ثمة أفكار ينظر لها كثيرون على أنها "كلام فاضي"، رغم أنها هي ذات الأفكار التي لعبت وساهمت كثيراً في نجاح آخرين، من ضمنها "كتابة
المذكرات الشخصية"، فيبرر بعضنا عدم اللجوء لذلك أو عدم اقتناعه بالفكرة من باب "شو الفايدة"، وبعضنا يحجم خشية وقوع ما يكتب في يد آخرين فيستغلونها ضده وتصبح أسراره مكشوفة للجميع، فما هي هذه الفكرة وما فلسفتها وفائدتها؟
تقوم فلسفة هذه الفكرة على تدوين وتسجيل الإنسان للأحداث التي عايشها منذ استيقاظه حتى عودته للنوم ليلا، وتنبع أهميتها من:
١- إن الإنسان يتمتع بذاكرة مهما كانت قوية فهي معرضة لأن يتسلل إليها النسيان، فتضيع منها أحداث مهمة قد تكون لها أهمية في حياته الخاصة أو تهم آخرين فتكون قد تبخرت.
٢- تساعد الإنسان على تقوية ذاكرته من خلال إعمال عقله في استرجاع الأحداث التي عايشها في نهاره.
٣- تقوي اللغة التعبيرية عند الإنسان، فيصبح مع الوقت والممارسة مجيداً لتقنيات التعبير الجميل.
٤- ما يكتبه الإنسان قد يقوي عزيمته على الاستمرار في خطة حياته التي بدأها لأنه سيرى أمامه أحداث مهمة.
٥- ما يكتبه الإنسان الآن قد يصبح مصدر إلهام وتحفيز لآخرين يقرؤون ما يكتب فيتعلمون منه، سواء في حياته أو بعد وفاته.
٦- كتابة المذكرات تزيد من تركيز الإنسان في ما يراه أو يسمعه لأنه سيكتب ذلك ويحرص أن ينقله بموضوعية بلا خللٍ أو مللٍ.
٧- كتابة المذكرات تخلق عند الإنسان شعوراً بالمسؤولية والثقة بالنفس فينقل الأحداث بكل موضوعية.
٨- كتابة المذكرات تشعرك بأن لديك ما تتحدث عنه وتفتخر به أمام نفسك وأمام الآخرين.
٩- فرصة لتجري تقييما لنفسك من فترة لفترة والتقييم يشمل طريقة استثمارك لوقتك ومالك وعلاقاتك وقدراتك التعبيرية.
١٠- كتابة المذكرات تحسن الحالة المزاجية النفيسة، فهي تخلصك من شحنات سلبية علقت بنفسك.
11- كتابة المذكرات هي إعادة صياغة يومك ورسمه بالكلمات، كما تحسن الخط اليدوي.
12- المذكرات تجعلك دوما في قلب الأحداث الماضية تستلهم منها العبر والعظات.
ماذا أكتب في مذكراتي؟
اكتب ما رأيته وسمعته وفعلته وفكرت فيه منذ استيقاظك حتى قبل بدء
الكتابة، اكتب ما فعلته وندمت عليه، وما لم تفعله وتمنيت فعله، اكتب ما اعتراك من حزنٍ وما أسعدك، وما دار في نفسك ومجتمعك، اكتب رأيك في ما قرأته أو سمعته، فلو قرأت قرآنا أو حديثا نبويا أو مقالا أو قصة أو قصيدة أو شاهدت برنامجاً اكتب عنه، اكتب ما تعلمته وما علمته، وما رأيت ومن تعرفت عليه، اكتب الدرس الذي علمتك إياه مدرسة الحياة.
ملاحظات:
- يلزمك لكتابة المذكرات رغبة ودفتر وقلم، اكتب بقلبك وعقلك وبخط يدك، لأنها تشهد انفعالاتك، وبإمكانك كتاباتها على الحاسوب بعد فترة طويلة.
- يُستحن كتابة المذكرات بالليل حيث الهدوء وفي وقت محدد، حتى تتعود عليها وتصبح جزءا من برنامجك اليومي.
- إعادة قراءة ما كتبته شيء جميل لأنه سيذكرك بشيء قد نسيته.
- كن عفوياً في كتاباتك، فحروفك تعبر عن ظروفك وحالتك النفسية.
- ركز على التطور الذي حدث واستمر.
- إن كنت رساماً، فجميلٌ جداً لو عبرت عن بعض الأحداث بالرسم بجانب الكتابة.
- جميل لو تم تدعيم كتابة المذكرات بصور شخصية بالأشخاص الذين التقيت بهم أو الأماكن التي زرتها والفعاليات التي شاركت بها.
- اكتب الأحداث حسب تسلسها الزمني اليومي.
إجمالاً يبقى القول بأن كتابة المذكرات مسألة مهمة، وعلينا جميعا البدء بها للأسباب المذكورة أعلاه ولغيرها مما لم يأت على بالي.