أقر جنرال
إسرائيلي، بفشل تل أبيب في إيقاف المشروع
النووي الإيراني،
مؤكدا أنه برغم "الإنجازات" في هذا الجانب، إلا أن النووي الإيراني واصل
تقدمه، ونجحت طهران في جعل المنشآت النووية حقيقة واقعة.
بدائل عسكرية
وأوضح الجنرال أودي أفينتال في مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية،
أنه في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العودة للاتفاق النووي
مع إيران "عادت إسرائيل لتقف ضد هذه العملية، وهي تعطي علامات على أنها تقوم بإعداد
بدائل عسكرية لمنع إيران من أن تصبح دولة نووية، كما توقد الجهود في المنطقة لوقف تعزيز
إيران وبناء قوة فروعها".
وأشار إلى أن "إسرائيل استطاعت في العقود الأخيرة، أن تسجل لنفسها
عدة إنجازات في زيادة الوعي الدولي للتهديد النووي الإيراني، وبالتالي تجنيد العالم
لوقفه، وإقناع العالم بأن مشروع إيران النووي مخصص لأهداف عسكرية"، لافتا إلى
أنها "تقاسمت مع دول العالم معلومات استخبارية وتقديرات عن نشاطات إيرانية محظورة".
وزعم الجنرال، أن "البيانات التي كشفتها، قادت الوكالة الدولية
للطاقة النووية إلى مطالبة إيران بتقديم تفسيرات عن نشاطات سابقة في مواقع نووية غير
معلن عنها"، منوها أنه "بدفع من تل أبيب، فرضت واشنطن للمرة الأولى عقوبات
على طهران، وعلى جهات لها علاقات تجارية معها في منتصف التسعينيات".
وفي بداية العقد السابق "بواسطة إشارات عن نية القيام بعملية عسكرية
ضد البنى التحتية النووية في إيران، دفعت إسرائيل والولايات المتحدة إلى أن تضع تهديدا
عسكريا موثوقا أمام طهران، وأن تتعهد بمنع وصول إيران إلى السلاح النووي وتجديد العقوبات
عليها".
وأضاف: "في نهاية المطاف وفي خطوة مختلف فيها، بدأت إسرائيل بصراع
ضد الاتفاق النووي الذي وقع عليه المجتمع الدولي، لأنها اعتقدت بأن إنجازاته غير كافية،
ومعركة إسرائيل ضد الاتفاق التي وصلت ذروتها بكشف الأرشيف النووي، كانت من بين العوامل
التي دفعت إدارة دونالد ترامب للإعلان عن الانسحاب من الاتفاق وإعادة بناء نظام العقوبات
ضد إيران".
وأكد أفينتال أنه "برغم إنجازات إسرائيل، إلا أن المشروع النووي
الإيراني واصل تقدمه، ونجحت طهران في جعل المنشآت النووية حقيقة واقعة، وتم كشفها بالتدريج،
إضافة لتقدمها التكنولوجي، وقامت باستخدام ذلك كأداة ضغط في المفاوضات مع الدول العظمى".
وذكر أن "الاعتراف الدولي بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، تمت
المصادقة عليه في الاتفاق النووي عام 2015، وهو الاتفاق الذي وفر لطهران إنجازا دراماتيكيا؛
عندما نص على رفع معظم القيود المفروضة على مشروعها النووي بعد 15 عاما".
تحويل المشكلة
ورأى أنه "خلال العمل ضد تعزز قوة إيران في المنطقة، في إطار المعركة
بين حربين، نجحت إسرائيل في تأخير وتعويق وإحباط البرنامج الإيراني، لكنها لم تنجح
في إقناع طهران بأن جهود تمركزها في سوريا تضر بمصالحها، وإضافة لذلك، في السنوات الأخيرة،
يبدو أن المعركة بين حربين التي تديرها إيران، وبناء قوة فروعها، تزداد وحتى تتسع إلى
ساحات أخرى مثل العراق واليمن".
وباختصار فإن إسرائيل فشلت في كبح جماح المشروع النووي الإيراني بحسب
تأكيد الجنرال الإسرائيلي الذي نبه إلى أن "إيران تحولت من دولة جمدت المشروع النووي
في 2003، إلى امتلاك بنية تحتية مهمة للتخصيب، بمصادقة واعتراف دولي، ومن دولة عانت
من أزمة استراتيجية في بداية سنوات الألفين، إلى دولة تطبق بنفسها استراتيجية محاصرة
إسرائيل والسعودية وتقف على رأس معسكر راديكالي يعمل كجهاز عسكري وسياسي".
ونبه إلى أنه "على ضوء الميزان الاستراتيجي الشامل، يجب على إسرائيل
أن تفحص إذا كان الوقت لم يحن بعد لتحديث مواقفها من الموضوع الإيراني، وبلورة بدائل
جديدة، والتمركز في مكانة المؤشر اليميني، والتركيز على الأهداف القصوى والتطلع لتحقيقها،
سواء في المجال النووي أو في المنطقة، كل ذلك لم يوفر الإنجازات المطلوبة".
وتابع: "هذه المقاربة التي تأثرت من سياسة ترامب، هي مقاربة غير
واقعية وتقرب من تحويل المشكلة الإيرانية لـ"مشكلة إسرائيلية""، مؤكدا أن
"التحدي الإيراني كبير ومعقد جدا، وبالتأكيد بسبب قدرات إسرائيل، فهو أكبر من
أن يحل بصورة نهائية في عملية حازمة واحدة".
وشدد على وجوب أن "تدير إسرائيل نقاشا معقدا أكثر، على الأقل في
الحوار مع الولايات المتحدة، ويجب عليها التسامي لما فوق مقاربة "أقصى ضغط"
لتحقيق "أكبر عدد من الأهداف"، وهذه معادلة تبدو مثل سياسة "كل شيء
أو لا شيء" التي تؤدي إلى طريق مسدود".
وبدلا من ذلك بحسب أفينتال فالمطلوب "استراتيجية تفضيلية تشمل
سلم أولويات ودمج بين فضاءات مرنة وخطوط حمراء، وعمليات كبح ومحفزات، وبالأساس اتفاقات
بقيادة الدول العظمى حتى لو كانت جزئية ومؤقتة، سواء في سوريا أو في موضوع النووي".
وخلص الجنرال في نهاية حديثه، إلى أنه "في ظل غياب إنجازات جوهرية
طوال الوقت، فإن هامش مناورة إسرائيل سيتقلص والخيار العسكري، الذي ليس هو الخيار الأفضل
وثمنه باهظ، سيتحول بالتدريج إلى البديل الوحيد لوقف تقدم إيران في المجال النووي".