هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية محاولات الولايات المتحدة العثور على الرهينة الأمريكي أوستن تايس، الذي اختطف في سوريا عام 2012.
ونقلت الصحيفة عن مفاوض أمريكي بارز، اعتقاده أن تايس لا
يزال على قيد الحياة، مشيرين إلى أن إدارة دونالد ترامب دفعت بقوة من أجل تحريره،
فيما شكلت سي آي إيه خلية خاصة لجمع المعلومات الاستخباراتية، وتمت الاستعانة
بدولة خليجية حليفة للمساعدة في معرفة مصيره.
ولفت المصدر ذاته إلى أن إدارة ترامب أرسلت وفدا إلى
دمشق، لطرح الموضوع مع أكبر مسؤول أمني في سوريا، لكن لم تنجح أي من المحاولات.
ونوهت الصحيفة إلى أن اختطاف تايس في أثناء تغطيته الشأن
السوري أثار إحباط المسؤولين الأمريكيين، مستدركة: "بدأ الأمل يعود من جديد
بعد هروب تايس الذي اختطف في منطقة قريبة من دمشق، بحسب شخصين على معرفة بقضيته،
لكن أعيد اختطافه من جديد".
وتابعت: "خلال إدارة باراك أوباما، حصلت سي آي إيه
على معلومات محيرة، بواسطة وثيقة تقول إن السلطات السورية تحتفظ به"، معتقدة
أن إدارة جو بايدن تجد نفسها أمام امتحان بشأن قضية تايس، خاصة أن مسؤوليها ليسوا على
استعداد للخوض في دبلوماسية غير تقليدية كتلك التي مارستها إدارة ترامب.
وأكدت الصحيفة أن ترامب كان حريصا على عودة تايس، لكن مع
خروجه من السلطة أصبح الإفراج عن الرهينة الأمريكي بعيدا.
اقرأ أيضا: إدارة ترامب قادت مفاوضات فاشلة مع دمشق لتحرير رهائن
وقال أندرو تابلر، الذي عمل مديرا لملف سوريا في مجلس الأمن
القومي، وعمل لاحقا كمستشار للمبعوث الخاص إلى سوريا: "لو كان السوريون هم الذي
يحتفظون بتايس أثناء إدارة ترامب، فهو الوقت المناسب للإفراج عنه والحصول على الكثير
مقابل ذلك".
وعبر المسؤولون في إدارة بايدن عن التزام بالبحث من أجل إنقاذ
تايس. وكشفت الخارجية هذا الشهر عن حديث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع عائلة تايس، وإخبارها أن وزارته "لا يوجد لديها أولوية أكبر من أولوية الإفراج عنه"،
حسبما قال مسؤول في الخارجية.
وقال روجر كارستين، مبعوث الخارجية لشؤون الرهائن، الذي عمل
بالمنصب أثناء إدارة ترامب: "أعتقد أن تايس لا يزال على قيد الحياة، ومن واجبنا
العثور عليه وإحضاره لعائلته"، مضيفا أن إدارة بايدن ستواصل التركيز على الرهائن
(..)".
وأشارت الصحيفة إلى أن تقريرها قام على مقابلات وشهادات مسؤولين
حاليين وسابقين، طلبوا عدم ذكر اسمهم عند الحديث عن معلومات حساسة تتعلق بتايس.
ولم ترد عائلة الصحفي الرهينة، التي نشطت بنشر الوعي عن ابنها، وطالبت الحكومة الأمريكية بالتحرك وتأمين الإفراج عنه، على أسئلة الصحيفة. وتضيف أن
اختطاف تايس أعاق عمليات تحقيق الأمريكيين، فالحكومة السورية لم تعترف أبدا بأنها
هي الجهة التي اختطفته.
اقرأ أيضا: هل يعقد ترامب صفقة مع الأسد لتحرير رهائن أمريكيين؟
ويعتقد المسؤولون السابقون أنه قد يكون معتقلا في سجن عسكري
أو أمني مخصص للسجناء المهمين قرب دمشق. وبعد شهر من اختطافه ظهر تايس معصوب العينين
في شريط فيديو، ومحاطا بخاطفيه. وعلم المحققون أنه نقل بداية إلى سجن في دمشق وفحصه
طبيب، حسبما قال شخصان على معرفة بالأمر.
واستطاع تايس الهرب بعد أسبوع، ثم أعيد اعتقاله. وفي 2016، قامت المخابرات الأمريكية بتقييم لوضع تايس، وتوصلت إلى وجود أدلة عرضية قوية بأنه لا
يزال على قيد الحياة. ولكن وكالة الاستخبارات الدفاعية عارضت النتيجة بناء على إمكانية
عدم النجاة في السجون السورية ولوقت طويل.
لكن الوكالة غيرت من نتيجتها بعدما تحداها مسؤولون استخباراتيون.
وبعد وصول إدارة ترامب إلى الحكم، كثفت جهود البحث عن تايس، ذلك أن ترامب جعل من جهود
الإفراج عن الأمريكيين في الخارج أولويته الكبرى، واستطاعت إدارته حسب أرقامها الإفراج
عن 50 أمريكيا.
ورأى مسؤولون أمريكيون سابقون أن فرصة سنحت لمعرفة مصير تايس
بداية 2017، وسافر مستشار أمريكي يعيش في بيروت وعلى علاقة مع الحكومة السورية إلى
دمشق، حاملا رسالة من الحكومة الأمريكية تطلب معلومات عنه. والتقى المستشار مع علي مملوك،
رئيس مكتب الأمن الوطني.
وقال المسؤولون إنهم كانوا يأملون بالحصول على معلومات عن
تايس، وأنه حي، ثم صفقة تقود للإفراج عنه. ورغم قطع العلاقات الأمريكية- السورية، وإغلاق
السفارة في دمشق عام 2012، وإغلاق السفارة السورية في واشنطن عام 2014، إلا أن إدارة
ترامب كانت مستعدة لاستخدام المسؤولين الأمريكيين والاتصال مباشرة لتأمين الإفراج عن
تايس. وفي 2017، اتصل مايك بومبيو، الذي كان مديرا لسي آي إيه في حينه، مع مملوك؛ لمناقشة
قضية تايس، وهو أعلى اتصال بين الحكومتين منذ سنين، ولكن دون نتيجة.
اقرأ أيضا: صحيفة: مسؤول أمريكي زار سرا دمشق سعيا للإفراج عن رهائن
وفي آب/ أغسطس 2018، سافر مسؤول سي آي إيه إلى دمشق، والتقى
مع مملوك لطرح موضوع تايس. وقال كريستوفر ميلر، القائم بأعمال وزير الدفاع في عهد ترامب، إنه وجه بمصادر إضافية للبحث عن تايس، مع أنه لم يوضح طبيعة المصادر، واكتفى بالقول: "كنا نعمل بناء على فرضية أنه لا يزال على قيد الحياة".
ولفتت الصحيفة إلى أن الشركاء الأمريكيين في المنطقة اهتموا
بالأمر، وعبر ولي العهد في أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، عن استعداده للمساعدة، ما زاد
من الآمال بإمكانية تحقق تقدم مع النظام السوري، وبخاصة بعد افتتاح السفارة الإماراتية
في دمشق.
وطرح المسؤولون الأمريكيون السابقون إمكانية بناء الإمارات
مستشفى في دمشق مقابل الإفراج عن تايس، لكنها لم تتحقق. وفشل الآخرون مثل الفاتيكان
بتأمين الإفراج عن تايس. بل وتحدثت إدارة ترامب مع ممثل في هوليوود كي يتصل بالنظام
السوري.
ورغم اعتقاد المسؤولين الأمريكيين بإمكانية مساعدة موسكو
في الأمر، لكنها لم تكن مفيدة. وتم الإفراج
عن أمريكيين آخرين كانا معتقلين لدى الحكومة السورية، وهما: كيفن باتريك داويز، المصور
الذي أفرج عنه في 2016 بعدما اعتقل لأربعة أعوام، وسام غودوين في 2019، بعد
شهرين من اعتقاله.
وكان العثور على مكان تايس مشكلة، حتى بالنسبة لروبرت سي
أوبراين، المفاوض السابق لشؤون الرهائن، الذي أصبح لاحقا مديرا للأمن القومي في عهد
ترامب عام 2019، وحاول أوبرين الذي فقد ابنه في حادث سيارة من أجل الإفراج عن تايس.
وكتب في آذار/ مارس 2020 رسالة إلى الرئيس بشار الأسد، يسأل
عن تايس، ويطلب الإفراج عنه، ومقترحا حوارا مباشرا. ثم بعثت الإدارة في آب/ أغسطس
2020 مسؤولين بارزين، وهما كارستين وكاشياب باتل، الذي تولى مناصب بارزة في البيت الأبيض
والبنتاعون والمخابرات. وكانا يأملان بتأمين الإفراج عن تايس ومجد كمالماز، الأمريكي-
السوري.
والتقى كارستين، وهو جنرال متقاعد وعمل بوزارة الخارجية، مع
مملوك، الذي أخبره ضرورة خروج القوات الأمريكية من سوريا، وتطبيع العلاقات الأمريكية-
السورية قبل المضي في الحديث عن موضوع تايس، مع أن المسؤول الأمني لم يعترف بأن السوريين
هم الذين يحتجزن تايس، في تواصل مع أشكال مارستها الحكومة السورية على مدى تسعة أعوام.
وقال تابلر إن اللقاء كان فرصة للسوريين للمقايضة والحصول على ما يريدون، لكن "لا يمكنك بيع سجادة لا تملكها أو تزعم أنك لا تعرف مكانها"، بحسب تعبيره.