طرحت دعوة حركة "
فتح"، المجلس المركزي
الفلسطيني، حل
المجلس التشريعي
وإجراء
انتخابات العامة، العديد من التساؤلات والشكوك حول جدية هذه الدعوة وتداعياتها
في ظل الواقع الفلسطيني المأزوم.
دولة حبيسة
وخلال اجتماع المجلس الثوري لحركة "فتح" الأحد، أصدر رئيس السلطة
الفلسطينية وزعيم حركة "فتح"، محمود عباس، قرارا يقضي بدعوة المجلس المركزي
الذي يفترض أن يعقد نهاية الشهر الحالي، اتخاذ ما يلزم لحل المجلس التشريعي الفلسطيني
وإجراء الانتخابات العامة.
وفي قراءته لخطوة حركة "فتح"، أكد الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني،
أن دعوة المجلس الثوري لـ"فتح"، هي "تهيئة للرأي العام الفلسطيني، لتمرير
قرارات قاسية، تشكل انقلابا دستوريا على القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام
2005، ولا سيما المتعلق بالمجلس التشريعي كون أن المجلس سيد نفسه".
ونوه في حديثه لـ"
عربي21"، أن "المادة 46 مكرر تتحدث أن صلاحية
المجلس التشريعي تنتهي عندما يؤدي اليمين الدستوري المجلس الجديد".
وأضاف: "هذه الدعوة تعطي مؤشرا على أن رئيس السلطة ماض في اتجاه خطوات
العقوبات على غزة، التي من الممكن أن تأخذ مسارات مختلفة تؤدي إلى فصل غزة عن المشروع
الوطني، مقابل تسهيلات من دول إقليمية وأممية تملأ الفراغ، وصولا إلى إنهاء ملف غزة
بشكل كامل، وتذهب الضفة في كونفدرالية مع الأردن أو تبقى كدولة حبيسة".
وقال: "نحن أمام مؤامرة كبيرة على القضية الفلسطينية".
وأما فيما يتعلق بالدعوة إلى الانتخابات، "إذا صدقت النوايا، ومع ما قدمته
حماس من رؤيا لمصر حول الانتخابات، ربما تكون مدخلا للحل أو لأزمة جديدة في النظام
السياسي الفلسطيني"، مضيفا: "إذا كانت الأزمة أقل من الواقع الحالي، فستكون
ممرا إجباريا لإنهاء حال التفرد في القرار الفلسطيني؛ سواء من طرف فتح أو حماس".
"خطوة تصعيدية"
وحول خطوة "فتح" التي تأتي قبيل زيارة وزير المخابرات المصرية عباس
كامل للمنطقة، ذكر الكاتب، أنها "استباق لجهود الوزير كامل، الذي تبذل بلاده جهودا
مضنية في سبيل الوصول لتوافقات وطنية، قد تتضرر بفرض عقوبات على غزة، خشية أن ينفجر
الشعب الفلسطيني المحاصر في وجه الاحتلال أو نحو مصر كونها دولة عربية شقيقة".
وتابع: "لهذا تتحسب مصر لهذه النقطة بشكل كبير، وتعمل على ردم الهوة
بين فتح وحماس عبر بذل مزيد من الجهود لتحقيق المصالحة الفلسطينية؛ التي تتجسد بزيارة
الوزير كامل أو وفد من جهاز المخابرات رفيع المستوى إلى غزة خلال أيام".
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية، هاني البسوس، أن قرار عباس، هو
"خطوة تصعيدية ستلقي بظلال سلبية على الوضع السياسي الفلسطيني، رغم أنها مجرد
دعوة قد لا بتبعها أي إجراء".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن هذه الخطوة "مؤشر على أن
المجلس المركزي قد يعطي تفويضا لرئيس السلطة لاتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية ضد
غزة، إلا أن هناك ضغوطا مصرية على السلطة بعدم المضي في هذه الإجراءات".
وحول التوجه نحو حل المجلس التشريعي، لم يستبعد البسوس، اعتبار المجلس المركزي
"بديلا عن التشريعي دون اللجوء إلى حل التشريعي، باعتبار أن منظمة التحرير الفلسطينية
هي مرجعية السلطة الفلسطينية؛ وهذا ما سيستند عليه أبو مازن الذي لا يعترف بكيانية
حماس السياسية".
وحول تداعيات توجهات حركة "فتح" على المصالحة الفلسطينية عشية
وصول مدير المخابرات المصرية، ذكر أستاذ العلوم السياسية، أن "محاولات المصالحة
لن تتوقف رغم سوء العلاقات بين الطرفين (مصر وعباس)، وسبب ذلك، كي يتهرب (عباس) من
الاتهام بتعطيل مسار المصالحة المتوقفة".
مواجهة عسكرية
ولفت أن "هناك تهويلا بشأن الإجراءات العقابية القادمة، في حين من الصعب
على مصر وإسرائيل ترك الأمور تسير بهذا الاتجاه، الذي من شأنه أن يدفع نحو مواجهة
عسكرية قريبة"، منوها إلى أن "إسرائيل كدولة احتلال تريد إبقاء الوضع في قطاع
غزة على قيد الحياة، دون تحسن أو تدهور الوضع الإنساني".
من جهته، رأى الكاتب والباحث السياسي منصور أبو كريم، أن ما صدر عن المجلس
الثوري، "يمثل بداية لمسار جديد تتبنى فيه حركة فتح خيار الانتخابات والعودة للشعب
بعد فشل كل جهود المصالحة، خاصة أن المجلس المركزي هو من أصدر قرار إنشاء السلطة عام
1994".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن "هذا التوجه من قبل فتح، يؤكد
وصولها لاستنتاج استحالة تحقيق المصالحة في ظل إصرار حماس على استمرار حكم قطاع غزة،
ومن ثم تبنى خيار الانتخابات لكي يكون الشعب هو الحكم والفيصل في العلاقة بين الحركتين"،
وفق قوله.
وحول تداعيات الخطوة الفتحاوية، نوه أبو كريم إلى أنها "بكل تأكيد ستنعكس
على العلاقة المتوترة أصلا ما بين حركتي فتح وحماس، ويمكن أن تعمق الانقسام"،
معتبرا أن "الانتخابات العامة تحت إشراف دولي وعربي، قد تكون أحد الحلول الممكنة
للخروج من المأزق".
وأضاف: "لكن إجراء الانتخابات يتطلب حدا أدنى من التوافق حول الجهة
المشرفة على الانتخابات وموعد انعقادها، وإنهاء حالة التوتر السياسي والإعلامي في الساحة
الفلسطينية، وهو أمر مفقود حتى الآن".