هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت منظمة العفو الدولية إن "هناك حكومات في منطقة
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد أظهرت تصميما قويا على سحق الاحتجاجات بقوة ووحشية،
والدوس على حقوق مئات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بالعدالة
الاجتماعية والإصلاح السياسي خلال عام 2019".
وأضافت المنظمة، في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان
بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الثلاثاء، والذي وصل "عربي21" نسخة
منه، أن "هذه الحكومات اختارت ألا تُنصت إلى أصوات المتظاهرين التي تحتج على مظالم
شتى، ولجأت بدلا من ذلك إلى القمع الوحشي لإسكات المنتقدين السلميين، سواء في الشوارع
أو على مواقع الإنترنت".
وتابعت: "ففي العراق وإيران وحدهما، استخدمت السلطات
القوة المميتة، مما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص أثناء الاحتجاجات؛ وفي لبنان، استخدمت
الشرطة القوة المفرطة، بشكل غير قانوني، لتفريق مظاهرات؛ وفي الجزائر، استخدمت السلطات
حملات القبض والمحاكمات الواسعة لقمع المحتجِّين. وفي شتى بلدان المنطقة، تعرَّض نشطاء
للاعتقال والمحاكمة بسبب تعليقات نشروها على مواقع الإنترنت، حيث اتجه النشطاء إلى
وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم المعارضة".
واستطردت المنظمة، في تقريرها المعنون بـ "استعراض حالة
حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: لعام 2019"، قائلة: "في مشهد
مُلهم يعكس التصميم والتحدي، تدفقت جموع حاشدة إلى الشوارع في بلدان شتى، من الجزائر
إلى إيران ومن العراق إلى لبنان، مخاطرين بحياتهم في كثير من الأحيان، للمطالبة بحقوقهم
الإنسانية، وبالكرامة والعدالة الاجتماعية، وبوضع حدٍ للفساد".
اقرأ أيضا: العفو الدولية: جيش نيجريا هجّر 3 قرى خلال معارك مع مسلحين
وأشارت إلى أن "الاحتجاجات في بلدان الشرق الأوسط وشمال
إفريقيا لم تختلف عن مظاهرات في بلدان أخرى، من هونغ كونغ إلى شيلي، خرج فيها الناس
إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم؛ ففي السودان، قُوبلت المظاهرات الحاشدة بقمع وحشي من
جانب قوات الأمن، وانتهت بالتوصل إلى اتفاق سياسي من خلال المفاوضات مع المجموعات التي
قادت الاحتجاجات".
وأكملت: "لقد كان عام 2019 عام التحدي في منطقة الشرق
الأوسط وشمال إفريقيا، كما كان عاما أظهر أن الأمل لا يزال حيا، وأنه رغم الأحداث الدامية
التي أعقبت انتفاضات عام 2011 في سوريا واليمن وليبيا، ورغم التدهور الكارثي لوضع حقوق
الإنسان في مصر، فقد تجددت ثقة الناس في قدرة العمل الجماعي على حشد الجهود من أجل
التغيير".
من جهتها، قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال
إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف: "في مشهد مُلهم يعكس التصميم والتحدي،
تدفقت جموع حاشدة إلى الشوارع في بلدان شتى، من الجزائر إلى إيران ومن العراق إلى لبنان،
مخاطرين بحياتهم في كثير من الأحيان، للمطالبة بحقوقهم الإنسانية، وبالكرامة والعدالة
الاجتماعية، وبوضع حدٍ للفساد. وقد أثبت هؤلاء المتظاهرون أن حكوماتهم لن تفلح في إسكاتهم
بأساليب الترهيب".
وأردفت: "لقد كان عام 2019 عام التحدي في منطقة الشرق
الأوسط وشمال إفريقيا، كما كان عاما أظهر أن الأمل لا يزال حيا، وأنه رغم الأحداث الدامية
التي أعقبت انتفاضات عام 2011 في سوريا واليمن وليبيا، ورغم التدهور الكارثي لوضع حقوق
الإنسان في مصر، فقد تجددت ثقة الناس في قدرة العمل الجماعي على حشد الجهود من أجل
التغيير".
وأوضحت العفو الدولية أنه "قُتل في العراق ما لا يقل
عن 500 شخص خلال المظاهرات في عام 2019، وأبدى المتظاهرون صمودا هائلا، فتحدوا الذخيرة
الحية، وهجمات القناصة المميتة، وعبوات الغاز المسيل للدموع التي كان الجيش يطلقها
من مسافات قريبة، مما أدى إلى وقوع إصابات بشعة".
وأكملت: "وفي إيران، أفادت أنباء موثوقة إلى أن قوات
الأمن قتلت ما يزيد على 300 شخص وأصابت آلاف الأشخاص في غضون أربعة أيام فقط، من يوم
15 إلى 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، وذلك لقمع المظاهرات التي اندلعت بشكل أساسي بسبب
رفع أسعار الوقود. كما قُبض على آلاف الأشخاص، وتعرَّض كثير منهم للاختفاء للقسري
وللتعذيب".
واستطردت قائلة: "في أيلول/ سبتمبر، خرجت نساءٌ فلسطينيات
إلى الشوارع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، احتجاجا على العنف بسبب النوع
الاجتماعي وعلى الاحتلال العسكري الإسرائيلي. كما قتلت القوات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين
خلال مظاهرات في قطاع غزة والضفة الغربية".
بدوره، قال مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال
إفريقيا في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر، إن "الأعداد الصادمة للقتلى من المتظاهرين
في العراق وإيران تُظهر أن حكومتي هذين البلدين على استعداد للذهاب إلى أبعد مدى من
أجل إسكات جميع أشكال المعارضة. وفي الوقت نفسه، تستمر بلا هوادة سياسة إسرائيل في
استخدام القوة المفرطة، بما في ذلك القوة المميتة، ضد المتظاهرين في الأراضي الفلسطينية
المحتلة".
وشدّد لوثر على أن "الأعداد الصادمة للقتلى من المتظاهرين
في العراق وإيران تُظهر أن حكومتي هذين البلدين على استعداد للذهاب إلى أبعد مدى من
أجل إسكات جميع أشكال المعارضة".
ولفتت العفو الدولية إلى أن "الاحتجاجات الواسعة في
الجزائر أدت إلى إسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد أن ظل في الحكم نحو 20 عاما،
سعت السلطات إلى قمع الاحتجاجات من خلال حملة واسعة من الاعتقالات التعسفية والمحاكمات
للمتظاهرين السلميين".
وقالت: "رغم أن الاحتجاجات الواسعة في لبنان، منذ تشرين
الأول/ أكتوبر، التي أدت إلى استقالة الحكومة، قد بدأت سلميةً في معظمها، فقد قُوبلت
في مرات عدة بقوة مفرطة وغير قانونية، كما تقاعست قوات الأمن عن التدخل بشكل فعَّال
لحماية المتظاهرين السلميين من اعتداءات جماعات سياسية منافسة".
ونوهت العفو الدولية إلى أنه "اندلعت في مصر احتجاجات
على نحو نادر في أيلول/ سبتمبر، ومثَّلت مفاجأة للسلطات التي واجهتها باعتقالات تعسفية
واسعة، حيث قُبض على أكثر من أربعة آلاف شخص".
وقالت هبة مرايف: "لقد أظهرت بعض الحكومات في الشرق
الأوسط وشمال إفريقيا استخفافا تاما بحقوق الناس في التظاهر وفي التعبير عن أنفسهم
بصورة سلمية".
وأضافت: "بدلا من شنِّ حملات قمع مميتة واللجوء إلى
إجراءات مثل استخدام القوة المفرطة والتعذيب والاعتقالات التعسفية الواسعة والمحاكمات،
ينبغي على السلطات أن تستمع إلى الأصوات المطالبة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية
وبالحقوق الاقتصادية، وأن تعمل على تحقيق هذه المطالب".
وتابعت: "بالإضافة إلى قمع المتظاهرين السلميين في الشوارع،
واصلت حكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على مدار عام 2019، الانقضاض على منْ
يمارسون حقهم في حرية التعبير عبر الإنترنت. فقد تعرَّض للاعتقال والاستجواب والمحاكمة
عددٌ من الصحفيين والمدوِّنين والنشطاء، الذين نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقاتٍ
اعتُبر أنها تنطوي على انتقادات للسلطات".
وتشير الأرقام التي جمعتها منظمة العفو الدولية إلى أن هناك
"أشخاصا حُبسوا، باعتبارهم من سجناء الرأي، في 12 بلدا في المنطقة؛ وقُبض على
136 شخصاً دونما سبب سوى تعبيرهم سلميا عن آرائهم عبر الإنترنت. كما أساءت السلطات
استخدام صلاحياتها لمنع الناس من الحصول على معلومات أو تبادلها عبر الإنترنت".
وأكدت أن السلطات المصرية أعاقت "تطبيقات إلكترونية
لتبادل الرسائل للحيلولة دون اندلاع مزيد من المظاهرات. كما لجأت السلطات المصرية والفلسطينية
إلى فرض رقابة على بعض مواقع الإنترنت، ومن بينها مواقع إخبارية. وفي إيران، استمر
حجب مواقع فيسبوك، وتيليغرام، وتويتر، ويوتيوب".
وزادت بقولها: "استخدمت بعض الحكومات تقنيات أكثر تطورا
للمراقبة الإلكترونية من أجل استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. فقد أظهرت بحوث منظمة
العفو الدولية أن اثنين من المدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب استُهدفا ببرامج تجسس
أنتجتها شركة (مجموعة إن أس أو) الإسرائيلية. كما سبق أن استُخدمت برامج تجسس من إنتاج
الشركة نفسها في استهداف نشطاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة،
بالإضافة إلى أحد موظفي منظمة العفو الدولية".
ووثقت منظمة العفو الدولية أن "عام 2019 شهد تعرّض
367 من المدافعين عن حقوق الإنسان للاعتقال (ومنهم 240 اعتُقلوا تعسفيا في إيران وحدها)،
كما تعرّض 118 مدافعا عن حقوق الإنسان للمحاكمة. ويُحتمل أن تكون الأعداد الفعلية أعلى
من ذلك".