هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميديابارت" الفرنسي تقريرا سلط من خلاله الضوء على فرضية تحول الاحتجاجات في الجزائر إلى عصيان مدني، في الوقت الذي تراجعت فيه التعبئة أثناء المسيرات الأسبوعية الكبرى بسبب التعب والإرهاق والخمول الصيفي والوضع المتأزم.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21" نقلا عن المتظاهرة آسيا، التي بدت صارمة في موقفها، إنه "من الطبيعي أن نكون أقل عددا بعد مرور خمسة أشهر. إن الجو حار للغاية، ما أجبر الكثيرين على التوجه إلى الشاطئ. لكن، ستعود المظاهرات إلى حجمها الطبيعي في أيلول/ سبتمبر".
وأشارت هذه المتظاهرة إلى أن العصيان المدني سيكون السلاح الجديد الذي وعد به الشعب الجزائري لإخضاع "رئيس العصابة قايد صالح". وتمثل الشعار القوي الذي رُفع يوم الجمعة في الثاني من آب/ أغسطس في "راهو جاي العصيان المدني" ("العصيان المدني قادم").
وفي الواقع، سيتمحور العصيان حول "كسر القوانين عمدا وجماعيا والتوقف عن الذهاب إلى العمل وعدم اصطحاب الأطفال إلى المدرسة وغلق آبار النفط والغاز"، وفقا لما صرحت به آسيا.
وأضاف الموقع نقلا عن آسيا تعاطفها مع موظفي الشركات التابعة للأقلية الحاكمة التي زُج بها في السجن، على غرار الأخوة كونيناف، حيث قالت: "توقف دفع رواتب الكثيرين، نظرا لأن النظام علّق دفع الأجور في انتظار تعيين مدير جديد. إنه أمر مشين".
ومن جهته، لاحظ الصحفي في صحيفة الوطن، مصطفى بن فوضيل، الذي يعترف بأن الحراك بدأ يتراجع، أنه "بالنسبة لقايد صالح، وحدها الطبقات الوسطى تخرج إلى الشوارع للتظاهر، ويقصد بذلك أشخاصا يدافعون عن أفكار سامة ونماذج مستوردة وأناس ليس لديهم انتماء اجتماعي في الجزائر"، حسب قوله.
اقرأ أيضا: دعوات للعصيان المدني بالجزائر.. بين التأييد والتحذير
وأفاد بن فوضيل بأنه "لضمان الاستمرار على المدى الطويل، هناك حاجة لتوفير المزيد من الموارد المعنوية والسياسية والنفسية. كما باتت العديد من المدن في المناطق الداخلية إما تتظاهر بشكل أقل أو توقفت عن ذلك. وحتى في المعاقل، مثل تيزي وزو في مناطق القبائل، تقلصت أعداد الحشود. وفي بوفاريك، لم تعد هناك مظاهرات أساسا".
ونقل الموقع عن حسن، البالغ من العمر 52 سنة، والذي لم تفته المشاركة في أي جمعة احتجاج رفقة أبنائه الثلاثة قوله إنه "كان ينبغي لنا الخروج إلى الشارع قبل هذا الوقت بكثير"، أي منذ أن سلّم بوتفليقة الصينيين، قبل سبعة أعوام، أشغال مشروع بناء جامع الجزائر الضخم.
وتابع حسن أنه "كان ينبغي لنا معارضة هذا الجنون، لكننا لم نكن مستعدين. لقد عشنا الكثير من الأشياء السيئة، إنه مسجد من أجل المملكة العربية السعودية، من أجل مكة، وليس من أجل الجزائر العاصمة. وعموما، هناك ملايين الجوامع هنا أساسا. فهل تعلمون تكلفة هذا المشروع؟ إنها ستة مليارات دولار كانت من شأنها أن تسمح لنا على الأقل بإنشاء مستشفى بتكنولوجيا متطورة للغاية في كل ولاية".
وأشار الموقع إلى أن الحشود تتجمع في كل مكان حول من يدعُون إلى إطلاق سراح سجناء الرأي على غرار لخضر بورقعة، المحارب القديم والبالغ من العمر 86 عاما الذي شارك في حرب الاستقلال. وقد سُجن بورقعة بسبب "تقويض الروح المعنوية للجيش". فضلا عن ذلك، يقبع الشاب هلال يحياوي، أصيل بلدية فرعون، خلف القضبان بعد أن رفع العلم البربري خلال مسيرة 21 حزيران/ يونيو في العاصمة.
وفي هذ الصدد، قالت آسيا إن "ما يحدث عار، فهناك أكثر من 60 شخصا يقبعون في السجون بلا سبب، والناس خائفون في الوقت الذي يسيء فيه النظام استخدام الحبس الاحتياطي".
وفي السياق ذاته، أضافت إحدى الناشطات في "تجمّع العمل الشبابي" أن "العشرات من المحتجين تمّ إيقافهم دون أن نعرف الأسباب". في غضون ذلك، طُرح نقاش حول ما إذا كان يجب فتح باب الحوار مع السلطة، فضلا عن العامل الآخر المسبب للانقسام والذي يتمثل فيما إذا يجب تنظيم انتخابات رئاسية دون مجلس تأسيسي.
اقرأ أيضا: لجنة الحوار بالجزائر تباشر عملها وتستحدث "لجنة حكماء"
وأفاد الموقع أن المحاولات الأخيرة في هذا الإطار كانت بمثابة فشل ذريع، على الرغم من الوعود بأن تكون هذه الهيئة التي يرغب فيها الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، حرة وشفافة.
وقد كانت المحاولة الأولى لاختيار أعضاء هذه الهيئة فاشلة حيث أن معظم "الشخصيات الوطنية الموثوقة والمستقلة تفتقر للانتماء الحزبي والطموح الانتخابي على غرار المحامي مصطفى بوشاشي والمجاهدة جميلة بوحيرد. أما عملية الاختيار الثانية، التي فقدت ثقلها بسبب كل هذا الرفض، فتتعرض لانتقادات شديدة يتزعمها كريم يونس، الرئيس السابق للمجلس الوطني لنواب الشعب.
وبيّن الموقع أن هناك أصواتا متشائمة للغاية تعتبر أن "الثورة دون قيادة ودون أفكار"، و"يجب الاهتمام بمن يقفون ضد الحراك ولا نتحدث عنهم"، تقابلها أصوات مليئة بالأمل كتلك التي تقول: "لقد تصالحنا مع أنفسنا وهذا أمر مهم. لقد كنا نخاف من الجميع"، أو "قد أصابنا بوتفليقة بالشلل ووضعنا على حافة الموت. لقد عدنا إلى الحياة".
من جهته، طرح الصحفي القاضي إحسان نظرية مفادها: "ماذا إن كان قايد صالح، المصاب بجنون العظمة رئيس دولة مسن ويصر على عدم رغبته في الترشح للرئاسة، يرفض في قرارة نفسه الانتخابات كي يظل الرجل القوي في البلاد حتى وفاته؟". وبالعودة إلى آسيا، تتمثل أكبر مخاوفها في عدم تجدد النظام وأن تظل الجزائر في دورة طويلة من الاستبداد والسجن. وأضافت آسيا: "حينها سأكون قد شاركت في المسيرات دون جدوى".