أعلن
الأزهر عن عقد مؤتمر دولي لـ"تجديد
الفكر والعلوم الإسلامية" في الفترة من 27 حتى 28 كانون الثاني/ يناير
المقبل، بحضور قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي بجانب نخبة من الشخصيات السياسية
والعلماء المتخصصين البارزين على مستوى العالم.
وذكر الأزهر في بيان له أمس الاثنين: "أن
المؤتمر يهدف إلى تحقيق رسالة الأزهر الشريف في بيان سماحة الإسلام ونبذ الفكر
المتطرف، مشيرا إلى أن المؤتمر يأتي استجابة لدعوة السيسي خلال احتفالية المولد
النبوي الأخيرة بضرورة عقد مؤتمر حول هذا الشأن".
يأتي هذا المؤتمر في وقت يتعرض فيه الأزهر
لانتقادات لاذعة من جانب السيسي ومؤيدو نظامه، حيث يتهم الأزهر بالمسؤولية عن
الجمود والتشدد الذي يعتري الخطاب الديني الإسلامي، وأن هذا الأمر يؤدي بدوره إلى
انتشار لتطرف والعنف باسم الدين في المجتمع.
وخلال السنوات الماضية تصادم السيسي ومؤسسة
الأزهر في العديد من المواقف والملفات، حيث يسعى الأزهر، بحسب مراقبين، إلى اتخاذ
مواقف مستقلة عن مؤسسة الرئاسة، الأمر الذي يرفضه السيسي بشدة ويحاول تحويله إلى
مؤسسة تابعة، مثل دار الإفتاء أو وزارة الأوقاف.
وبدأت الخلافات بين السيسي والأزهر من الأيام
الأولى للإنقلاب في
مصر، حينما أصدر الأزهر بيانا إبان فض اعتصام رابعة العدوية
عام 2013 أعلن فيه رفضه لعمليات القتل وسفك دماء الأبرياء، ولم يتوقف مسلسل
الخلافات حتى الآن، رغم الهدوء الذي يشوب العلاقة بين الجانبين من وقت لآخر.
صدام جديد
وكان آخر الصدامات بين النظام وبين مؤسسة
الأزهر رفض رئيس مجلس النواب علي عبد العال إحالة مشروع قانون الأحوال الشخصية،
الذي أعده الأزهر، إلى اللجان المختصة لمناقشته، قائلا إن الأزهر ليس له صفة
دستورية للتقدم بمشاريع القوانين للبرلمان، بحسب تقارير صحفية".
وأعلن عدد كبير من النواب في المرحلة الماضية
إعداد الأزهر لمشروع القانون، الذي يعالج موضوعات شائكة وحساسة تمس ملايين الأسر
المصرية، ويرون أن الأزهر يحاول الانفراد بهذا القانون باعتباره يناقش الأحوال
الشخصية وأحكام الأسرة التي تعد شأناً إسلامياً.
وكان شيخ الأزهر أحمد الطيب قد رد على هذه
الانتقادات بقوله إن الأزهر أعد هذا القانون انطلاقاً من واجب شرعي، لأن مواده
متعلقة بنصوص مصدرها الشريعة الإسلامية، وهي المصدر الوحيد الذي تنطلق منه أحكام
الأحوال الشخصية للأسرة، مشددا على أنه لا يجب أن يترك هذا الأمر الهام لغير
العلماء".
رسالة عالمية
وتعليقا على هذا الموضوع قال الدكتور جمال قطب
رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر إن الأزهر يعقد هذا المؤتمر وغيره من الفعاليات
الدولية حسبة لله تعالى وأداءً لرسالته السامية، مشددا على أن الأزهر مؤسسة عالمية
يهتم بشؤون الأمة الإسلامية بأسرها وليست وزارة أو جهة محلية لها مصالح وشواغل
ضيقة تتعلق بهموم ومشكلات المجتمع المصري فقط.
وحول توقعاته للنتائج التي سيسفر عنها هذا
المؤتمر قال قطب، في تصريحات لـ "عربي21"، إن الأزهر مؤسسة منضبطة ولا
يعقد أي مؤتمر أو يخطو خطوة إلا بعد دراسة متأنية من علمائه المختصين، مشيرا إلى
أن المشاركة المتوقعة لشخصيات سياسية ودينية مرموقة من مختلف دول العالم ستؤدي إلى
بلورة رؤية مشتركة للرد على من يهاجمون الإسلام أو يلصقون به تهما زائفة مثل
التطرف والعنف وغيرها.
"الأزهر ليس متهما"
من جانبه قلل الدكتور أحمد كريمة الأستاذ
بجامعة الأزهر من الهجوم الذي يتعرض له الأزهر كثيرا في السنوات الأخيرة قائلا إن
الأزهر بتاريخه وتأثيره في العالم الإسلامي أكبر من كل هذه المهاترات، ولو تفرغ
الأزهر وقياداته للرد على كل ناعق وعلى كل من يهاجمه عن جهل أو عن سوء نية لما
تمكن الأزهر من القيام بواجباته".
وأوضح كريمة لـ "عربي21" أن الأزهر
يأتي في مقدمة الداعين إلى تجديد الخطاب الديني، الذي هو في الأصل سنة كونية وتوجه
نبوي شريف حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل
مائة عام من يجدد لها دينها"، لافتا إلى أن الشرط الأساسي لهذا التجديد أن
يتصدى له علماء ثقات مؤهلين للنظر في مسائل العقيدة والشريعة والمعاملات حسبما
تقتضي تطورات وتغيرات الزمان والمكان.
كل من هب ودب أصبح يتحدث عن تجديد الخطاب
الديني، وكل من يريد أن يتحدث عن التطرف والإرهاب تجده يلصق تلك التهم بالدين في
كلامه ويهاجم المؤسسات الدينية باعتبارها مقصرة في القيام بواجبها لكن الحقيقة أن
الإسلام بريء من كل هذه الافتراءات التي يقف وراءها أناس كارهون لكل ما هو ديني،
ويريد إبعاد الدين، أي دين، عن حياة البشر، مشددا على أن الأزهر لا يكترث لا
بالترهيب ولا بالترغيب، ولا يلتفت إلى تلك الانتقادات المتواصلة، وليس متهما حتى
يدافع عن نفسه.