أثار إطلاق اسم الفريق الجزائري الراحل محمد العماري، الأسبوع الماضي، على الدفعة المتخرجة من الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال الرئيس الراحل هواري بومدين، علامات استفهام كبرى حول المغزى من إعادة اسم الفريق الراحل محمد العماري إلى الواجهة.
جاء ذلك خلال إشراف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني الأسبوع الماضي بالأكاديمية العسكرية لشرشال "الرئيس الراحل هواري بومدين"، على مراسم تخرج الدفعة (52) من التكوين الأساسي والدفعة (14) من التكوين العسكري القاعدي المشترك، والدفعة (5) لضباط دورة الماستر، بحضور الفريق السعيد شنڨريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي مرفوقا باللواء عمار عثامنية قائد القوات البرية واللواء علي سيدان قائد الناحية العسكرية الأولى واللواء سالمي باشا قائد الأكاديمية العسكرية لشرشال.
وقد طلب المتفوق الأول من الدفعة (52) من التكوين الأساسي، من الرئيس عبد المجيد تبون الموافقة على تسمية الدفعة باسم المجاهد المرحوم الفريق محمد العماري، وقدم بعدها نبذة عن حياة الراحل.
وقد اعتبر الضابط السابق في المخابرات الجزائرية كريم مولاي، في حديث مع
"عربي21"، إعادة
إحياء اسم
الفريق محمد العماري، رسالة إلى عدد من الأطراف في الداخل والخارج.. أما في الداخل فهي رسالة إلى بقايا أنصار وزير الدفاع الراحل قايد صالح، وأيضا للمراهنين على الحراك، بأن الدولة ستتعامل بيد من حديد مع من كل من تسول له نفسه الاستمرار في إرباك مسيرتها السياسية بعد إنهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة..
وأضاف مولاي: "أما خارجيا فإن إعادة اسم الفريق العماري إلى المشهد الجزائري، هي رسالة قوية للشركاء الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا، بأن تراهن على القيادة الحالية للحفاظ على مصالحها، بالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي كانت تربط الفريق العماري مع السلطات الفرنسية".
وأعرب مولاي عن خشيته من أن يكون إحياء اسم الفريق العماري كناية على ما تحمله المرحلة المقبلة في الجزائر من عنف تجاه المعارضة الداخلية، مشيرا إلى "ارتباط اسم العماري بأحداث كانون الثاني (يناير) 1992 المتمثلة في إيقاف المسار الانتخابي الذي فازت به الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وما تبعه من صراع داخلي تحول إلى حرب أهلية خلفت عشرات الآلاف من القتلى والمفقودين".
وذكر مولاي أنه عمل في جهاز المخابرات في عهد قيادة الفريق محمد العماري للجيش، وكان شاهدا على عمل جماعة فرقة الموت 192، التي كانت تعمل تحت إمرة قيادة الأركان، وقال بأنها "كانت تتفنن دائما في اصطناع حواجز الموت ونهب الأموال، وأن الفريق محمد العماري أوصى بأن تكون الواردات إلى الثكنات مقتصرة على رؤوس الضحايا ولا تتضمن المصابين والجثت"، على حد تعبيره.
وتقلّد الفريق العماري، الذي توفي في شباط (فبراير) 2012 بسكتة قلبية، مناصب بارزة داخل الجيش الوطني الشعبي، قبل أن يستقيل عام 2004 على خلفية اعتراضه على تولي الرئيس بوتفليقة عهدة رئاسية ثانية وتفضيله التخندق إلى جانب غريمه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس.
تدّرج محمد العماري في المراتب القيادية في الجيش الجزائري منذ انخراطه فيه العام 1961 إلى أن صار العام 1992 قائدا للقوات الخاصة ثم قائد أركان الجيش الوطني الشعبي منذ تموز (يوليو) 1993 وهي الفترة التي لعبت فيها المؤسسة العسكرية دورًا بارزًا في معاقبة جماعات الموت، وكانت قبل ذلك أوقفت العام 1991 المسار الانتخابي الذي فازت به الجبهة الإسلامية للإنقاذ لزعيمها عباسي مدني ما أدخل البلاد في دوامة العنف المسلح أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
وكانت صحيفة "بلادي نيوز" الجزائرية قد عدّت في تقرير سابق لها محمد العماري، واحدًا من صقور المؤسسة العسكرية في الجزائر، بل وأحد أهم أيقوناتها التاريخية ممن لعبوا دورًا كبيرًا في مواجهة المد الأصولي والجماعات الإرهابية طيلة التسعينيات.