هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد انتهاء الأزمة الخليجية بين دول المقاطعة، السعودية والإمارات والبحرين ومصر رسميا، وإتمام المصالحة بينها وبين قطر، ونجاح قمة مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء، في إزالة آثار 3 سنوات ونصف من المقاطعة الخليجية للدوحة؛ يثار التساؤل حول ما الذي يمكن أن تغيره المصالحة الخليجية في أزمات المنطقة العربية.
ووقع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأمير قطر تميم بن حمد، ونائب رئيس الإمارات محمد بن راشد، وولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري، بيان قمة الخليج 41، معلنين انتهاء الأزمة الخليجية، فيما أسموه بيان "التضامن والاستقرار".
ولكن في ملف مصر وقطر؛ ما الذي يمكن أن يتغير، في ظل معطيات عدم حضور رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، للقمة الخليجية وحضور وزير خارجيته بدلا منه؛ ثم زيارة وزير المالية القطري إلى مصر الثلاثاء، لافتتاح أحد مشروعات شركة الديار القطرية بالقاهرة وهي الزيارة الأولى لوزير قطري منذ 3 سنوات، في أول خطوة إيجابية إثر المصالحة.
اقرأ أيضا: قرقاش يعلن موعد عودة النقل مع قطر ويتحدث عن "علاقة تركيا"
وفي ملف آخر، تثار تكهنات حول شكل العلاقات المحتملة بين قطر وتركيا الآن في ظل المصالحة الخليجية؛ خاصة وأن أنقرة كانت الداعم الأكبر للدوحة في أزمتها، وأنشأت قاعدة عسكرية على أرض قطر.
كما تُطرح تساؤلات حول انعكاس ما جرى على الملفات الإقليمية المعقدة، كالملف الليبي والسوري والفلسطيني وما قد ينالها من تغييرات على خلفية المصالحة الخليجية.
ملامح التغيير
الباحث والأكاديمي المصري، الدكتور محمد الزواوي، قال إن "هذه المصالحة الخليجية التي حدثت بدون شروط مسبقة تعد انتصارا للجانب القطري واستقلالية قراره وسيادته، ومن ثم لا يجب أن نتخيل وجود تنازلات في الكواليس وإلا كان قد تم وضعها في (بيان العلا) على الأقل من أجل حفظ ماء الوجه أمام شعوب دول الحصار".
الأكاديمي المصري، في حديثه لـ"عربي21"، يعتقد أن "الموقف القطري سيظل كما هو فيما يتعلق برفض التصعيد مع إيران من جهة، وكذلك استقلالية قناة الجزيرة من جهة أخرى، وهو ما أكده وزير الخارجية القطري، وكذلك سيظل الموقف القطري متوازنا فيما يتعلق بجماعات الإسلام السياسي كما كان في السابق من جهة ثالثة".
أما فيما يتعلق بالعلاقات التركية فيرى المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، أن "الدوحة تعتبر أنقرة بمثابة عنصر توازن هام في علاقاتها مع دول الخليج، وكذلك تتفق مع دولتي عمان والكويت فيما يتعلق بالعداء مع إيران، ومن ثم فإن هذا الاتفاق من وجهة نظري يمثل انتصارًا للدبلوماسية القطرية التي ظلت متوازنة ومحافظة على منظومتها القيمية طوال فترة الحصار".
وحول التطبيع قال إن "هذا الأمر لا يفيد قطر حيث إنه لا توجد مصلحة مباشرة بينها وبين إسرائيل، بخلاف الإمارات على سبيل المثال التي تهدف إلى توسيع نفوذها في مجال الطاقة، وكذلك السعودية التي تهدف إلى تمرير ملف التوريث".
أما القاهرة فوفق رؤية الزواوي، "ستظل بعيدة عن الدائرة الخليجية بسبب فقدانها للتأثير؛ حيث إنها الآن ليست عنصرا مؤثرا في أي من الدوائر الإقليمية الحالية، بل تقوم الآن بدور الدعم والمساندة للقيادة السعودية الإماراتية، وربما اعتبرت تلك المصالحة طعنة في الظهر لأنها ستفقدها جزءا كبيرا من مصداقية منظومتها الدعائية لحشد الشعب خلف النظام السلطوي العسكري الحالي".
"الفصل بين المسارات"
وعن الملف المصري قال الباحث في الشأن اﻹسرائيلي لدى مركز "رؤية للتنمية السياسية" في إسطنبول، صلاح الدين العواودة، إن "الموقف المصري مختلف عن نظيره في السعودية والإمارات؛ فالنظام المصري يرى أن دعم قطر للثورات ولجماعة الإخوان موقف لا يمكن التعايش معه".
العواودة، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه "ولذلك يبدو أن المصالحة خليجية فقط وعلاقات مصر- قطر كانت متوترة منذ انقلاب 30 حزيران/ يونيو 2013"، لافتا إلى أن "العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما لم تنقطع، وكذلك بين مصر وتركيا لنفس الأسباب".
وجزم بأن "العلاقات الدولية في السنوات الأخيرة تفصل بين المسارات؛ حيث تتوتر العلاقات السياسية والأمنية وتبقى الاقتصادية، وهذا ينطبق على علاقات مصر وتركيا، ومصر وقطر، وتركيا وإسرائيل، وتركيا وإيران.. إلخ".
اقرأ أيضا: هيرست: دوافع سوداوية من وراء توجه السعودية للوحدة الخليجية
أما عن التقارب القطري السعودي الإماراتي، فيعتقد الباحث السياسي، أنه "سيظل في إطار التوجس المتبادل بعيدا عن الدفء؛ ولاسيما أنه لا أحد غير من مواقفه الأساسية في علاقاته بالمحيط".
وأوضح أن "قطر ستحافظ على علاقات جيدة مع إيران، وجماعة الإخوان المسلمين، وحركة حماس، وعلاقات تحالف مع تركيا"، مؤكدا أن "هذا سيبقى على حساب العلاقة مع السعودية والإمارات، بل ستتعزز العلاقات مع تركيا لا سيما وأن العلاقات السعودية التركية آخذة في التحسن".
وبشأن تأثير المصالحة الخليجية على الصعيد السوري، يعتقد العواودة، أن "الدور الخليجي عموما تراجع كثيرا لصالح تركيا وإيران، وهذا يقلل من إمكانية تأثير المصالحة على الأزمة السورية"، لافتا إلى أنه "على صعيد ملف ليبيا فمن المرجح أن تساعد المصالحة على تعزيز التوافق والتقارب بين الفرقاء هناك".
وفي رؤيته أكد أنه على صعيد الملف الفلسطيني، "فمن المرجح أن التوافق والاستقرار بعد المصالحة الخليجية سيساهم في تشجيع المصالحة الفلسطينية داخليا؛ وربما يساهم في الضغط على إسرائيل في ظل إدارة جو بايدن، لعودة المفاوضات".
وختم الباحث الفلسطيني حديثه بالقول: "وهذا المسار إذا تم السير فيه سينعكس على علاقات قطر وإسرائيل باتجاه التطبيع استمرارا لالتزام قطر تاريخيا بهذا الخط".
"هذا ما أراده الغرب"
وعبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تساءل الخبير الاقتصادي المصري عبد النبي عبد المطلب قائلا: "هل ستكون هناك حقا مصالحة خليجية؟"، مجيبا بقوله: "لا أعتقد"، مضيفا: "كل ما في الأمر أن الغرب وضع تركيا المسلمة السنية، وإيران المسلمة الشيعية في خانة أعداء البشرية؛ لكنه اكتشف زيادة المدفوعات القطرية لتركيا وإيران، فقرر إجراء ترتيبات تحرم تركيا وإيران من هذه المدفوعات".