هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الوضع الاقتصادي في البلاد لم يعرف الاستقرار بل واجه أزمة حادة منذ 2013م، واقترن التأزيم بإغلاق النفط، شريان الحياة للاقتصاد ومصدر دخل كل الليبيين.
خلافات الفرقاء السياسيين
وكان العامل الأبرز في وقف عجلة الاقتصاد الوطني وتأزيم الوضع المعيشي للناس هو الخلاف بين الفرقاء السياسيين الليبيين، والفشل في إدارة الخلاف حتى قضى على تطلعات الليبيين في العيش الكريم وتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
الخلاف أخذ مظاهر عدة كان أخطرها حين تدخلت دولة عربية لدعم والتأثير على مكون سياسي واجتماعي، هم شريحة من أنصار التيار الفيدرالي يتزعمهم إبراهيم الجظران، ليجعلوا من النفط ورقة للمساومة ويتجهوا بها إلى صناعة كيان سياسي جهوي وحكومة تنفيذية استعدادا لبيع النفط عبر وسطاء يخضعون لسلطة الدولة المتآمرة.
الرئاسي مطالب بالتصدي لهذه التسريبات وأن يكون شفافا في تحديد مبررات الانفاق وأوجه الصرف، وهو مطالب أكثر بترتيب الوضع الاقتصادي والمالي لوقف الخلاف بين مؤسسات الدولة الذي أصبح أقرب إلى العبث.
واستمع إلى كلام وزير الثقافة في حكومة زيدان وحديثه عن شواهد وأدلة كانت موضوعة على طاولة الحكومة والأجهزة الأمنية العام 2013م والتي تثبت تورط تلك الدولة في دعم الجظران فترة إغلاقه لحقول وموانئ النفط.
الخلاف في مراحلة متقدمة تحول من بعده الجهوي إلى السياسي المركزي، حيث صار للدولة وزارتين للمالية ومصرفين مركزيين ومؤسستين للاستثمار وغيرها من مظاهر الانقسام الذي صار واقعا منذ العام 2015م.
التأزيم أخذ بعدا أكثر حدة بعد انتقال الخلاف إلى كل حكومة على حدة، فحكومة الوفاق التي تحصلت على الاعتراف الدولي وصارت المؤسسات السيادية تابعة لها، تزداد الخلافات بين مؤسساتها الاقتصادية لتضاعف من عجزها عن القيام بدورها في تحسين مستوى العيش للمواطنين.
مسؤولية حكومة الوفاق
خلاف الحكومة (راعي السياسات المالية والتجارية) استحكم مع المصرف المركزي (راعي السياسة النقدية) إلى درجة صار معلوما لكل مواطن، وأخذ الخلاف طابعا علنياً معيباً بعد أن استمر في الخفاء لسنوات.
وبدل البحث عن مخرج للأزمة الاقتصادية المستحكمة صار طابع التواصل بين الحكومة والمصرف هو التراشق وتبادل الاتهامات وتحميل كل طرف المسؤولية للطرف الآخر عما وصلت إليه الحالة الاقتصادية وعن تردي الأوضاع المعيشية لليبيين.
لفت نظري فيآخر حلقة من خلافات التراشق كتاب وزير المالية أبومطاري إلى المحافظ الكبير والذي محتواه قوله تعالى: "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون".
والآية كانت ردا على كتاب المصرف المركزي الذي يرفع المسؤولية عن نفسه في تدهور الوضع الاقتصادي، ويحمل الحكومة، ووزارة المالية العبء الأكبر في التأزيم بسبب التوسع في الإنفاق خاصة الإنفاق التسييري والفشل في معالجة تدني الإيرادات السيادية من ضرائب ورسوم، وارتفاع النفقات بالعملات الصعبة التي أصبحت تستنزفاحتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي.
ومع ما يتحمله المصرف المركزي من مسؤولية في تعاظم الأزمة الاقتصادية والمالية، وقد ناقشنا ذلك في مقالات سابقة، إلا أن الحكومة لم تفلح في ضبط الإنفاق العام، بل تورطت في هدر لا يمكن توصيفه إلا بعدم المسؤولية في إدارة المال العام أو الفساد.
التسريبات التي تحدث عن تضخم الإنفاق من ميزانية الطوارئ، والذي بلغ حسب تلك التسريبات أكثر من 7 مليار دينار ليبي خلال 6 أشهر فقط، يستدعي القلق ويحتاج إلى بحث وتقصي للتأكد من صدق التسريبات من عدمه، وفي حال ثبوتها ينبغي مساءلة الحكومة ممثلة في رئيس الوزراء ووزير المالية عن أوجه صرف تلك المبالغ ومبررات الحاجة لصرف هذا المبلغ الضخم في إطار زمني قصير، وضوابط منع وقوع فساد.
الرئاسي مطالب بالتصدي لهذه التسريبات وأن يكون شفافا في تحديد مبررات الانفاق وأوجه الصرف، وهو مطالب أكثر بترتيب الوضع الاقتصادي والمالي لوقف الخلاف بين مؤسسات الدولة الذي أصبح أقرب إلى العبث.