ملفات وتقارير

هل ينجح تنسيق بين السودان ومصر بوقف "تجاوزات إثيوبيا"؟

أعرب "عبد المطلب" عن اعتقاده بأن الحل الاقتصادي للأزمة قد يكون مثمرا عبر "مشروع للربط الكهربائي" بين الدول الثلاث- جيتي
أعرب "عبد المطلب" عن اعتقاده بأن الحل الاقتصادي للأزمة قد يكون مثمرا عبر "مشروع للربط الكهربائي" بين الدول الثلاث- جيتي

تدخل أزمة المياه بين مصر والسودان وإثيوبيا منحنى صعبا في ظل تزايد الخلافات بين دولتي المصب ودولة منبع النيل الأزرق، وتقاطع الموقف مع توتر عسكري على الحدود السودانية الإثيوبية.

ومع ما شهدته المواقف السودانية المصرية مؤخرا من تقارب كبير في الملف، دعا خبراء ومراقبون لتتويج هذا التقارب بعمل مشترك بين دولتي المصب، فيما شكك آخرون بنجاعة ذلك دون تنسيق مع الجانب الإثيوبي.
 
ويشير الموقف على الأرض لخطورة كبيرة في ظل إصرار إثيوبي على تنفيذ خطوتها الثانية للعام الثاني على التوالي بحجز مياه فيضان النيل الأزرق -المورد الموسمي والأهم لنهر النيل- خلف السد، منتصف 2021، ودون اتفاق مع مصر والسودان، مع إعلان أديس أبابا رفضها وساطة أوغندا، رئيس الاتحاد الأفريقي الجديد، رغم قبولها وساطة جنوب أفريقيا سابقا.

 

"الحل جماعي"

الأكاديمي المصري عبد النبي عبد المطلب، أحد المهتمين بملف المياه، وفي تعليقه على من يطالبون السودان ومصر في ظل التقارب بينهما بعمل ثنائي مشترك، كالخروج من اتفاقية 2015 أو ضرب السد، قال؛ إن "هذا التصرف لن يكون له أي قيمة".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد عبد المطلب أن ذلك من شأنه أن يلغي الاتفاقات المكتوبة كافة، "ويمحو كل أثر يمكن الاعتماد عليه كوثيقة عند التحكيم، كما أن الواقع على الأرض يجعل هذا الانسحاب بمنزلة إعلان حرب، وهذا سوف يعقد الأمور ولن يحلها".

وحول كيفية استثمار التقارب المصري السوداني في الضغط على إثيوبيا، رأى أن "الحل الأمثل لمشكلة سد النهضة هو وجود تعاون مشترك يجمع مصر والسودان وإثيوبيا"، في إشارة منه إلى أن التعاون الثنائي المصري السوداني منفصل عن إثيوبيا غير كاف لحل الأزمة.

وقال: "تحت كل الظروف لن يتمكن التعاون المصري السوداني، ولا التحكيم الدولي في إجبار إثيوبيا على التراجع عن الملء الثاني في آب/ أغسطس 2021، أي بعد حوالي 6 أشهر من الآن".

وأكد أن المطلوب "هو زيادة فترة الملء بحيث لا تحتجز إثيوبيا أكثر من 7 مليارات متر مكعب سنويا، وأن يكون هناك ترتيبات مكتوبة ومتفق عليها للتخزين في أوقات الجفاف، والجفاف الممتد".

وأعرب "عبد المطلب" عن اعتقاده بأن الحل الاقتصادي للأزمة قد يكون مثمرا عبر "مشروع للربط الكهربائي يضم مصر والسودان وإثيوبيا بالمرحلة الأولى، ثم يمتد ليشمل دول حوض النيل كافة بالمرحلة الثانية".

 

وأضاف: "ستكون بداية جيدة لتعاون مثمر قد يحل مشكلة نقص المياه اليوم بالنسبة للسودان، واحتمال النقص السنوي لمصر".

دعوات "الانسحاب"


وكان خبير المياه وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، قد دعا مصر والسودان للانسحاب سويا من اتفاقية مبادئ سد النهضة الموقعة عام 2015، قبل موعد الملء الثاني لخزان السد الإثيوبي.

وأكد أن الإلغاء يتبعه الإعلان عن أن السد الإثيوبي (سد خلافي) لا يتماشى مع قانون الأمم المتحدة لمياه الأنهار الدولية العابرة للحدود، وأنه يهدد بحرب للمياه في شرق أفريقيا حتى ينتفض المجتمع الدولي، ويقوم بدوره في التدخل ويتم تدويل القضية.

وأشار إلى أن مبررات مصر والسودان للخروج من الاتفاقية هي عدم التزام إثيوبيا ببنود الإعلان، وإلغائها عمل المكتب الاستشاري، ورفض الوسيط الدولي، والتعويضات، والاتفاق على نظامي الملء والتشغيل، ورفض رفع الأمر إلى رؤساء الجمهوريات عند تعثر المفاوضات.

 

اقرأ أيضا: لماذا تتمسك إثيوبيا باتفاق مبادئ عام 2015 مع السيسي؟


ولكن مصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوا أيضا لتعامل أشد مع الملف، بما في ذلك دعوة مصر والسودان للقيام سويا بـ"عمل عسكري" ضد السد الإثيوبي.

وعلى الجانب الآخر رفض السياسي المصري عبد الحليم منصور، فكرة انسحاب البلدين، مؤكدا أن "الاتفاق الحديث في 2015، يعزز موقف القاهرة والخرطوم أمام المجتمع الدولي".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "اتفاق 2015، يعطي الحق للبلدان الثلاثة في استثمار ماء النيل شريطة عدم الإضرار بأي منهم؛ وهو الأمر الذي يحق للمتضرر حال الإضرار به أن يتخذ من القرارات والتصرفات ما يحمي بها مصالحه".

ولفت إلى أن الإدارة المصرية "دوما تعلن وتؤكد عدم المساس بحياة 100 مليون مصري، وأن الكهرباء التي تتحدث عنها إثيوبيا يمكن إنتاجها من مصادر متعددة"، مبينا أنه "لا داعي للخوف والقلق، وأن المسافات اليوم في الملف اقتربت كثيرا عما كانت".

وفي 6 شباط/ فبراير الجاري، قال وزير الري الإثيوبي سيلشي بيكيلي؛ إن بناء سد النهضة يجري بشكل سريع، ووصل لأكثر من ٧٨ بالمئة، ومن المتوقع أن يخزن ١٣.٥ مليار متر مكعب من المياه في موسم الأمطار القادم، مؤكدا أن "بلاده غير معنية بفشل التوصل إلى اتفاق، وأنها ترفض أي اتفاق يحيد عن إعلان ٢٠١٥".

أما الخرطوم، التي انزلقت في مواجهات عسكرية حدودية مع أديس أبابا لا يُعرف إلى أي مدى ستصل، بدت غاضبة أكثر من ذي قبل، وأعلنت أنها تقوم بدراسة الموقف وإعداد ملفات قانونية ودبلوماسية في حال وقوع أضرار عقب الملء الثاني، فيما دعا وزير الري السوداني ياسر عباس، 7 شباط/ فبراير الجاري، لإشراك الأمم المتحدة في الوساطة.

وفي القاهرة، فإن الغضب المعلن لم ترافقه خطوات ملموسة، ووسط حديث من رئيس النظام عبد الفتاح السيسي حول الاستمرار في التفاوض والصبر على الأزمة، فيما قال وزير الخارجية سامح شكري 12 شباط/ فبراير الجاري: "لدينا سيناريوهات كثيرة، لكن كل وضع وله رد الفعل المناسب له".

التعليقات (2)
ابوعمر
الإثنين، 15-02-2021 10:56 ص
..أكيد ومؤكد أن الكلاب السعرانة ستسحقها اليد الحديدية الأثيوبيــــة....
عبدالله المصري
الأحد، 14-02-2021 09:44 م
اي تنسيق بعد ان وافقوا على لف حبل الجوع و العطش حول رقبة أوطانهم كان عند السودان فرصة بعد الثورة ان لا تعترف بتوقيع البشير لانه اتفاق قاتل