هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال مراقبون إن "عام 2019 شهد الخطوة الأخيرة
والحاسمة في مسلسل تمكين رئيس الانقلاب المصري، عبدالفتاح السيسي، من الحكم لسنوات
طويلة بموافقة مجلس النواب، بأغلبية كاسحة، في نيسان/ أبريل 2019 على التعديلات
الدستورية الخاصة بتمديد رئاسته وبقائه في السلطة حتى 2030".
وتقضي التعديلات الدستورية بانتهاء مدة السيسي الرئاسية
بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه رئيسا في 2018، ويجوز إعادة انتخابه لمرة
أخيرة في 2024، ما يعني احتمال بقائه في السلطة حتى عام 2030.
كما تمنح هذه التعديلات الدستورية صلاحيات أكبر للجيش
المصري من خلال المادة 200 التي توكل للجيش "الحفاظ على أمن البلاد وسلامة
أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة
ومدنيتها.
وقال سياسيون ومحللون مصريون لـ"عربي21"، إن "هناك
خطوات أخرى عزز بها السيسي قبضته على حكم البلاد؛ مثل تمديد حالة الطوارئ في مصر
مجددا، في تشرين الثاني/ نوفمبر لمدة 3 أشهر، للمرة العاشرة بالمخالفة للدستور".
إضافة إلى مد انعقاد البرلمان حتى 9 كانون الثاني/ يناير
2021، بدلا من فضّ الفصل التشريعي مع انتهاء دور الانعقاد السنوي الخامس (الأخير)
في 30 حزيران/ يونيو 2020، باعتباره الموعد الدستوري المنظم لعمل المجلس.
"بداية النهاية"
وصف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق،
أسامة سليمان، عام 2019 "بعام الانتهاك للدستور، وحقوق الشعب وإفقاره، وقتل
أول رئيس مدني منتخب، وقتل المصريين بشتى الوسائل، والاعتقالات من جميع الاتجاهات
السياسية، وانتهاك حرية الرأي".
وأوضح لـ"عربي21"، أن "عام 2019 شهد
التمدد داخل مفاصل الدولة بلا أي اعتبار للدستور؛ كمد فترة الرئاسة، وتجديد
الطوارئ ومد مدة البرلمان"، مشيرا إلى أنه "منذ أن جاء السيسي وهو يسعى
لتثبيت انقلابه على ثورة يناير وأهدافها، ولا شك أنه ومن معه من أجهزة أمنية
وبرلمانية يعملون منذ اللحظة الأولى على تثبيت أركان الحكم".
اقرأ أيضا: غضب بمواقع التواصل بعد أنباء عن إعدام معتقلين سرا في مصر
ورأى سليمان أن "السيسي اعتمد في التمكين لنفسه
للبقاء في الحكم على خطوات داخلية تتعلق بتعديل مدة الرئاسة في التعديلات الرئاسية
الأخيرة، وخطوات خارجية تتثمل في تقديم تنازلات خارجية لدول إقليمية وغربية من أجل
دعمه لبقائه في السلطة".
واعتبر سليمان مثل تلك الخطوات "سابقا نحو النهاية
وليس البقاء؛ لأن الشعب الذي انتفض في سبتمبر 2019 قادر على استكمال مسيرته نحو
التخلص من حكم السيسي ونظامه؛ فانهيار الحكام والأنظمة يأتي في لحظة، وبقشة واحدة
يظنها البعض ليست لها وزن ولكنها كفيلة بقصم ظهر النظام".
"عام التمكين والتململ"
وقال أستاذ العلوم السياسية، مدير المعهد المصري
للدراسات، عصام عبد الشافي، إن "عام 2019، كان عام فرض المزيد من سياسات
الهيمنة والتمكين من جانب السيسي ومنظومته الموالية، حتى لو كان ذلك ليس فقط على
حساب المؤسسة العسكرية، ولكن على حساب الدولة وثرواتها ومقدراتها، كما في ملفات
مثل سد النهضة وغاز شرق المتوسط، والتبعية المطلقة للسياسات الصهيونية والإماراتية
في المنطقة".
وأضاف لـ"عربي21": "إلا أن العام نفسه،
شهد مؤشرات حراك رافض للسيسي ومنظومته سواء من دخل الأجهزة الأمنية والعسكرية أو
من داخل قطاعات شعبية وتيارات سياسية واجتماعية تضررت من سياسات السيسي، وهو
الحراك الذي ارتبط في الجزء الأكبر منه بظهور الفنان والمقاول محمد على، وفعاليات
أيلول/ سبتمبر 2019، ثم نشاطه الإعلامي في تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر
من نفس العام".
وتابع: "ورغم أن السيسي تفاعل في البداية مع هذا
الحراك بسياسة العناد والتصعيد، إلا أنه في مرحلة تالية، قام بتبني سياسات
احتوائية، تقوم على إعادة رسم خريطة الفاعلين في المشهد الذي يهيمن عليه، سواء
فيما يتعلق بأجهزة المخابرات وموقع ابنه منها، أو التغييرات في قيادات المؤسسة، أو
التغيير في هياكل المنظومة الإعلامية التي ثبت فشلها".
واختتم عبدالشافي حديثه بالقول: "هذه السياسات
الاحتوائية، لا يجب النظر إليها على أنها تراجع من جانب السيسي، أو أنه أصبح أكثر
استماعا لمن حوله، ومراعاة لآرائهم ومصالحهم، ولكن النظر إليها من باب التسكين
والاحتواء، لاستعادة السيطرة واكتمال الهيمنة والتخلص من كل الجيوب المناوئة له
داخل المنظومة".