيح بعد كل هدم ينفذه الاحتلال.
وفي إطار ملاحقة السلطات لأهالي العراقيب، فتحت الشرطة الإسرائيلية حديثًا ملفات تحقيق جديدة ضد عدد من أهالي العراقيب، إضافة إلى ملفات أخرى كانت تدار في أروقة المحاكم ضدهم.
وترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بحق ملكية الأرض وتلاحق أهالي العراقيب بهدف دفعهم إلى الهجرة القسرية، وتجرف محاصيلهم الزراعية وتمنعهم من المراعي وتربية المواشي.
ولا تتوفر خدمات طبية أو تعليمية في العراقيب، ما يضطر سكان القرية إلى السفر إلى مدينة رهط على بعد حوالي 6 كيلومترات للحصول على هذه الخدمات.
ويستخدم السكان المولدات والألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، أما المياه فيتم نقلها في صهاريج بثمن باهظ.
وشهدت البلدات الفلسطينية داخل الخط الأخضر تصعيدا في هدم المنازل والمحال التجارية والورش الصناعية، بذريعة عدم الترخيص، كما حصل في عين ماهل ويافا والطيبة وشفا عمرو وقلنسوة وكفر ياسيف وعرعرة وأم الفحم واللد ويافا وسخنين وحرفيش وأبو سنان وبلدات عربية بالنقب وغيرها.
ويصف مراقبون صمود أهالي قرية العراقيب بـ"الأسطوري"، حيث إنهم يعيدون بناء الخيام والمساكن، ويتصدون لمخططات اقتلاعهم وتهجيرهم من أرضهم في كل مرة.
ويعيش في صحراء النقب نحو 240 ألف فلسطيني، يقيم نصفهم في قرى وتجمعات بعضها مقام منذ مئات السنين.
ولا تعترف سلطات الاحتلال الإسرائيلية بملكيتهم لأراضي تلك القرى والتجمعات، وترفض تزويدها بالخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، وتحاول بكل الطرق والأساليب دفع العرب الفلسطينيين إلى مصيدة اليأس والإحباط بهدف دفعهم إلى الهجرة من أراضيهم.
لكن إرادة التحدي لا تزال مشتعلة رغم الصعوبات والقمع والاضطهاد.
مراجع
ـ عبد الرؤوف أرناؤوط، إسرائيل تهدم قرية "العراقيب" الفلسطينية للمرة 197، الأناضول، 25/1/2022.
ـ قناة الجزيرة، العراقيب.. قرية هدمتها إسرائيل 101 مرة في 6 سنوات، 16/8/2016.
ـ وكالات، الاحتلال الإسرائيلي يهدم قرية "العراقيب" الفلسطينية، 25/1/2022.
ـ قدس الإخبارية، الاحتلال يهدم قرية العراقيب في النقب المحتل، 28/10/2021.
ـ داوود عودة، العراقيب.. صمود فلسطيني يأبى الاستسلام، العين الإخبارية، 26/7/2020.