هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد الانتعاشة التي عاشها الشعب الأردني، إثر رفع الحظر الكلي الذي فرضته حكومة عمر الرزاز لمواجهة فيروس كورونا في حزيران/يوليو الماضي؛ عادت مخاوف الأردنيين من عودة الحظر مع تزايد حالات الإصابة بالفيروس التي بلغت حتى أمس الأربعاء 43 حالة، في أعلى حصيلة يومية منذ اكتشاف الوباء بالمملكة.
وكانت الحكومة الأردنية قد فرضت مطلع آذار/مارس الماضي عددا من الإجراءات الوقائية؛ أبرزها تفعيل قانون الدفاع، وفرض الحظر الشامل والجزئي، وعزل بعض المحافظات كليا، وتعليق عمل المؤسسات الحكومية والتعليمية، وإغلاق المساجد ودور العبادة.
وبدأت الحالة الوبائية في الأردن بالتراجع في الأسبوع الأول من شهر آب/أغسطس الحالي، بعدما ظهرت حالات محلية تبين أن معظمها قادم من المعابر الحدودية، وخاصة معبر جابر/نصيب الحدودي مع سوريا، ما أثار انتقادات للحكومة بالتراخي في الإجراءات الوقائية على المعابر.
ورغم تأكيد الحكومة على لسان ناطقها الإعلامي أمجد العضايلة الأربعاء "صعوبة العودة إلى حالات الإغلاق الشامل أو الحظر الكلي لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية ونفسية كبيرة"؛ إلا أن مواطنين أردنيين أعربوا لـ"عربي21" عن مخاوفهم من فرض الحظر مع تجدد الإعلان عن تزايد عدد الإصابات بالفيروس.
وعاد العضايلة الخميس ليعرض إجراءات "قد تضطر الحكومة لتفعيلها الأسبوع المقبل في ضوء تطور الحالة الوبائية خلال الثلاثة أيام المقبلة" التي وصفها بـ"الحاسمة"، أبرزها "فرض حظر تجول شامل على مستوى المحافظة أو اللواء أو المدينة الساخنة التي تشهد ارتفاعا في حالات الإصابة وانتشارا لعدة بؤر".
ومن الإجراءات أيضا "تقليص عدد الساعات المسموح فيها لحركة المواطنين ونشاط المنشآت ليلا، وإغلاق مؤقت للمدارس والمرافق التعليمية والمساجد والكنائس والأسواق الشعبية والحدائق والمتنزهات على مستوى المحافظة أو اللواء أو المدينة التي قد تشهد انتشارا للوباء أو البؤر".
تخوفات "مشروعة"
وتبدو تخوفات الأردنيين من عودة الحظر "مشروعة" بحسب أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي الذي لفت إلى "عدم وجود قدرة لدى الحكومة على تغطية تبعات الحظر الاقتصادية والمعيشية للمواطنين".
وقال خزاعي لـ"عربي21" إن أزمة كورونا كشفت لنا الضعف الاقتصادي للمواطن والحكومة معا، مستشهدا بأن 900 ألف أسرة تقدمت لصندوق المعونة الوطنية بطلبات دعم الخبز بعد الأزمة، وقبلها تقدمت 400 ألف أسرة بطلبات مماثلة، بالإضافة إلى أن 400 ألف أسرة تقدمت بطلبات لبرنامج دعم عمال المياومة.
وحول الآثار النفسية والاجتماعية لفرض حظر التجول؛ أوضح الخبير الاجتماعي أن عدم قدرة المواطنين على الخروج من بيوتهم أثناء فترة الحظر يؤدي إلى آثار نفسية سيئة للغاية، كالقلق والعصبية والغضب، الأمر الذي ينتج عنه تزايد في حالات العنف الأسري والاجتماعي.
وبين أن العامل الاقتصادي هو المؤثر الأكبر على الحالة النفسية للمواطنين، وخصوصا أن 48 بالمئة من الأسر الأردنية تسكن بالإيجار، مشيرا إلى أن عدم قدرة المواطن على دفع الإيجارات وتوفير الاحتياجات الأسرية والوفاء بالالتزامات الاجتماعية والاقتصادية؛ سيؤدي إلى "حالة من التفريغ عن طريق العنف".
ولفت خزاعي إلى أن خطورة الفيروس تعد من العوامل النفسية الضاغطة أيضا، حيث إن كل شخص يراوده شعور بأنه سيُصاب بالمرض، وخصوصا مع الإعلان عن تزايد عدد العمارات التي يتم عزلها بسبب وجود حالات من القاطنين فيها، مؤكدا أن "العودة إلى أجواء الحظر ستكون صعبة جدا على الأردنيين".
عواقب اقتصادية
ويرى مراقبون أن عواقب الحظر الاقتصادية في حال تم فرضه؛ ستكون قاسية على البلاد التي كانت تعاني أصلا من أزمة اقتصادية قبل كورونا بسبب عوامل إقليمية أدت إلى انقطاع حركة التصدير.
وفي آخر توقعاته؛ قال صندوق النقد العربي إن الاقتصاد الوطني الذي حقق نسبة نمو قدرها 2 بالمئة العام الماضي؛ سيسجل مزيدا من التراجع خلال العام الحالي لينكمش بنسبة 3.4 بالمئة، وهو ما يتطابق مع توقعات مؤسسات عالمية.
ويأتي هذا الانكماش في ضوء تباطؤ الطلب العالمي وانخفاض الصادرات، بالإضافة إلى تراجع تدفقات الدخل السياحي وتحويلات العاملين في الخارج، وأخيرا إجراءات الإغلاقات الداخلية لمواجهة انتشار كورونا.
ويرى رئيس غرفة تجارة عمان، خليل الحاج توفيق، أن الاقتصاد الأردني "لا يحتمل حتى مجرد الحديث عن الإغلاق"، لافتا إلى أن "الأسبوع الماضي شهد تراجعا في المبيعات بنسبة 50 بالمئة تقريبا، بسبب تداول الحديث عن احتمال عودة الإغلاق، أو تضييق ساعات العمل".
اقرأ أيضا : "كورونا".. انتكاسة وبائية تعيد الأردن لمربع المواجهة الأول
واستدرك في حديثه لـ"عربي21": "لا نتوقع أن يكون هناك حظر كما كان في السابق، ولا حصول إغلاقات على مستوى القطاعات، وخاصة أن المطار مغلق، ولا توجد بؤر انتشار للفيروس، والحالات سيتم السيطرة عليها وخاصة بعد تمديد إغلاق معبر جابر".
وقال الحاج توفيق إن الحكومة تدرك مدى خطورة إعلان الحظر الشامل، بدليل أنها تقوم بعزل العمارات التي يُكتشف وجود إصابات في سكانها، مؤكدا أن نتائج الحظر في حال تطبيقه ستكون "كارثية" على الاقتصاد والخزينة معا.
ودعا إلى البحث عن حلول أخرى بديلة عن الحظر، كالتوعية والرقابة وتشديد العقوبات، معربا عن عدم قناعته بأن الحكومة استنفدت جميع الحلول كي تتوجه إلى الحظر والإغلاقات.
وبين الحاج توفيق أن صغار التجار والموزعين توقفوا عن الشراء خوفا من حدوث إغلاقات، لافتا إلى أن هناك قطاعات ما زالت مغلقة، وهناك قطاعات أعيد فتحها على الورق فقط، كالقطاع السياحي، "فالمطار مغلق، والسياحة المحلية لا تشكل إلا 10 بالمئة".
ورأى أن إفلاس العديد من الشركات بعد الحظر الذي فرضته الحكومة "مؤشر خطير على تراجع الاقتصاد الأردني"، محذرا من أثر الحظر الشامل على زيادة نسبة البطالة، "وخصوصا أن لدينا 88 ألف خريج سنوي، وحوالي 425 ألف أردني يعملون في دول الخليج التي بدأت تخفض الرواتب وتتخلى عن العمالة الوافدة".
وصعدت معدلات البطالة في سوق العمل الأردنية إلى 19.3 بالمئة في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ18.6 بالمئة نهاية 2019، بحسب تقرير نشرته دائرة الإحصاءات العامة الحكومية في أواخر أيار/مايو الماضي.
وفي وقت سابق الخميس؛ أعلن وزير الصحة الأردني الدكتور سعد جابر، عن تسجيل 16 إصابة جديدة بفيروس كورونا منها 14 محلية، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات في المملكة منذ بدء الجائحة إلى 1498 إصابة.