هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الإعلان عن قرار انسحاب جميع القوات القتالية الأمريكية من العراق بحلول نهاية العام الحالي، تساؤلات كثيرة حول نظرة إيران لهذا القرار، وتداعيات ذلك على الأرض.
الصورة الأكبر على المدى البعيد، وفقا لتقرير نشرته "بي بي سي"، فإن الأمور تتحرك على الأرض لمصحلة إيران. فمنذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 تحاول إيران طرد القوات الأمريكية من الدول المجاورة لها؛ لكي تصبح هي القوة المهيمنة في المنطقة.
لم تحقق إيران نجاحا كبيرا في دول الخليج العربي، حيث يتعمق انعدام الثقة بطهران وحيث يمتلك الجيش الأمريكي منشآت في جميع الدول الست، بما في ذلك مقر الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين.
لكن الإطاحة بنظام صدام حسين، بقيادة الولايات المتحدة في العراق في عام 2003، أزال العقبة الأكبر أمام التوسع الإيراني، ولم تفوت طهران هذه الفرصة منذ ذلك الحين.
بعد 18 عاما من الغزو الأمريكي للعراق، لم يتبق للولايات المتحدة سوى 2500 جندي نظامي في العراق، بالإضافة إلى عدد محدود من القوات الخاصة التي تقاتل تنظيم الدولة.
تتركز القوات الأمريكية حاليا في ثلاث قواعد فقط، وعددها شيء لا يذكر مقارنة بالقوة التي بلغ قوامها 160 ألفا عند احتلال العراق عام 2003. وتتعرض هذه القوات لهجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة من قبل المليشيات المقربة من إيران.
الساسة والمليشيات المدعومة من إيران، يريدون انسحاب هذه القوات، خاصة بعد أن اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقائد البارز في المليشيا الشيعية العراقية أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد في كانون الثاني / يناير 2020.
وحتى العراقيون غير المنحازين لأي طرف، يرغبون في رؤية بلادهم خالية من القوات الأجنبية، ففكرة الاحتلال الأجنبي تثير مشاعر العراقيين أكثر من أي شيء آخر.
وهذا الموقف محط رضا البعض في واشنطن، شريطة ألا يؤدي ذلك إلى "تسليم العراق لإيران".
لقد نجحت إيران في دمج المليشيا الموالية لها في المؤسسة الأمنية العراقية، كما أن لحلفائها صوتا وحضورا قويا في البرلمان.
الحرب الأهلية السورية فتحت الباب أمام وجود عسكري إيراني قوي هناك، في حين أصبح حزب الله اللبناني حليف إيران في البلد المجاور لبنان، أقوى قوة في البلاد.
وتلعب إيران لعبة طويلة الأمد، إذ يأمل قادتها أنه إذا استمر الضغط بشكل علني أو سري على الوجود الأمريكي في المنطقة، ستصبح منطقة الشرق الأوسط في نهاية المطاف منطقة لا تستحق عناء استمرار الوجود العسكري الأمريكي فيها حسب المنظور الأمريكي.
ومن هنا، جاءت الهجمات الصاروخية المتكررة على القواعد الأمريكية، ودعم إيران للاحتجاجات المدنية التي تطالب بمغادرة القوات الأمريكية.
الاتفاق الذي تم بموجبه وضع نهاية لوجود القوات القتالية الأمريكية في العراق، سينظر إليه من قبل الكثيرين في طهران على أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.