هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الإمارات العربية وإسرائيل تشعران بالخوف من تراجع سمعة الأمير محمد بن سلمان، الذي كان صعوده إلى السلطة منحة لإسرائيل.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ابن سلمان حاول وقف التأثير الإيراني، بل إنه شبه مرشدها الأعلى آية الله علي خامنئي بالزعيم الألماني النازي هتلر، بالإضافة إلى أنه لم يظهر اهتماما بالقضية الفلسطينية، ونظر إليه على أنه شخص قادر على فرض خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الطرف الفلسطيني.
وتستدرك الصحيفة بأنه على الرغم من أن السعودية لا تزال لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، إلا أن الأمير الشاب تحدث عن المصالح المشتركة بينهما.
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي تحاول فيه الرياض الآن دحض تهمة قيام ولي العهد بقتل الصحافي خاشقجي بطريقة بشعة، وهي الأزمة التي شوهت سمعته، فإن حليفيه الرئيسين، وهما الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، تخشيان من تداعيات الأزمة على خططهما وأولوياتهما.
وتبين الصحيفة أنه بالنسبة لإسرائيل فإن الاتهامات الموجهة لولي العهد، بأنه أصدر أمرا لقتل جمال خاشقجي، تركت أثرها، حيث يقول المحللون إنها جمدت وبشكل فعلي الدفع لبناء تحالف دولي ضد إيران وتأثيرها في المنطقة، الأمر الذي يعد الأولوية الأولى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وينقل التقرير عن السفير الأمريكي السابق لإسرائيل دانيال شابيرو، قوله": "أنت بحاجة إلى السعودية لتكون في مركز التحالف"، وأضاف: "من غير المحتمل أن تجد الآن أي عضو في الكونغرس أو زعيما أوروبيا مستعدا للجلوس مع ولي العهد للمشاورة".
وتذكر الصحيفة أن ما زاد من الضغط على ولي العهد هو التسريبات المتكررة التي صدرت من تركيا، وكان آخرها الكشف عن شبيه أرسل إلى القنصلية ليرتدي ملابس الصحافي القتيل والخروج من الباب الخلفي للقنصلية، ما أثار شكوكا بشأن التفسير السعودي عن مقتله، لافتة إلى أن الرواية السعودية تقول إن خاشقجي قتل بطريق الخطأ، فيما يشير ظهور الشخص إلى أن العملية مخطط لها منذ البداية.
ويجد التقرير أن التغيرات المستمرة في الرواية السعودية أسهمت في عرقلة جهودها لاحتواء الأزمة، وفي كل مرة كان يقدم فيها السعوديون تفسيرا يأتي تسريب تركي ليشوش عليهم ويثير شكوكا، مشيرا إلى أن هذا كله يزيد من تشويه صورة المملكة، وبالضرورة سمعة محمد بن سلمان، المعروف بـ"أم بي أس".
وترى الصحيفة أن ضررا دائما على السعودية سيترك أثاره على كامل المنطقة، وسيؤثر على النزاعات في ليبيا واليمن، وسيعقد من جهود إدارة ترامب في الضغط باتجاه السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبناء تحالفات متعددة ضد.
ويورد التقرير نقلا عن الباحثة في "تشاتام هاوس" في لندن لينا الخطيب، قولها: "ما نراه في المنطقة هو تعبيرات للتضامن مع السعودية، إلا أنها تخفي وراءها المخاوف الحقيقية بين حلفاء السعودية بشأن ديمومة النظام الحالي وما تسببه تصرفاته من أثر على المنطقة".
وتفيد الصحيفة بانه لا توجد دولة عربية مرتبطة بالسعودية أكثر من الإمارات العربية المتحدة، فاعتقد قادة هذه الدولة أنه يمكن من خلال الحصول على نفوذ مع أثرى دولة عربية الاستفادة منها لتمرير مصالحهم، وتقاتل الإمارات العربية إلى جانب السعودية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران، وتبحث عن أماكن أخرى لمواجهة إيران، كما تعاون البلدان للإطاحة بنظام الإخوان المسلمين في مصر، وتدخلا في ليبيا، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي يحدث فيه الضرر لسمعة السعودية فإن الإمارات لديها الكثير مما ستخسره لو تخلت عنها.
ويورد التقرير نقلا عن المحلل في شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية إميل هوكاييم، قوله: "بالنسبة للإمارات فإن الشراكة مع السعودية استراتيجية، واستثمرت بشكل كبير في (أم بي أس).. لهذا فهو ليس أي استثمار يمكن التخلي عنه، وفي الوقت ذاته فإن التداعيات على سمعة السعودية أصبحت واضحة، وطريقة إدارة هذا هي القضية الآن".
وتبين الصحيفة أنه في الوقت ذاته فإن تشويه سمعه ولي العهد كان نعمة لأعداء المملكة ممن يدعمون الإسلام السياسي ومن يتحالفون مع إيران، مشيرة إلى أن السعودية والإمارات قامتا بفرض حصار على قطر، جارة السعودية الثرية، فيما قامت قطر بتوجيه الضربة منذ اختفاء خاشقجي، حيث أطلقت العنان لإعلامها وقناتها الفضائية "الجزيرة" لنشر التفاصيل المتعلقة بمقتله كلها.
ويشير التقرير إلى أن تركيا انتفعت من القضية، حيث استخدم نظام أردوغان هذه القضية ليؤثر على سمعة محمد بن سلمان، فمن خلال السماح للأجهزة الأمنية بتسريب التفاصيل بشأن مقتل خاشقجي، جعل أردوغان من القصة حية ولمدة طويلة، وزاد من الضغط على الرياض وواشنطن للبحث عن حل، ولم يقدم أي منهما شيئا.
وتنقل الصحيفة عن المسؤول السابق في "سي آي إيه" ثاد تروي، قوله: "الأتراك مضطرون الآن للكشف عنها" أي القضية، وأضاف أن "الأتراك سيستفيدون منها، وجر (أم بي أس) قدر ما يستطيعون في العملية".
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي رحبت فيه تركيا وقطر والإسلاميون بفرصة توجيه ضربات لاسم محمد بن سلمان، فإن الإيرانيين راقبوا بهدوء، وركزوا على الاستراتيجية طويلة الأمد، كما تقول راندا سليم، من معهد الشرق الأوسط، فهم لا يحبون أكثر من رؤية انهيار للتحالف الأمريكي السعودي، وتضيف سليم: "يعتقد الإيرانيون إنه إذا تخلى الأمريكيون عنه فإنه سيتحول نحو روسيا وإلى الصين، وسيصبح في محورنا.. هذا حلمهم طويل الأمد، وهو نزع السعودية من المشروع الأمريكي الصهيوني".
وبحسب الصحيفة، فإن المحور الإيراني، الذي يضم حزب الله وسوريا والقوى العراقية، لا يرى أي حاجة لإضافة تداعيات جديدة لمحمد بن سلمان، وتقول سليم: "عندما ترى عدوك يدمر نفسه، فلماذا تحتاج لعمل شيء؟.. كل ما يفعلونه هو الجلوس والاستمتاع".
ويستدرك التقرير بأن الدول الصغيرة والفقيرة في المنطقة، مثل الأردن والكويت ومصر، فإن أكثر الطرق سلامة هو التعبير عن التضامن لحليفهم السعودي، أو الصمت حتى تمر العاصفة، لأنه لا خيار أمامها.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول المحلل الإماراتي عبدالله عبد الخالق: "أعتقد أنه لا يمكن الاستغناء عن ابن سلمان، ومن المؤمل أن يخرج من هذه الأزمة أكثر نضجا"، وأضاف أنه "لا مفر إلا التعامل معه، وسيظل موجودا، ويثق به الملك، وعلينا القبول أن محمد بن سلمان هنا ليبقى".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا