نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريرا للصحفي رون كامبياس قال فيه، إن التوترات بين الجماعات
اليهودية المتحالفة مع إدارة بايدن طفت إلى السطح هذا الأسبوع عندما وصفت مجموعة ديمقراطية مؤيدة لإسرائيل لفترة وجيزة زعيما يهوديا قديما بأنه عامل مساعد لمعاداة السامية - في إشارة إلى مدى قوة النقاش حول تعريف معاداة السامية.
وقادت نانسي كوفمان مجلس العلاقات اليهودية في بوسطن لمدة 20 عاما، من 1990 إلى 2010. كما أنها قادت المجلس القومي للمرأة اليهودية. وقال العديد من القادة اليهود التقدميين إنها ستكون اختيارا جيدا لمراقب معاداة السامية للرئيس جو بايدن، وهو منصب قالت إنه يهمها.
ثم، يوم الاثنين، غردت الغالبية الديمقراطية لإسرائيل، أو DMFI، التي تدعم الديمقراطيين الذين يتقيدون بالأرثوذكسية التقليدية الموالية لإسرائيل، عن كوفمان: "في كثير من الأحيان، قامت بتمكين معاداة السامية، بدلا من محاربتها". ودعت مجموعة بوسطن التي تقودها كوفمان إلى تقديم اعتذار وسحب هذه التهمة الموجهة لها.
وقالت المجموعة في تغريدة: "هذا أمر مستهجن ولا مبرر له.. فخلال 20 عاما من قيادتها لمجلس العلاقات اليهودية لدينا هي دليل على التزامها العميق بمصالح الشعب اليهودي وعملها في محاربة معاداة السامية".
وبعد عاصفة من الدعوات الغاضبة من مجموعة من الجماعات اليهودية الليبرالية للتراجع، حذفت DMFI التغريدة وأقرت بخطئها.
قالت DMFI: "نانسي كوفمان مدافعة قوية عن الشعب اليهودي.. ومع ذلك، فإننا نعارض ترشيحها لتكون سفيرة معاداة السامية. لقد أخطأنا في القول إنها تدعم معاداة السامية ونعتذر عن أي معنى من هذا القبيل".
وكان هجوم DMFI تعبيرا عن نقاش مشحون بشكل متزايد بين الجماعات الرئيسية المؤيدة لإسرائيل التي تريد من بايدن الالتزام بمعيار يبقي انتقاداته المعلنة لإسرائيل إلى أدنى حد ممكن والمجموعات التقدمية التي تريد من الإدارة زيادة الضغط علانية على إسرائيل.
وقد عبرت المعركة عن نفسها في الكونغرس في الأشهر الأخيرة بمبادرات تشريعية متنافسة أطلقها جميع الديمقراطيين. يدعو البعض إلى زيادة الضغط على إسرائيل. فيما يقول البعض إن المساعدة لإسرائيل مقدسة ويجادل البعض من أجل التعجيل بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني بأقصى سرعة ولكن البعض يدعو للحذر.
ودعمت منظمة إيباك، أهم مجموعة ضغط سياسي مؤيدة لإسرائيل، المبادرات الأكثر تقليدية المؤيدة لإسرائيل. وليس هناك علاقة رسمية بين DMFI وإيباك، ولكن مجموعة من الديمقراطيين الذين يظهرون بشكل روتيني في مؤتمرات إيباك هم في مجلس إدارة DMFI وموظفيها.
حتى الآن، كان تأثير الفصائل المؤيدة والمنتقدة لإسرائيل بين الديمقراطيين على إدارة بايدن منقسما. ورفض مسؤولو بايدن أي دعوات للضغط على إسرائيل بشأن قضايا السلام، لكنهم يمضون قدما في المحادثات لإعادة الدخول في الاتفاق الإيراني.
عكست نبرة هجوم DMFI مدى أهمية الموضوع بالنسبة لكلا الجانبين. ويبدو أن تغريدة DMFI تتعلق بمحاولة كوفمان أن تكون مراقبة معاداة السامية في إدارة بايدن. وكانت مرتبطة بتقرير نشره موقع صحيفة فوروارد قبل شهر بشأن دعم التقدميين لكوفمان.
لكن التوقيت كان غريبا، حيث لم تقترب الإدارة بعد من اختيار مرشح من مجموعة من المرشحين للوظيفة، كما قال مطلعون مقربون من الإدارة، ولا يُعتقد أن كوفمان مدرجة في القائمة المختصرة.
وقبل سحب التغريدة، لم توضح متحدثة باسم DMFI كيف "مكّنت" كوفمان معاداة السامية. ولم تستجب كوفمان لطلب التعليق. وتخوض مجموعات
السياسة اليهودية في الشرق الأوسط معركة شديدة حول أفضل السبل لتعريف معاداة السامية.
وتتداخل التعريفات المتعددة التي قدمتها المنظمات المختلفة، ولكنها تختلف حول كيفية تطبيق المصطلح عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
وتدعم معظم المؤسسة اليهودية التعريف الذي تبناه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، والذي يتضمن هذه العبارة: "تطبيق معايير مزدوجة من خلال مطالبة [إسرائيل] بسلوك غير متوقع أو مطلوب من أي دولة ديمقراطية أخرى".
يقول عدد من العلماء والمنظمات اليهودية الليبرالية، بما في ذلك العديد من الذين يدعمون كوفمان في محاولتها لتكون المراقبة لمعاداة السامية، إن لغة "المعايير المزدوجة" للتحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) واسعة جدا وقد نشروا تعريفات هذا العام وتسمح بتعريفات قاسية لإسرائيل على أنها ليست معادية للسامية.
وقالت كوفمان لصحيفة "فوروارد" في المقال المشار إليه في تغريدة DMFI إنها ترى قيمة في جميع التعريفات المتنوعة. وقالت للصحيفة: "أعتقد أنه يجب أن يكون هناك الكثير من المناقشات حول أفضل طريقة".
وتدعم الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) وهاجمت التقدميين لمعارضته.
وتختلف DMFI، التي لديها لجنة عمل سياسي تابعة لها، بشكل متكرر مع التقدميين على وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن أخرى. لقد تعرضت لانتقادات من التقدميين الذين يقولون إنها تنفق المزيد من الطاقة في مهاجمة الديمقراطيين الآخرين أكثر مما تنفقه على انتخاب الديمقراطيين.
تُظهر مجموعة Open Secrets، وهي مجموعة تتابع الإنفاق على نفقات الانتخابات والتبرعات، أن لجنة العمل السياسي DMFI أنفقت حوالي ثلث أموالها من أيار/ مايو 2020 في مهاجمة زملائها الديمقراطيين.
في بعض الأحيان يصبح هذا الأخذ والرد شخصيا. اعتذر عضو مجلس إدارة DMFI الشهر الماضي بعد ثنائه على "التلاعب بالألفاظ" لمستخدم آخر على تويتر سخر من الاسم العربي لخطيبة مؤسس حركة IfNotNow، وهي جماعة يهودية تقدمية تنتقد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية.
وتعتبر DMFI نفسها بمثابة حصن ضد عناصر اليسار التقدمي الذين تقول إنهم يسعون إلى نزع الشرعية عن إسرائيل، ويهدف إلى الحفاظ على العلاقات الوثيقة التي استمرت لعقود بين الديمقراطيين والمجتمع المؤيد لإسرائيل.
وتقول DMFI في بيان يشرح مهمتها: "سنعمل على الحفاظ على دعم إسرائيل وتعزيزه بين القادة الديمقراطيين بما في ذلك المرشحون للرئاسة والكونغرس وكذلك مع القواعد الشعبية للحركات التقدمية".
وبدلا من تعزيز الدعم لإسرائيل بين الديمقراطيين، أدى هجوم DMFI ضد كوفمان إلى نفور مجموعة من الجماعات التي تشاركها مهمتها المعلنة لتعزيز القضايا التقدمية مع الحفاظ على علاقات إسرائيل وأمريكا.
ووصف الحاخام جونا بيسنر، الذي يقود مركز العمل الديني للحركة الإصلاحية، هجوم DMFI بأنه "لا أساس له من الصحة".
وقال: "يمكننا مناقشة أفضل السبل لمحاربة معاداة السامية المتزايدة في الداخل وحول العالم.. لكن لا يوجد نقاش حول أن الهجمات على.. يهودية محترمة [كوفمان] لا أساس لها من الصحة وغير لائقة".
وقالت الحاخام جيل جاكوبس، مديرة منظمة حقوق الإنسان الحاخامية "توراه"، بعد أن نشرت DMFI تغريدة التراجع، إن المجموعة [ٍDMFI] تعتبر نشازا بين اليهود الليبراليين وبين الديمقراطيين. وقالت: "الغالبية الفعلية من اليهود في الولايات المتحدة يعارضون القومية البيضاء، ويدعمون حقوق الإنسان لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين (والتي تشمل إنهاء الاحتلال وإقامة دولة لكلا الشعبين).. بينما DMFI فلا تمثل الديمقراطيين أو الأغلبية".
وبصفتها مديرة لمركز الأبحاث المشتركة في بوسطن، أشرفت كوفمان على مجتمع غالبا ما يكون منقسما، حيث تتعمق الانقسامات بين اليسار واليمين. وعملت بشكل وثيق مع الإدارات الجمهورية والديمقراطية في الولاية. وبعد أن تركت مجلس العلاقات اليهودية في عام 2010، قادت المجلس القومي للمرأة اليهودية لما يقرب من عقد من الزمان.
وقالت شيلا كاتز، خليفة كوفمان في المجلس القومي للمرأة اليهودية، في بيان: "إنه لأمر فظيع اتهام شخص لديه سجل قوي مثل نانسي كوفمان بأنه لا يعارض بشكل كاف معاداة السامية.. إنها كذبة صارخة يمكن دحضها بسهولة من خلال الإجراءات والتصريحات التي لا تعد ولا تحصى التي أدلت بها على مر السنين في كل من دورها كرئيسة تنفيذية للمجلس القومي للمرأة اليهودية وما بعده".
وبصفتها الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني للمرأة اليهودية في عام 2018، سحبت كوفمان المجموعة من مسيرة النساء بسبب مزاعم معاداة السامية في المناصب العليا للحركة، لكنها ظهرت لاحقا في لجنة مع اثنتين من القيادات النسائية المتهمات [باللاسامية] وقالت إن الفضل يعود لهما لمد يد التعاون.
J Street، مجموعة السياسة اليهودية الليبرالية في الشرق الأوسط، والتي مثل DMFI لديها لجنة عمل سياسي منتسبة وتختلف دائما معها، وصفت هجومها على كوفمان بأنه "مثير للاشمئزاز".
وقالت J Street إن كوفمان قالت على تويتر: "لقد أمضت حياتها المهنية المثيرة للإعجاب في القتال من أجل الجالية اليهودية وقيمنا الديمقراطية".