هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يواصل معلمو
الأردن فعالياتهم الاحتجاجية على إغلاق مقرات نقابتهم، واعتقال أعضاء مجلسها
الثلاثة عشر، وتحويلهم للقضاء، ما يثير أسئلة حول السيناريوهات المتوقعة لأزمة
المعلمين، خصوصا مع اقتراب السنة الدراسية الجديدة، التي تبدأ في الأول من أيلول/ سبتمبر
المقبل.
واتسعت دائرة
احتجاجات المعلمين في الأردن، لتصل معظم محافظات المملكة، وازدادت وتيرة الاعتقالات
في صفوفهم، وتداول نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لملاحقة واعتقال عدد
من المعلمات، الأمر الذي قد يعمق الأزمة، ويوسع دائرة الاحتجاجات، بحسب مراقبين.
ويرى الكاتب
والمحلل السياسي وليد حسني، أن "المعلمين تحولوا لعنوان أمام باقي الشعب
للتعبير عن الاحتجاج على سياسات الدولة والحكومة، ورفض الواقع الاقتصادي
والاجتماعي، ومن هنا تبدأ مشكلة الدولة الأردنية مع المعلمين".
وقال
لـ"عربي21" إن كرة الاحتجاجات عمليا تتدحرج، ومساحتها تتسع، مؤكدا أن
"الذين يحتجون في الشوارع ليسوا معلمين فقط، وإنما هناك قطاعات عريضة من
الأردنيين يتضامنون مع المعلمين، ويعلنون عن هذا التضامن".
وأضاف أن
الأردن لم يشهد اعتقالات للنساء بهذه الطريقة والكثافة سوى ما جرى مع المعلمات،
مؤكدا أن استمرار الحكومة باعتقالهن سيؤجج الاحتجاجات؛ لأن المجتمع الأردني يرفض
بالمطلق التعرض للنساء بالاعتقال.
تحويل الخلاف
إلى "سياسي"
ورجح حسني عدم
الإفراج عن المعلمين المعتقلين في المدى المنظور، "ما يعني أن السيناريو
يتجه للكسر الخشن لمطالب المعلمين؛ بفرض الموقف الحكومي على المعلمين بالقوة
المحضة التي ستظهر أكثر وضوحا في الأيام المقبلة".
وأوضح أن
الدولة الأردنية قد "تنتصر" من خلال تحويل الخلاف مع المعلمين والشعب إلى خلاف سياسي بحت، مؤكدا أن ذلك إن تحقق "سيكسر إرادة المعلمين، وينعكس على
وحدة الاحتجاجات".
وأضاف حسني أن
"الدولة إذا لم تستطع تحقيق انتصارها على الشارع، فإنها ستضطر إلى تغيير كل
خططها، وقد بدأت فعلا من خلال التهديد بعودة الكورونا، وتحديد ثلاثة أيام دراسية
منتظمة فقط".
اقرأ أيضا: الأردن يفعّل "أمر الدفاع 11" على وقع الاحتجاجات وعودة كورونا
وأعلنت
الحكومة مؤخرا بحثها إمكانية إغلاق بعض القطاعات، وزيادة ساعات حظر التجول، بعد
ارتفاع عدد الإصابات بكورونا محليا، إلا أن وزير الدولة لشؤون الإعلام، أمجد
العضايلة، نفى في مؤتمر صحفي الاثنين، نية أو توجه الحكومة لفرض حظر جزئي أو كلي.
وبينما تداول
نشطاء خطة لوزارة التربية والتعليم تبين أن الدوام المدرسي سيكون إلكترونيا
ليومين، وفي المدارس لثلاثة أيام، أكدت الأمينة العامة لوزارة التربية والتعليم
للشؤون الإدارية، نجوى قبيلات، في تصريحات إذاعية، أن العام الدراسي الجديد سيبدأ
كالمعتاد، ولا تغيير على شكل الدوام فيه.
بداية العام
الدراسي
ويخشى مراقبون
من تعمق الأزمة بين الحكومة والمعلمين مع بداية السنة الدراسية، الأمر الذي قد
يؤثر على العملية التربوية والتعليمية برمتها، ويمس حقوق الطلبة على مقاعد
دراستهم.
ويرى الكاتب
والمحلل السياسي عبدالرحمن الدويري، أن بداية العام الدراسي ستشهد تصاعدا في
احتجاج المعلمين، الذين سيمتنعون عن دخول الفصول الدراسية، ولو أدى ذلك إلى
اعتقالهم، لافتا إلى أن "هذا الخيار بالنسبة للمعلمين اضطراري، ولم يكن واردا
في حساباتهم، غير أنه الخيار الأسهل في ظل القمع الذي يتعرضون له".
ورجّح الدويري، في حديثه لـ"عربي21"، ألّا تتراجع الحكومة عن إجراءاتها بحق المعلمين
ونقابتهم، معللا ذلك بأن هذه الإجراءات "ثأرية"؛ كون الحكومة انكسرت في
كل المواجهات التي خاضتها سابقا مع المعلمين.
وقال إن
الحكومة الأردنية عزمت على أن تكون الإجراءات الأخيرة "قاصمة"، إلا أنها
"فوجئت بردة الفعل، وهي الآن مأزومة، وإجراءاتها اللاأخلاقية التي تمارس بحق
المعلمين تدل على هذا الأمر"، على حد تعبيره.
وأضاف الدويري
أن تلويح الحكومة بعودة الحظر الشامل أو الجزئي لمرافق متعددة من الدولة بحجة موجة
ثانية من فايروس كورونا، وخصوصا مع اقتراب بدء العام الدراسي؛ يهدف إلى حصار أزمة
المعلمين، مشيرا إلى أن "الأجواء غير مهيأة لإجراء انتخابات برلمانية في ظل
هذا الاحتقان الشعبي العميق".
وانتقد موقف
الأحزاب والنقابات تجاه أزمة المعلمين، واصفا إياه بـ"السلبي"، و"الذي لا يرقى إلى التهديد الذي يعيشه الوطن، من خلال انتهاك الحكومة لحقوق
الإنسان، والاستقواء على الدستور والقانون، وانتهاكهما بصورة صارخة وعلنية من قبل
الحكومة".
وتابع
الدويري: "مع إحكام القبضة العرفية في البلاد، لا يجد المعلمون الظهير الحزبي
والنقابي والشعبي، فالشعب مرهق وخائف، وهذا مؤشر خطير على المرحلة التي تعيشها
البلاد".
وأكد أن
المعلمين لن يرضخوا بسهولة، وربما يلجؤون إلى استراتيجية الاعتقالات الجماعية
الطوعية؛ بهدف تصدير الأزمة لمربع النظام والحكومة، وتوسيعها عشائريا؛ كون المعتقلين
ينتسبون لعشائر متنوعة وممتدة جغرافيا، وستتأثر أسرهم وأولادهم ومصالحهم ورواتبهم
باعتقالهم.
وعاد التصعيد
بين نقابة المعلمين والحكومة، بعدما أوقفت الأخيرة صرف علاوة للمعلمين بسبب الأوضاع
الاقتصادية لجائحة كورونا، كانوا قد انتزعوها في 2019 بعد إضراب استمر طيلة شهر
أيلول/ سبتمبر، وعُدّ الأطول في تاريخ المملكة.
وتقرر في 25
تموز/ يوليو الماضي كفّ يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين عن العمل، وإحالتهم إلى مدعي
عام عمان، وإغلاق مقرات النقابة لمدة سنتين، وذلك لنظر النيابة العامة في قضايا
جزائية حول تجاوزات مالية، وقرارات للمجلس اشتملت على إجراءات تحريضية، وفيديوهات
متداولة صادرة عن نائب النقيب، بحسب مدعي عام عمان حسن العبداللات.