عزيزي القارئ، لو عاد بك الزمان سبعة أعوام إلى الوراء، وعايشت العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة عام 2014، وتابعت خلاله تصريحات الإعلام
المصري المحرضة ضد الشعب الفلسطيني، وتألمت من مواقف نظام السيسي المخزية، ثم أخبرك أحدهم أن عبد الفتاح السيسي بعد أعوام قليلة سيرسل مدير مكتبه وقائد مخابراته العامة ورفيق دربه اللواء عباس كامل إلى قطاع غزة كي يحتضن قائد حركة
حماس ويلتقيه بشكل رسمي، هل كنت لتصدق ذلك؟ بالتأكيد لا، ولكن هذا ما حدث بالفعل.
عباس كامل، مدير المخابرات العامة المصرية، ظهر مبتسما سعيدا وهو
يحتضن يحيى السنوار تارة ثم يقبل خليل الحية تارة أخرى، وهما من كبار قادة حركة حماس التي يعتبرها عباس كامل ومخابراته وأذرعه الإعلامية تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، ويحملونها مسئولية قتل الجنود المصريين في شمال سيناء.
مشهد كهذا أثار تساؤلات عديدة حول الحقيقة وراء تلك المشاهد وهذه الصور، وهل ثمة تغير حقيقي في سياسات نظام السيسي تجاه حركة حماس وأهل قطاع غزة، أم أن أسبابا أخرى دفعت بكلا الطرفين إلى صناعة لقطة كهذه
بالتأكيد مشهد كهذا أثار تساؤلات عديدة حول الحقيقة وراء تلك المشاهد وهذه الصور، وهل ثمة تغير حقيقي في سياسات نظام السيسي تجاه حركة حماس وأهل قطاع غزة، أم أن أسبابا أخرى دفعت بكلا الطرفين إلى صناعة لقطة كهذه؟
يقولون إن السياسة هي فن الممكن، ولذلك من الطبيعي أن يتغير الموقف المصري تجاه حركة حماس، ولكن لكل تغير شواهد تؤكد أو تنفي، تضفي كثيرا من المنطقية على هذا القرار أو تزيد الشكوك والمخاوف مما سيأتي بعده. وهذا تحديدا ما يخيف كثيرا من المتابعين ويرفع درجات التوتر إلى أقصى درجة وهم يرون الثعالب وقد خرجت فجأة في ثياب الواعظين.
لكل تغير شواهد تؤكد أو تنفي، تضفي كثيرا من المنطقية على هذا القرار أو تزيد الشكوك والمخاوف مما سيأتي بعده. وهذا تحديدا ما يخيف كثيرا من المتابعين ويرفع درجات التوتر إلى أقصى درجة وهم يرون الثعالب وقد خرجت فجأة في ثياب الواعظين
صحيفة يديعوت أحرونوت نشرت تقريرا في عام 2014 يتحدث عن تدمير نظام السيسي لعدد كبير من الأنفاق التي تربط بين الحدود المصرية وقطاع غزة، تحدثت الصحيفة العبرية عن
الدور المصري البارز منذ قدوم السيسي بعد انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وكيف استطاع الجيش المصري إغراق تلك الأنفاق التي كان يعتبرها أهل غزة شريانا للحياة لمرور بعض السلع الغذائية والأدوية خلال
حصار مستمر منذ سنوات.
نظام السيسي الذي دمر الأنفاق مع قطاع غزة قد أغلق أيضا معبر رفح منذ سنوات في وجه الفلسطينيين، وفقا لتقرير صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في آذار/ مارس الماضي، فإن ما يقارب العشرين ألف فلسطيني مسجلين في سجلات وزارة الداخلية في قطاع غزة لا زالوا ينتظرون الإذن بعبور معبر رفح من قبل السلطات المصرية. وتكفي الإشارة إلى أن الفئات الأشد تأثراً من استمرار إغلاق المعبر هم المرضى المحولون للعلاج في المشافي المصرية، والطلاب الدارسون في جامعات في مصر والخارج، وأصحاب الإقامات في الخارج وجلهم من العائلات المشتتة، والعاملون في الخارج. كما يعاني نتيجة إغلاق المعبر آلاف المواطنين الفلسطينيين في الخارج ممن يرغبون في العودة إلى ديارهم في قطاع غزة، ومعظمهم من المرضى الذين أنهوا علاجهم في مستشفيات الخارج، والطلاب الدارسين في الجامعات الأجنبية، والمواطنين المقيمين في الخارج ويرغبون في العودة إلى القطاع.
باتت لدي قناعة راسخة بأن السبب الأساسي لضحكات وفرح وسعادة عباس كامل التي ذكرتني بطريقة ضحكه في التسريبات الشهيرة؛ أنه ذهب ليشكر السنوار وحركة حماس على أفضل خدمة قدمتها المقاومة لنظام مثل السيسي، فكانت سببا في اتصال بايدن بالجنرال بعد تجاهل وقطيعة
"لن أسمح بتهديد أمن إسرائيل".. هذه العبارة لم يقلها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ولم يصرح بها وزير دفاع جيش الاحتلال جانتس، ولكنها جاءت على لسان عبد الفتاح السيسي، من يفترض أنه رئيس أكبر دولة عربية وأكثر الدول التي واجهت إسرائيل عسكريا.. السيسي قال تلك العبارة في مقابلة تلفزيونية مع شبكة بي بي سي البريطانية، وما عبر عنه السيسي في تلك المقابلة أكدته زلة لسان وقع فيها أثناء خطاب له في الأمم المتحدة، عندما قال: "يجب أن نحافظ على أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع أمن وسلامة المواطن الاسرائيلي" أيضا، في تجاهل تام لحقيقة الوجود الفلسطيني.
قطاع غزة وحركة حماس
بالنسبة لعبد الفتاح السيسي وعباس كامل هما مجرد أوراق تفاوض أو وسائل لكسب مساحات جديدة ونقاط إيجابية لدى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وباتت لدي قناعة راسخة بأن السبب الأساسي لضحكات وفرح وسعادة عباس كامل التي ذكرتني بطريقة ضحكه في التسريبات الشهيرة؛ أنه ذهب ليشكر السنوار وحركة حماس على أفضل خدمة قدمتها المقاومة لنظام مثل السيسي، فكانت سببا في اتصال بايدن بالجنرال بعد تجاهل وقطيعة دامت لأربعة أشهر.