هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استهجن "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" استمرار تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي في استخدام القوة العسكرية المفرطة ضد المتظاهرين على حدود قطاع غزة، مشيراً إلى أن غزة فقدت 205 أشخاص خلال مئتي يوم منذ بدء ما عرف بـ "مسيرات العودة" في الـ 30 من آذار/مارس الماضي، بمعدل حالة واحدة يومياً على الأقل، فيما سجل المرصد إصابةً واحدةً بين كل 100 غزي "وهو ما يستدعي من المجتمع الدولي أخذ خطوات حاسمة لوضع حد لاستنزاف الغزيين وحمايتهم ومحاسبة الاحتلال".
متظاهرون مدنيون
ولفت "الأورومتوسطي"، في تقرير له اليوم، إلى أنه بالرغم من أن المتظاهرين هم في معظمهم مدنيون عُزّل ولم يشكلوا في معظم الأحوال خطراً حقيقياً، إلا أن القوات الإسرائيلية واجهتهم بالقوة المفرطة واستهدفتهم بالرصاص الحي والمتفجر بالإضافة إلى قنابل الغاز السام والمسيل للدموع، مسببة حالات اختناق وإعاقات بين المدنيين، منها 69 إعاقة دائمة، من بينهم 14 طفلاً، وفقاً لأحدث إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية.
وأضاف المرصد الحقوقي الدولي، الذي يتخذ من جنيف مقرا رئيساً له، أن تعامل القوات الإسرائيلية مع المتظاهرين واستخدام القوة المفرطة تجاههم يخالف مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث إنه رغم السمة السلمية التي سادت معظم الفعاليات، فقد قتلت قوات الاحتلال 205 أشخاص بينهم خمس نساء و38 طفلاً، فيما أصابت 22,527 آخرين، 18% منهم من الأطفال.
ارتفاع الوفيات
وحذر الأورومتوسطي من تفاقم معاناة المصابين وارتفاع حصيلة الوفيات بسبب ضعف البنية التحتية الصحية في قطاع غزة في ظل النقص الحادّ في الأدوية والمعدات اللازمة لإجراء العمليات الجراحية وتقديم العلاج للمصابين، مع استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سياسة الحصار وتفاقم ما عرف بالعقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة بسبب استمرار حكم حركة حماس.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أن استهداف قوات الاحتلال للغزيين طال كافة الفئات بما في ذلك الطواقم الطبية والصحفية، حيث قتلت القوات الإسرائيلية منذ بدء التظاهرات ثلاثة من الكوادر الطبية وأصابت 409 آخرين بالرصاص الحي والقنابل المسيلة بالدموع، بالإضافة إلى استهداف 84 سيارة إسعاف ومهاجمة المقرات الطبية الميدانية بشكل مباشر باستخدام قنابل الغاز.
وإلى جانب الطواقم الطبية، فقد قتلت قوات الاحتلال الصحفيَّين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، أثناء تغطيتهما الصحفية للأحداث، وأصابت أكثر من 112 صحفياً ومصوراً بأعيرة نارية وشظايا وبقنابل الغاز، منهم 18 صحفيا أصيبوا أكثر من مرة بشكل متكرر، بالإضافة إلى خمس صحفيات.
رصاص حي
ونوّهت المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي "سارة بريتشيت" إلى أن نصف الأشخاص الذين أصيبوا تعرضوا للاستهداف بالرصاص الحي، بالإضافة إلى تسجيل 449 إصابة بالرصاص المتفجر، "الأمر الذي يشي بتعمد جنود الاحتلال إحداث أكبر ضرر ممكن للمدنيين".
وقالت بريتشيت: "من الواضح أن جنود الاحتلال أخذوا ضوءا أخضر للاستمرار في استهداف الغزيين في ظل عدم قيام المجتمع الدولي باتخاذ خطوات ملموسة لوقف الاستنزاف المؤسف للغزيين على كل الصعد".
وواصلت: "لا يمكن بحال تبرير استهداف المدنيين الذين يمارسون حقهم في التجمع السلمي والذي كفلته لهم المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أن الاحتلال الإسرائيلي باستهدافه لهؤلاء المتظاهرين ينتهك الحماية المقررة لهم -كمدنيين- طبقاً للمادة الثالثة من اتفاقية جنيف الرابعة، التي حظرت الاعتداء على الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية".
وأكدت بريتشيت على أن استهداف الطواقم الطبية والصحفية يخالف كذلك معايير القانون الدولي الإنساني وتحديداً المادتين 15 و79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، واللتان نصتّا على وجوب احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية والصحفية والمدنيين.
يشار إلى أن المسيرات الشعبية التي انطلقت على حدود قطاع غزة والمستمرة منذ 29 أسبوعاً جاءت بحسب منظميها رداً على استمرار سياسة العقاب الجماعي ضد المواطنين في القطاع وللمطالبة برفع الحصار الجماعي عن السكان، بالإضافة إلى المطالبة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، والمكفول لهم وفق القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في نهاية تقريره المجتمع الدولي إلى تشكيل ضغط جدي وحاسم من أجل وضع حد لاستهداف المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة والعمل على حماية حقهم في التظاهر السلمي فضلاً عن رفع الحصار عن ما يزيد على مليوني مواطن غزيّ.
ودعا الأورومتوسطي لجنة التحقيق وتقصي الحقائق ـ والتي شُكّلت بطلب من مجلس حقوق الإنسان للتحقيق في الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق المتظاهرين ـ إلى الاستعجال في رفع تقريرها إلى الجهات المعنية والبناء عليها لمحاسبة المسؤولين عن مقتل المدنيين في القطاع.