هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا كونفرسايشن" الأسترالي مقال رأي تحدث من خلاله الكاتب عن تفاصيل تجربة الطالب الأجنبي ماثيو هيدجز خلال الفترة التي قضاها في إحدى الجامعات الإماراتية، قبل أن يتم اعتقاله بتهمة التجسس لصالح دولة أجنبية، مسلطا الضوء على سياسة القمع التي تنتهجها الإمارات ضد حرية التعبير.
وقال الكاتب، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن الطلبة لا يتمتعون بالحرية الأكاديمية داخل الحرم الجامعي، حيث يعانون من رقابة مشددة على حساباتهم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي وسكايب. وتسعى الدولة إلى قمع أي تحرك للناشطين الحقوقيين وإخماده قبل أن يتحول إلى تحرك وطني ضد الحكومة.
وبين الكاتب أن قضية اعتقال طالب الدكتوراه من جامعة "دورهام"، ماثيو هيدجز، من قبل السلطات الإماراتية بتهمة التجسس، أماطت اللثام عن القيود المفروضة على الحرية الأكاديمية في هذا البلد الخليجي. ولكن هذه القضية ليست بالأمر الجديد على المراقبين الدوليين لشؤون ممالك الخليج النفطية.
وروى الكاتب أطوار زيارته إلى جامعة الإمارات العربية المتحدة التي امتدت على مدى أربعة أشهر، حيث انبهر بمدى تطور الجامعات في هذا البلد الخليجي. لكن، لكل هذه الامتيازات ثمن ألا وهو الحرمان من الحرية الأكاديمية. فغالبا ما يُحظر على الأكاديميين دخول البلاد لأنهم مصنفون من ضمن التهديدات الأمنية. كما تفرض السلطات الإماراتية الرقابة بشكل دوري على الفعاليات الأكاديمية والعلمية.
وأوضح الكاتب أن سعي السلطات الإماراتية إلى فرض قيود على الحرية الأكاديمية مدفوع بهوسها إلى تضييق الخناق على أي نشاط من شأنه أن يشكل تهديدا على السلطة أو أمن الدولة. فالدولة قلقة من الفوضى التي خلفتها مظاهرات واحتجاجات الربيع العربي، وستفعل كل ما في وسعها لمنع تصدير الثورة إليها. وتعد مواقع التواصل الاجتماعي من الفضاءات المتاحة على الإنترنت التي من شأنها أن تعزز الديمقراطية، ما يجعلها مثيرة للريبة بالنسبة للسلطات الإماراتية.
وأكد الكاتب أن قطر تمثل حاليا مصدر إزعاج بالنسبة للإمارات العربية المتحدة. وتتهم الإمارات قطر برعاية الإرهاب لزعزعة استقرار المنطقة. وقد أدت هذه الادعاءات إلى اندلاع أزمة دبلوماسية، وصلت إلى حد فرض عقوبات وحصار ضد قطر. وسعيا منها للإطاحة بخصمها، استنجدت الإمارات العربية المتحدة بحلفائها.
وأشار الكاتب إلى أن ماثيو هيدجز متهم "بالتجسس لصالح دولة أجنبية"، وتهديد "الأمن العسكري والاقتصادي والسياسي لدولة الإمارات". ويبدو أن البحث الذي يجريه ماثيو هيدجز حول تأثير الربيع العربي على الاستراتيجية الأمنية للبلاد قد أثار حفيظة السلطات الإماراتية. ويبعث اعتقاله رسالة قوية مفادها أن الدولة مستعدة لتضييق الخناق على حرية التعبير في الأوساط الأكاديمية.
ونوه هذا الأكاديمي المختص في العلوم الاجتماعية أن للتعليم في الإمارات العربية المتحدة غاية أخرى مختلفة عما يعتقده الكثيرون. فبدلا من التشجيع على تنمية الفكر النقدي، يقوم التعليم في الإمارات على منطق تكنوقراطي، حيث أنه يساعد المجتمع على حل المشاكل الاجتماعية والحفاظ على الوضع الراهن، وخاصة مكانة المرأة التقليدية في المجتمع. ولكن يبدو أن الدولة أقحمت نفسها في معركة خاسرة، لأن معدلات الزواج قد انخفضت مقابل ارتفاع نسبة الطلاق، مع مطالبة النساء بالتمتع باستقلالية أكبر. وفي هذه الحالة، ستكون حرية التعبير المسألة التالية التي سيخوض فيها الطلاب.
وذكر الكاتب أن الإمارات العربية المتحدة تمثل وجهة جذابة تستقطب الجامعات البريطانية التي تعاني ضائقة مالية. فخلال شهر أيلول/ سبتمبر مثلا، فتحت جامعة برمنغهام فرعا لها في دبي. ولكن تبقى معضلة الحرية الأكاديمية أمرا لا مفر منه بالنسبة لهذه المؤسسات التعليمية، حيث واجهت جامعة نيويورك في أبوظبي قضايا مماثلة منذ فتحت أبوابها سنة 2008.
وفي الختام، أكد الكاتب أنه تم فعلا حظر دخول بعض الأكاديميين البريطانيين لدولة الإمارات بسبب توجيههم انتقادات لهذه الدولة الخليجية. وكما تبينه قضية هيدجز، فإن إجراء بحث حول مواضيع حساسة يمكن أن تكون له عواقب وخيمة.