هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعيش موظفو السلطة الفلسطينية في قطاع غزة من أزمة عدم استقرار وظيفي، جراء اختلاف نسب صرف رواتبهم الشهرية، وعدم مساواتها أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية.
وكان رئيس الحكومة في رام الله، محمد اشتية، قد أقر منذ تسلم مهامه في نيسان/ أبريل الماضي مبدأ توحيد نسب صرف الرواتب، ووقف التمييز ضد موظفي قطاع غزة، إلا أن هذا القرار لم يطبق حتى هذه اللحظة.
بداية العقوبات
تعود بدايات هذه الأزمة إلى العام 2007، حينما أحالت السلطة عشرات الآلاف من موظفيها في غزة للتقاعد المبكر، ردا على سيطرة حركة حماس على القطاع، وتحميلها كافة المسؤولية لإدارة شؤون القطاع.
أوقفت السلطة منذ ذلك التاريخ إصدار أي استحقاقات وظيفية لمن تبقى من موظفيها في غزة، التي تشمل (العلاوات الإدارية السنوية، والترقيات، والاستحقاقات المالية).
استمر هذا الحال حتى شهر آذار/ مارس 2017، حينما دخلت المرحلة الثانية من عقوبات السلطة على غزة، والتي شملت خصم ما نسبته (40_50%) من رواتب موظفيها.
ترفض السلطة الفلسطينية الكشف عن أعداد موظفيها في غزة ضمن بيانات الموازنة العامة ممن هم على رأس علمهم، أو ممن أحيلوا للتقاعد، ولكن مدير عام الموازنة، فريد غنام، أشار في نيسان/ أبريل الماضي إلى أن السلطة أحالت منذ آذار/ مارس 2017 قرابة 27 ألفا للتقاعد المبكر، وبذلك استقر عدد موظفيها عند 133 ألفا، منهم 33 ألف في غزة، 100 ألف في الضفة الغربية.
بالرجوع إلى العام 2007، وصل عدد موظفي السلطة الفلسطينية، وفقا لبيانات ديوان الموظفين العام، إلى 190 ألفا، بلغت حصة قطاع غزة من هؤلاء الموظفين 90 ألف موظف، أصدرت السلطة قرارات متتالية بفصل والاستغناء تدريجيا عن 27 ألف موظف تابع لها؛ لعدم انتمائهم لحركة فتح، وبذلك يكون إجمالي موظفي السلطة في غزة الذين فصلوا من وظائفهم أو أحيلوا للتقاعد 62 ألف موظف.
وفي السياق ذاته، يشير المتحدث باسم موظفي تفريغات 2005، رامي أبو كرش، إلى أن "موظفي السلطة في غزة وقعوا ضحية الخلافات السياسية بين حركتي حماس وفتح، وما أصدرته السلطة بحق موظفيها هو انتهاك صارخ لقانون الخدمة المدنية رقم 5، وقانون الخدمة العسكرية رقم 8 لسنة 2005، اللذين حددا واجبات وحقوق الموظف".
وأضاف أبو كرش لـ"عربي21" أن "اتخاذ أي إجراء عقابي بحق الموظف يجب أن يستوفي مجموعة من الشروط، التي لا تصل إلى حد الفصل أو قطع الرواتب، إلا في حالة الخيانة العظمى" (التخابر مع الاحتلال الإسرائيلي).
التداعيات الاقتصادية
في حين أشار الخبير الاقتصادي، مازن العجلة لـ"عربي21" إلى أن "ما اتخذته السلطة بحق موظفيها في غزة من إجراءات عقابية ساهم بشكل كبير في تردي الوضع الاقتصادي، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، لأن اقتصاد قطاع غزة غير إنتاجي أو صناعي، ويفتقر إلى الموارد والبنى التحتية اللازمة للقطاع الخاص، وهو بذلك يعدّ اقتصادا استهلاكيا يعتمد على الرواتب في تحريك العجلة الاقتصادية".
بجانب الإجراءات التي اتخذتها السلطة بحق موظفيها في غزة، تصاعدت حدة الاتهامات والتراشق الإعلامي بين السلطة وحماس، التي اتهمت الأخيرة على لسان رئيس الحكومة محمد اشتية بجباية إيرادات جمركية بقيمة 70 مليون دولار شهريا، وهو ما نفته حماس.
ويؤكد رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية من غزة، محمد أبو جياب، أن "تصريحات السلطة ضد حركة حماس تأتي لتبرر موقفها بأنها تنفق على غزة، دون أن تحصل الجباية، وأن حماس تجبي الإيرادات، لكنها لا تنفق".
وذكر أبو جياب، في حديث لـ"عربي21"، أن "نفقات السلطة في غزة تنحصر في رواتب الموظفين بقيمة 25 مليون دولار شهريا، وتمويل 25 بالمئة من برنامج الشؤون الاجتماعية بقيمة 2 مليون دولار شهريا، وتغطية جزء من نفقات الوزارات والمؤسسات الحكومية بقيمة 5 ملايين دولار، لكنها في المقابل تجبي 60 مليون دولار من إيرادات معابر غزة، وتحصل على 25% من المساعدات الدولية الموجهة لغزة دون توجيهها لغزة، إضافة إلى تحصيلها إيرادات ضريبية تفرض على الشركات والمقاولين".