هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد مختصون سياسيون وعسكريون أن العملية العسكرية "سيناء 2018" التي بدأتها القوات المسلحة المصرية منذ عام في سيناء، مازال يكتنفها الغموض والشكوك، خاصة وأنها تجاوزت المدة المقررة لها وهي شهران، لتمتد لأكثر من عام كامل دون تحديد موعد انتهائها.
ويشير المختصون الذين تحدثوا لـ "عربي21" أن المعلومات التي خرجت عن العملية تشهد تضاربا كبيرا بين ما ينقله الأهالي وما تنشره القوات المسلحة، إلا أن التعتيم الذي يفرضه الجيش على سير العملية، يدعم بشكل كبير ما كشفه الأهالي من حدوث عمليات قتل وتدمير ممنهج لأهالي سيناء منذ بدأت العملية في 9 شباط/ فبراير 2018 وحتى الآن.
وحسب شهادة الناشط السيناوي فراج العريشي لـ "عربي21" عن وضع سيناء بعد عام من العملية العسكرية، فإن كل الدلائل تشير إلى أن الهدف لم يكن مواجهة أنصار ولاية سيناء وتنظيم الدولة، وإنما كانت هناك أهداف أخرى، ينفذها رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي لصالح إسرائيل وأمريكا.
ويضيف العريشي أن عمليات التدمير والتجويع والقتل والتعذيب والاعتقال التي طالت أبناء سيناء، شملت الجميع سواء من كان يعترض على تصرفات الجيش والشرطة المدنية تجاه الأهالي، أو من وقف صامتا، وأن مصطلح "القوة الغاشمة" الذي أطلقه السيسي قبل بدء العملية بأشهر، عاشه أبناء سيناء بشكل مفصل خلال العام الماضي.
ويشير العريشي أن كل ما يقال عن مشروعات تنمية بسيناء، "ليس له وجود بأرض الواقع، بعد أن تم تدمير سيناء وتحطيم أهلها، وترسيخ فكرة أنهم مواطنون من الدرجة العاشرة، وليس لهم أي حق في مصر".
ووفقا للناشط السيناوي؛ فإن الجيش عمل منذ بداية الانقلاب على إنهاء الأعراف والتقاليد السيناوية البدوية، لفرض سطوته على العائلات والقبائل، وعندما فشل في ذلك بالحيلة والمكر والرشاوى، فإنه نفذه بالقوة خلال العملية العسكرية، وأصبح كل بيت في سيناء مكلوما في أحد أبنائه أو بناته.
نجاح هزيل
وعلى الصعيد العسكري يؤكد الخبير الاستراتيجي اللواء مجدي الأسيوطي لـ"عربي21" أن أي عملية عسكرية قبل أن تبدأ يتم وضع خطة حرب لها، تشمل خرائطها والجدول الزمني والإحلال والتجديد والدعم والتكلفة، وقبل ذلك تحديد أهدافها، وهي الأمور التي لم تكن واضحة ومازالت غامضة بعملية سيناء التي بدأت قبل عام.
اقرأ أيضا: تصفية أم اشتباك؟ حقيقة ما يجري في شمال سيناء بمصر
ويوضح الأسيوطي أن التكتم على أهداف العملية والنتائج التي تحققت حتى الآن، يثير الشكوك حول النجاح الذي تحقق على أرض الواقع، لأن ما يتم الإعلان عنه من تصفية العشرات ممن تقول عنهم القوات المسلحة إنهم إرهابيون أو من أنصار تنظيم الدولة، وتدمير أوكارهم وسياراتهم، لا يعد نجاحا إذا ما تم مقارنته بعدد القوات المشاركة بالعملية، والأسلحة التي تم استخدامها، والتنسيق الأمني والعسكري الذي أجري مع إسرائيل.
ووفق رأي الخبير الاستراتيجي؛ فإن سمعة الجيش المصري أصبحت على المحك في هذه العملية، التي استنفدت كثيرا من طاقته وقوته، وكانت محل اختبار حقيقي، وبالتالي فإن فشل الجيش في إنهاء العملية رغم مرور عام عليها يضع الكثير من علامات الاستفهام حول إمكانية صموده ضد جيوش أخرى نظامية، تتفوق عليه في السلاح والتقنيات العسكرية.
ستار إسرائيلي
وعن التأثيرات السياسية للعملية؛ يؤكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق محمد جمال حشمت لـ "عربي21" أن أهداف العملية غير المعلنة، كشفها الواقع والتحركات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، موضحا أن تصريحات السيسي لقناة cbs الأمريكية، عن وجود تنسيق مصري إسرائيلي في العملية، يدعم كل المخاوف التي تحدثت عن وجود سيناء ضمن صفقة القرن المزعومة لتصفية القضية الفلسطينية.
ويضيف حشمت أن السيسي استخدم الجيش المصري لخدمة الأهداف الإسرائيلية، في خنق المقاومة الفلسطينية، وقطع طرق إمدادها بالسلاح، التي كانت تستخدمها من أجل مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، طبقا لما كشفه العديد من المسئولين العسكريين الإسرائيليين، الذين أكدوا أن محاربة تنظيم الدولة كانت ستارا لتدمير أنفاق المقاومة الفلسطينية ووقف عمليات وصول السلاح إليها.
ويلفت البرلماني السابق النظر لأحد النتائج الخطيرة لهذه العملية، وهي تغيير العقيدة العسكرية للمقاتل المصري، الذي تربى جيلا وراء جيل على أن عدوه الأول هو إسرائيل التي احتلت الأراضي المصرية والعربية، ولكنه الآن يتعاون مع عدوه، ضد أبناء شعبه بحجج مفضوحة، يتم تقديمها لمنح الإجرام الذي يحدث في سيناء غطاء شرعيا.
اقرأ أيضا: قصص مرعبة يرويها جنود مصريون من خط النار في سيناء
ويؤكد حشمت أن هناك أهدافا خاصة للسيسي من العملية؛ منها إشغال وإنهاك الجيش وقياداته في هذه الحرب، حتى لا يظهر على سطح الأحداث من يخالفه أو يعارضه أو يهدده، خاصة أنه كان يسير وفق خطة ممنهجة للتخلص من القيادات ذات التأثير داخل المؤسسة العسكرية، مثل محمود حجازي وصدقي صبحي وأحمد وصفي و أسامة عسكر، وباقي قيادات المجلس العسكري التي شاركته الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.