نشرت صحيفة "
بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن العملية
الإرهابية التي اهتزت على وقعها
نيوزيلندا، والتي تعكس الخطر الذي قد يفرضه المتعصّبون البيض على التعايش السلمي، والذي لا يتصدى له الغرب بالصرامة المطلوبة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه في هذه المرحلة، بات من الواضح أن جزءا كبيرا من وسائل الإعلام، وخاصة من اليمين أو اليمين المتطرف، قد ساهم في تأجيج مشاعر الخوف من الإسلام الذي ظلّ يؤثر على الغرب لعقود من الزمن، ما خلق مناخا كان لأبرز زعماء اليمين، من قبيل دونالد ترامب أو وزير الخارجية البريطاني السابق، بوريس جونسون، دور كبير فيه.
وبينت الصحيفة أنه خلال الأيام الأخيرة، أدان كل من دونالد ترامب، وتيريزا ماي، وبنيامين نتنياهو، هذه الهجمات على تويتر، دون أن يذكروا أن الضحايا كانوا من المسلمين، وهو ما يعد إغفالا مهما جدا وذا مغزى، فالإسلاموفوبيا ليست ظاهرة تقتصر على الغرب كما يتضح من خلال عملية التطهير العرقي للروهينغا في جنوب شرق آسيا، أو اضطهاد الهندوس للمسلمين في الهند، أو اضطهاد المسلمين في الصين، لكنه بات ظاهرة غربيّة شديدة الوضوح.
وفي أوروبا والولايات المتحدة، يتعرّض المسلمون للتمييز بشكل روتيني، وتتمثل الحالات الخاصة في موقف المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، وهو دين استقر في العقود الأخيرة على نحو مثير للقلق في العديد من دول أمريكا اللاتينية والذي يتميز على وجه التحديد بطابعه اليميني المتطرف في السياسة وعدائه للإسلام.
وأوردت الصحيفة أن "الحرب ضد الإرهاب" بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، أدت إلى تعزيز الإسلاموفوبيا وأثارت انعدام ثقة عامة تجاه جميع المسلمين دون تمييز، على الرغم من حقيقة أن الإسلاميين المتطرفين يشكلون جزءا ضئيلا من المسلمين في الغرب.
اقرأ أيضا: هل يفلت إرهابي المسجدين بنيوزيلندا من تهم الإرهاب؟
وفي تقرير صدر سنة 2011، أي بعد مرور 10 سنوات فقط على هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، بيّن المركز الوطني لمكافحة الإرهاب الخاضع لإدارة واشنطن، أن عدد الأمريكيين الذين قُتلوا بسبب الإرهاب في السنوات الخمس السابقة كانوا مسلمين بنسبة تتراوح بين 82 و97 بالمئة، وهي نسبة تكشف بوضوح عن المستويات التي بلغتها الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة.
وأفادت الصحيفة أن "السلطات ذاتها التي تضطهد بشدة أي شكل من أشكال معاداة السامية أو أي شكل آخر من أشكال
العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، تُشيح بنظرها حين يتعرض المسلمون إلى الكراهية، وهو أمر لا يحدث في أمريكا الشمالية فقط، في المقابل، يجب أن تكون مأساة كرايست تشيرتش حافزا لاستيقاظ السلطات الغربية، وخاصة السلطات الأوروبية، لمواجهة الإسلاموفوبيا باستخدام كل الوسائل المتاحة لديهم، لكن لسوء الحظ، من المستبعد أن يحدث ذلك".
ومثلما يحدث في صلب القومية أو الديانات، يناشد المتعصبون البيض الأحاسيس وليس العقل، كما تضاعفت عناوينهم على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم من الجهود التي تبذلها شركات على غرار غوغل أو يوتيوب أو فيسبوك للقضاء عليها، وهي مهمة يبدو محكوما عليها بالفشل منذ لحظة إعادة نشر مقاطع الفيديو في أماكن أخرى وبعناوين أخرى لتضليل وحدات المراقبة.
وأضافت الصحيفة أن الرسائل الخفية نوعا ما، التي يقع إرسالها من قبل بعض السياسيين من اليمين، تجعل من الصعب تغيير الأمور أيضا، وفي هذا السياق، كان عضو الكونغرس الجمهوري، ستيف كينج، قد صرح منذ فترة قائلا: "لن نتمكن من إعادة بناء حضارتنا بأطفال الآخرين"، وذلك في إشارة واضحة إلى الأطفال المسلمين.
ويعتبر هذا النوع من الأفكار متجذرا لدى جزء كبير من اليمينيين في الغرب، وفي السنوات الثلاث الماضية، وفي الولايات المتحدة، موطن عضو الكونغرس كينغ، هاجم المتعصبون البيض ست مؤسسات إسلامية، بما في ذلك ثلاثة مساجد، على الرغم من أن نسبة المسلمين الذين يعيشون في ذلك البلد ضئيلة نسبيا.
اقرأ أيضا: هذا الحكم المنتظر لمنفذ هجوم نيوزيلندا.. ما علاقته بـ"داعش"؟
وأوردت الصحيفة أن نسبة المسلمين التي لا تتجاوز 1.2 بالمئة من السكان في نيوزيلندا، يعد أمرا ذا معنى بالنسبة لمنفذ هجوم كرايست تشيرتش، الذي قال إن "الهجوم في نيوزيلندا سوف يظهر العدوان الذي تعاني منه حضارتنا التي لا تعيش في أمن في أي جزء من العالم، وإن الغزاة موجودون في كل مكان، حتى في المناطق النائية من العالم، ولا يوجد أي جزء آمن أو خال من الهجرة الجماعية".
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن علامات الخطر أصبحت شديدة الوضوح، لكن الزعماء لا يستجيبون كما ينبغي، مما ينم عن إعلان حرب شاملة ضد جميع أشكال العنصرية، وفي هذه الحالة بالذات، ضد سياسات البيض التي تحظى بدعم ضمني أو صريح من قبل قطاعات مهمة من اليمين، بما في ذلك بعض القادة وممثلي المواطنين.