هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدخل عدوان حفتر على طرابلس البلد في عمق الأزمة وضاعف من العقبات والعوائق أمام الحلول السلمية، وعندما تدخل الأزمة منعطفا حادا تصبح مقاربات التسوية العادلة ضربا من المستحيل، وهنا تطفو على السطح التحركات اللامسؤولة التي تنتج مزيدا من التأزيم وتعيد الصراع إلى أوجِّه.
الوجه القبيح للمصالح الخاصة
المشهد يعج بأدوار أصحاب المصالح الخاصة التي يغطونها بالمصلحة العامة والتحديات الجسمية التي يواجهها الوطن والظروف القاسية التي يعشها المواطن الليبي، فهذا ما برر به حفتر قراره بإعادة فتح حقول وموانئ النفط، وهي ذاتها المصلحة العامة التي يتحرك لأجلها امعتيق في مبادراته الاخيرة.
ولا يشك قطاع كبير من الليبيين أن ماراثون الاجتماعات التي تضم قيادات برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة، ولقاءات موسكو هي لأجل تحقيق بعض القيادات البارزة في المشهد طموحها في البقاء في السلطة.
النفط وصفقة العام
ما يمكن الجزم به أن التحركات التي تجري والاجتماعات والاتفاقات التي تقع في عواصم عدة لا يجمعها رابط، بل إنها تجري في أجواء منافسة حادة بين المسؤولين لضمان بقائهم في أي تسوية سياسية جديدة.
إذ أن التقصي البسيط يكشف أن مبادرة امعيتيق لا علاقة لها بالمجلس الرئاسي ولا تصب في صالح الاجتماعات التي انعقدت في المغرب وسويسرا، بل يمكن أن تقوض أي جهد بناء لحلحلة الأزمة.
لا يشك قطاع كبير من الليبيين أن ماراثون الاجتماعات التي تضم قيادات برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة، ولقاءات موسكو هي لأجل تحقيق بعض القيادات البارزة في المشهد طموحها في البقاء في السلطة.
المشكلة الكبيرة أن هؤلاء يقدمون بكل جرأة على عقد الصفقات دون اعتبار لما هو ممكن وما هو مستحيل، وما هو مقبول سياسة وأخلاقا، وما هو قبيح ومدمر.
فهل من المقبول أن يتم التفاهم على توزيع عوائد النفط، وهي قضية معقدة وشائكة، على الوجه الذي وقع بشكل منفرد، وعلى عجل، وهي تتطلب دراسات وبحوث لتحديد إيجابيات وسلبيات التوزيع وتقديره بشكل دقيق والوصول إلى آلية بناءة لمعالجة هذه المسألة!؟
تعميق الأزمة وتكريس لأسبابها
كان النفط من أبرز أسباب الصراع بين شمال السودان وجنوبه، ومشكل السودان لم يحل حتى بعد أن تحصل الجنوبيون على مطالبهم في عدالة توزيع النفط وأكثر من ذلك، فكان أن دخل الجنوب في تيه سياسي ونزاع عسكري أشد ضراوة من نزاعهم مع الشمال، والعلة مفهومة وهي أن هذه الصفقات تقع في أجواء سياسية وأمنية مسمومة وملغومة تدفع إلى الانجرار إلى الحلول التلفيقية بدل المقاربات الشاملة التي تتعامل مع جذور النزاع وليس فقط مظاهره وآثاره.
اختراقات تدفع الصراع إلى الامام
ما أدري لما هذه الهرولة تجاه ردم الأزمة بدل البحث عن أسبابها وعوامل تأجيجها، فهل إعطاء طوق نجاة وشريان بقاء لحفتر سيحل النزاع وينهيه؟!
حفتر مهووس بالحروب ومولع بفرض إرادته بالقوة للسيطرة على مفاصل الدولة، وهو اليوم في مأزق ويبحث عن فرصة لإعادة الكرة من جديد. فهل يشك السيد امعيتيق أن حفتر يمكن أن يستفيد من أموال النفط ومن سداد ديونه جراء الحروب التي أشعلها ليشن حربا ثالثة؟!
المقاربة المثلى والممكنة
جبهة الوفاق تواجه كل يوم تشظيا سببه النزعات الفردية واللهث خلف مصالح خاصة، وتأتي مبادرة امعيتيق في ظل واقع سيئ في الجبهة الغربية، ولم تقدم مبادرته شيئا لرأب الصدع، بل إنها تدق مسمارا كبيرا في نعش حكومة الوفاق والجبهة السياسية والعسكرية والاجتماعية التي دعمتها بعد العدوان على طرابلس.
لهذا فإن المطلوب اليوم أن تعود الجبهة إلى تماسكها وأن يقع بينها تفاهمات ملزمة يكون تخطيها مجرَّما وأن أي تحرك فردي مهما كانت صلاحيات من يقوم به مرفوض.
من المتوقع أن لا تنجح مبادرة امعيتيق، لكن فشلها لا يعني انتهاء التصرفات اللامسؤولة التي ستكون نتيجتها التفتيت وتمرير صفقات عواقبها ستكون وبالا على الجميع، لهذا وجب غلق المنافذ أمام كل تصرفات فردية تغرد خارج السرب.