ملفات وتقارير

السيسي في السودان.. هذه دلالات الزيارة والنتائج المتوقعة

خبير عسكري: كان لا بد من أن تقوم مصر والسودان بحراك على مستوى عال بمواجهة الجبهة الإثيوبية- سونا
خبير عسكري: كان لا بد من أن تقوم مصر والسودان بحراك على مستوى عال بمواجهة الجبهة الإثيوبية- سونا
تأتي زيارة رئيس الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي إلى السودان السبت، في ظل تقارب مصري سوداني لافت في الآونة الأخيرة، بمواجهة تحديات ملف المياه الذي فشلت جولات مفاوضاته في التوصل لحل نهائي مع إثيوبيا حول الملف الذي يكاد يعصف بنحو 140 مليون مصري وسوداني.

وخلال زياراته القصيرة، والتي سبقتها نحو 5 زيارات للسودان، وتعد الأولى عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالي في نيسان/ أبريل 2019، التقى السيسي برئيس المجلس عبدالفتاح البرهان لمناقشة ملف سد النهضة، والأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، وأمن البحر الأحمر.


السيسي، والبرهان، خلال لقائهما أكدا رفضهما "أي إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق".

بيان للرئاسة المصرية قال إن "المرحلة الدقيقة التي يمر بها ملف سد النهضة تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان"، وأن السيسي والبرهان "اتفقا على تعزيز الجهود الثنائية والدولية للتوصل لاتفاق بشأن تعبئة سد النهضة".

وتأتي الزيارة في توقيت صعب، حيث أقرت القاهرة والخرطوم بفشل مفاوضات مياه النيل، مع إصرار إثيوبيا على ملء حوض السد الإثيوبي منتصف 2021، دون توافق مع دولتي ممر ومصب النيل.

كما تأتي إثر رفض إثيوبيا مقترحا سودانيا وافقت عليه مصر، بتوسيع الوساطة الدولية والقبول برباعية دولية مكونة من الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والأمم المتحدة التي عرضت الجمعة، التدخل لإنهاء جمود المفاوضات.

المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، كان قد رفض المقترح السوداني، وأعلن أن بلاده ترفض تدويل ملف سد النهضة، وتتمسك باتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث 2015.

كما تأتي الزيارة بعد أيام من نفي وزير الشؤون الأفريقية السعودي أحمد قطان، وجود مؤتمر تقوده السعودية حول الأزمة، رغم إعلانه عن دور سعودي مرتقب بملف المياه 17 شباط/ فبراير 2021.


وسبق زيارة السيسي للخرطوم حراك سياسي وعسكري بين البلدين، حيث قابل السيسي وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي بالقاهرة الثلاثاء، ووقع رئيسا أركان جيشي البلدين الاثنين، اتفاقية عسكرية بالخرطوم.

"رسالة قوية"

وحول دلالات زيارة السيسي للخرطوم، يعتقد السياسي المصري ناجي الشهابي، أنها تؤكد "حجم التنسيق الواسع بين القاهرة والخرطوم الآن"، معتبرا أن أهميتها تكمن في كونها "رسالة قوية من البلدين موجهة إلى إثيوبيا، والمجتمع الدولي".

وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى أن أهم نتائج مثل هذه الزيارة هو تأكيد قيادة القاهرة والخرطوم على "رفضهما السياسات الإثيوبية الرامية إلى المماطلة والتسويف حتى يصبح السد حقيقة واقعة، وفرض شروطها وأهدافها من الإضرار بالأمن القومي المائي لمصر والسودان".

وحذر رئيس حزب "الجيل"، من أن تعود إثيوبيا للمراوغة والتلاعب بالألفاظ مجددا، مطالبا بإبداء "حسن النية ورغبتها الوصول لاتفاق، وقبولها مقترح السودان بانضمام لجنة رباعية دولية للمفاوضات الفنية".

ولفت إلى أن "التنسيق الجاري بين مصر والسودان الآن هو رسالة واضحة لأديس أبابا بأن البلدين الشقيقين عازمتين على حماية أمنهما القومي وحياة شعبيهما، والحفاظ على حقوقهما التاريخية بمياه النيل".

وحول رد الفعل الإثيوبي إزاء التقارب المصري السوداني الذي توجه زيارة السيسي للخرطوم، توقع الشهابي أن "تخضع في الأسابيع المقبلة، ويكون هناك اتفاق قانوني ملزم لها يحقق مصالح مصر والسودان".

"جبهة واحدة"

وقال الخبير العسكري في "الأمن القومي" اللواء جمال أبوذكري إنه "كان لا بد من أن تقوم مصر والسودان بحراك على مستوى عال بمواجهة الجبهة الإثيوبية".

وفي حديثه لـ"عربي21" أكد أن "لقاء الخرطوم الذي يأتي على أعلى مستوى بين قيادتي البلدين، السبت، لهو أكبر دليل على توافق مصري سوداني بالقضايا المصيرية".

وجزم بأن "السودان هو العمق الاستراتيجي لمصر، ولا بد أن تكون علاقة القاهرة والخرطوم على أفضل حال"، موضحا أنه "لو أرادت مصر مثلا توجيه ضربة عسكرية للسد الإثيوبي، فكيف لها أن تفعل ذلك دون أن تستخدم أراضي السودان؟".

ويعتقد الخبير العسكري المصري أن "هذه التحركات بالفعل وعلى أعلى مستوى سياسي، هي رسالة قوية من مصر والسودان إلى إثيوبيا؛ قد تجبرها للرضوخ والتفاوض حول أزمة المياه".

"نتائج هزيلة"

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني حسن إبراهيم أكد من جانبه أن "التنسيق بين السودان ومصر ضرورة"، لكنه أشار إلى أن ذلك التنسيق بلا فائدة ترجى الآن، وقال إن "النظامين ضعيفان سياسيا واقتصاديا".

وفي حديثه لـ"عربي21" يرى أنه "فات أوان المفاوضات، ولا بد للقاهرة والخرطوم من دعم (جبهة تحرير تيغراي)، كغطاء لاحتلال إثيوبيا، وفرض تغييرات جوهرية لا تضر بدولتي الممر والمصب، وفي الوقت نفسه ترعى مصالح شعوب إثيوبيا".

وتوقع ألا ينتج عن زيارة السيسي موقف مثل هذا، لافتا إلى أن "وضع البلدين الضعيف والذي لا يؤهلهما لصنع هذا مع أن الرئيس الأمريكي جو بايدن في بداياته، ووزير خارجيته بلينكن إنسان مهزوز وطموح ويخشى الفشل".

وأضاف: "لذلك فمن المصلحة المبادرة بعمل عسكري خاطف يشل قدرة الجميع على إنقاذ أبي أحمد، والأمر يحتاج إلى تفكير جديد حتى لو اضطر الجيشان المصري والسوداني إلى عمل انقلابين في البلدين".

وأشار لوجود "خطة غزو سوداني مصري جاهزة منذ عام 1979"، مؤكدا أن "غير ذلك ضياع للوقت، لأن المرحلة الثانية من ملء بحيرة السد ستبدأ تموز/ يوليو 2021".

"تثبت مخاوف إثيوبيا"

وفي رؤيته قال الباحث والمحلل السياسي السوداني عباس محمد صالح عباس، إن زيارة السيسي وما سبقها من تحركات ثنائية بين مصر والسودان "تقلق أديس أبابا خاصة في ظل التحديات التي تواجهها بعد شن العملية العسكرية على إقليم تيغراي".

وفي حديثه لـ"عربي21" أكد أن تلك الخطوات "ستثبت مخاوف أديس أبابا من أن طرفا ثالثا ظلت تردده في خطابها الرسمي من دون تسميته وهو مصر يدفع المكون العسكري لتصعيد الأوضاع على الحدود بينها وبين السودان".

ومع ذلك يعتقد الباحث السوداني أن الرد الإثيوبي على زيارة السيسي للسودان والتقارب بين البلدين، سيكون "مزيدا من التصلب في ملف سد النهضة، مع العمل على إبقاء الملف تحت رعاية الاتحاد الأفريقي".

وتابع: "وبالتالي إجهاض مساعي الخرطوم والقاهرة إدخال وأطراف دولية أخرى، مع الحرص على عدم تقديم تنازلات جوهرية تمس بثوابت الموقف الإثيوبي".

وأوضح أن "الأولوية أمام الحكومة الإثيوبية حال مواجهة الضغوط الخارجية على خلفية ملف تيغراي، وتحصين وحشد الجبهة الداخلية، لم تتحسب لبعض التطورات الإقليمية كالتحرك المشترك مؤخرا بين الخرطوم والقاهرة على كافة الأصعدة".

"فرصة اقتصادية"

وعلى الجانب الاقتصادي للزيارة، ورغم حجم التبادل التجاري الضعيف بين البلدين - 862 مليون دولار خلال 2020- إلا أن خبراء أكدوا أنها ستفتح الباب لزيادة الصادرات المصرية للسودان، وفق حديث السفير المصري أحمد حجاج للتليفزيون المصري.

تغطية خاصة | السفيرأحمد حجاج يوضح أهمية زيارة الرئيس السيسي للسودان ..يفتح مجال كبير للصادارت المصرية ويؤدي إلى خفض أسعار المنتجات بالسودان

 
التعليقات (1)
عبدالله المصري
السبت، 06-03-2021 05:38 م
السيسي متواطئ مع اثيوبيا لا شك بالتوقيع بالموافقه على السد ثم بالتخاذل في عدم تدمير السد و مصر لديها الامكانية لذلك حتى ان ترامب تعجب لعدم تفجير السد من قبل السيسي